الرئيسيةعيون

منع حفتر لاجتماع الحكومة في بنغازي.. عودة للتمرد (تحليل)

الأناضول-

يُعدُّ منع مليشيات اللواء الليبي المتقاعد خليفة حفتر، أعضاء حكومة الوحدة الوطنية من الاجتماع في مدينة بنغازي (شرق)، أول خطوة عملية للتمرد على السلطة التنفيذية الجديدة، وعرقلة إجراء الانتخابات في موعدها.

مليشيات حفتر، اعتبرت في بيان صادر في 27 أبريل، أنه لا يربطها بحكومة الوحدة الوطنية، التي وصفتها بـ”المؤقتة” أي رابط “سواء خدميا أو سياديا وحتى على مستوى التواصل”.

وهذا التصريح الخطير، يعني أن مليشيات حفتر لا تخضع لحكومة الوحدة برئاسة عبد الحميد الدبيبة، الذي يتولى أيضا وزارة الدفاع، ولكنها في نفس الوقت لديها وزراء ووكلاء وزارات في الحكومة.

ووجهت مليشيات حفتر، إساءة لحكومة الوحدة، عندما اشترطت عليها التنسيق مع وزارة الداخلية في بنغازي، للحماية والتأمين، إذا أرادت زيارة المدينة مجددا، وكأن هناك وزارة داخلية أخرى غير تلك الموجودة في طرابلس بقيادة الوزير خالد المازن.

لكن أكثر ما أثار حفيظة ناشطين في الغرب الليبي، وصف مليشيات حفتر، لعناصر حماية ومراسم الحكومة بأنهم “من مدن تسيطر عليها المليشيات والفوضى”، بل وقامت بمنعهم من النزول في مطار بنينة ببنغازي، ما أدى إلى إلغاء زيارة أعضاء الحكومة إلى المدينة، في 25 أبريل.

وحتى وإن حاول حفتر تبرير موقفه، الذي يجعله خارج مظلة الشرعية، بإبداء استعداده المشروط بالسماح للحكومة عقد اجتماعها في مناطق سيطرته تحت حماية مليشياته فقط، إلا أنه قدم مؤشرا على صعوبة إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في 24 ديسمبر المقبل، قبل إيجاد حل لعدم خضوعه للمجلس الرئاسي وحكومة الوحدة.

** حفتر يرغب في إخضاع الحكومة

يسعى حفتر، عبر عرقلة اجتماع حكومة الوحدة في بنغازي، إلى إخضاعها لنفوذه والضغط عليها لابتزازها في عدة ملفات، والتأكيد على أنه الآمر الناهي في عاصمة الشرق الليبي، وأنه لا يمكن لأي وزير التحرك فيها إلا بموافقته وتحت إشراف مليشياته.

وحتى الآن لم يزر الدبيبة، حفتر في مكتبه بمنطقة الرجمة بضواحي بنغازي، كما كان يفعل رئيس الحكومة المؤقتة السابق عبد الله الثني أو غيره من مسؤولي الشرق، حتى وإن كانوا أعلى درجة منه في سُلم المسؤولية.

فحفتر يرى نفسه فوق الجميع، وينظر إلى حكومة الوحدة بأن دورها مؤقت، ويقتصر على توفير الخدمات للمواطنين، وتحضير الانتخابات التي بدأ يستعد لدخولها والفوز بها بكل الطرق، خاصة في ظل هيمنة مليشياته على مناطق واسعة في الشرق والجنوب.

ويتعامل حفتر في مناطق سيطرته كحاكم مطلق لدولة داخل دولة، ويحاول تكرار نفس سيناريو ابتزاز حكومة الوفاق التي كان يقودها فائز السراج (2016-2021) للحصول منها على تنازلات وتضحيات قاسية قبل أن يحاول إسقاطها عسكريا في هجومه الفاشل على طرابلس (2019-2020).

وهناك من شبّه “ظاهرة حفتر” بـ”حزب الله” اللبناني، المشارك في الحكومة المركزية لكنه يملك السيطرة المطلقة على الجنوب اللبناني، بل وحتى على الضاحية الجنوبية لبيروت.

فبعد أسابيع من جس النبض واختبار ردة فعل الحكومة الجديدة والمجتمع الدولي، من خلال إجراء مناورات ونقل أرتال عسكرية من الشرق إلى الجنوب دون إذن المجلس الرئاسي بصفته القائد الأعلى للجيش، وتقديم مشاريع عقارية خيالية دون إذن الحكومة.. انتقل حفتر إلى مرحلة ثانية من فرض الأمر الواقع، بعرقلة عمل الحكومة والتنصل من تعهداته تجاهها.

** المجلس الرئاسي يتحرك

رئيس حكومة الوحدة فضل عدم تصعيد الأمر مع حفتر، وحاول استيعاب الموقف، من خلال التأكيد بأن حكومته ستزور بنغازي قريبا “ولن نترك بعض العقبات الصغيرة تعوق خدمات كل الليبيين”.

وفي إشارة إلى حفتر، قال الدبيبة، “هناك من لم يستوعب أن أمامنا فرصة تاريخية للعمل على تأسيس دولة حقيقية”.

ولفت الدبيبة، إلى أنه تم توحيد جميع مؤسسات البلاد، باستثناء المؤسسة العسكرية.

وكان من المتوقع أن يلتقي الدبيبة بحفتر، في بنغازي، لمناقشة مسألة توحيد الجيش، بحسب ما أشار إليه السفير الأمريكي لدى ليبيا ريتشارد نورلاند، قبل أن تلغى الزيارة.

لكن تصريحات نائب رئيس حكومة الوحدة إبراهيم أبو جناح (من الجنوب)، كانت أكثر وضوحا، حيث اعتبر، في تدوينة له، منع مليشيات حفتر انعقاد اجتماع الحكومة في بنغازي بأنه سعي “لاستمرار حالة الانقسام السياسي، وتفكك الدولة، وابتزاز مؤسساتها”.

من جانبه، توجه رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي، إلى مدينة سرت (450 كلم شرق طرابلس) للاجتماع مع أعضاء اللجنة العسكرية (5+5) المكلفة بتوحيد المؤسسة العسكرية، وفتح الطريق الساحلي بين الغرب والشرق.

لكن على ما يبدو لم تكلل جهوده بنتائج مرضية، مع رفض مليشيات حفتر سحب مرتزقة فاغنر والجنجويد من قاعدتي القرضابية (سرت) والجفرة الجويتين، كما لم تقم بإزالة الألغام في المنطقة.

ومن سرت طار المنفي إلى مسقط رأسه في مدينة طبرق (شرق) للقاء عدد من المسؤولين المحليين والأعيان والحكماء في المنطقة الشرقية، الذين من الممكن أن يلعبوا دورا في إقناع حفتر بالتوقف عن عرقلة عمل الحكومة في مناطق سيطرته، وتسهيل مهمة لجنة 5+5 المشتركة لتوحيد الجيش، واحترام سلطة المجلس الرئاسي، القائد الأعلى للجيش.

لكن الغريب أن مجلس النواب، لم يدل بأي موقف مندد بعرقلة حفتر لعمل حكومة الوحدة، وتجاوزه لسلطة المجلس الرئاسي، بينما يخوض النواب الموالون لحفتر معركة أخرى ضد حكومة الدبيبة عنوانها “موازنة الدولة”.

وكذلك الأمر بالنسبة للمجتمع الدولي وعلى رأسه الولايات المتحدة الأمريكية، التي أجرى سفيرها نورلاند اتصالا هاتفيا برئيس مجلس النواب الليبي عقيلة صالح، لتشجيعه على “إيجاد قاعدة دستورية وقانونية لتسهيل هذه الانتخابات”.

ويشكل عدم وجود ضغط قوي من المجتمع الدولي ومن أعيان قبائل الشرق على حفتر ومليشياته، رسالة تشجيع على تماديه في ابتزاز الحكومة وتجاوز صلاحيات المجلس الرئاسي، ما قد يهدد المسار الانتخابي الذي تحرص عليه الأمم المتحدة والمجتمع الدولي، ويكرس الانقسام، وقد يقود إلى مواجهات عسكرية إذا لم يتم احتواء مليشيات حفتر وإخراج مرتزقة فاغنر والجنجويد من البلاد.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى