الرئيسيةالراي

رمضان والتلفزيون.. تهريج وخدش للحياء دون إفادة واستفادة

* كتب/ خالد الجربوعي،

هل شهر رمضان المبارك بكل ما فيه من خير ورحمة وبركة، وطبعا معاناة وخاصة بشرية واجتماعية واقتصادية، وصولا إلى تلفزية، وهذا هو محور موضوعنا هنا، فهذا الشهر تحول ومنذ عقود إلى موسم رئيسي للإنتاج التلفزيوني، وأصبحت الشركات المنتجة والقنوات وكل من له علاقة بالفن، وبكل أنواعه تعتبر هذا الشهر هو أهم موسم بالنسبة لها.

فلقد تحول التلفزيون في هذا الشهر إلى تقديم ليس فيه المتعة والإفادة، ولكن التهريج والملل، وطبعا الأمر يتعلق بالمشاهد العربي عامة والليبي خاصة، وتنقسم أهم البرامج التلفزية في هذا الشهر إلى أربعة أساسية تبدأ بالدراما والمسلسلات ثم برامج ما يعرف بالكاميرا الخفية تحت تسميات مختلفة، فبرامج المسابقات أو بالأحرى الجوائز، فلا مسابقات ولا إفادة، فهي مجرد جوائز يراد توزيعها طبعا بعد تحقيق أرباح من ورائها تقدر بعشرات الآلاف، بل وقد تصل إلى الملايين، وتوزع منها المائات أو بضعة آلاف، نهاية بالمطابخ وبرامجها والتي أصبحت جزءا هاما من هذا الشهر، وكأن العرب عامة والليبيين خاصة لا يهمهم إلا بطونهم وما يدخلها، فأصبحت هذه البرامج تملأ الشاشات من الطباخين رجالا ونساء لا حد ولا نهاية لهم.

فالمسلسلات أصبح هم كل ممثل حتى من لم يكن له علاقة بالدراما التلفزيونية تحول في السنوات الأخيرة إليها لكسب مزيد الشهرة والمال، قبل كل شيء ولو بتقديم مسلسلات لا معنى لها ولا قيمة، مجرد تهريج دون حتى ترابط بين حلقاتها أحيانا فقط مجرد ملء الشاشة والاتكاء على أسماء النجم أو النجوم لا أكثر ولا أقل، وحتى المسلسلات الدينية تحولت إلى بحث عن الصورة والإثارة أكثر منه تقديم المضمون والحقيقة التاريخية كما كان يحدث في مسلسلات قديمة لا تنساها الذاكرة منها “محمد رسول الله”، “المفسدون في الارض”، “فرسان الله”، “ليلة سقوط غرناطة”، وغيرها من مسلسلات كانت لها قيمتها في زمانها وقدمت الاستفادة الحقيقية وليس كما يحدث الآن.

أما برامج الكاميرا الخفية والتي تحولت إلى وسيلة رخيصة للحصول على الضحك من خلال تهريج ورعب واشتباك إلى آخر القائمة، ولو تطلب ذلك أكثر من الوقت اللازم لمدة هذه البرامج التي يفترض أن تكون خفيفة سريعة لا ثقيلة مملة أطول من المعقول من أجل كسب بعض الضحك ولو قسرا، وعلى حساب القيمة والمعنى وحتى الإنسان المهم أن يحاول من يروجها أن يخرج الضحكة من المشهد الذي أصبح الملل يتسرب إليه من جل هذه البرامج أكثر من الضحك.

أما المسابقات فلا قيمة لها ولا معنى، حتى صار بعض الفائزين يقومون بأعمال قد تحرجهم حتى على مستوى حياتهم وإنسانيتهم وقيمتهم، من أجل بعض الدنانير المدفوعة لهم هذا بشكل عام.. أما على المستوى المحلي فالأمر أصبح أكثر تهريجا ومللا فلقد انتهت تلك البرامج التي كانت تقدم الابتسامة الحقيقية والنقد الجميل في قالب ممتع، يجمع حوله العائلة وخاصة على مائدة الإفطار، كما كان الحال في عقود ماضية ذهبت بخيرها وجمالها وبرامجها الرمضانية الممتعة والبسيطة لتتحول اليوم إلى موجة من التهريج تدخل علينا برامج فاقدة لكل قيمة تحتل الشاشة من شخوص لا علاقة لهم بالتلفزيون، فقط من أجل ملء فراغ هذه الشاشات وساعات بثها الطويلة، وزاد الأمر مع كثرة القنوات وزيادة عددها والذي جعلها تبحث عن الكم لملء شاشتها أكثر من القيمة والأهمية حتى أصبح ما يقدم عبرها يفرق العائلة لا يجمعها كما في الماضي.

فطبعا بالنسبة للمسلسلات المحلية لا يمكن الحديث عنها لأنه لا وجود لها أصلا منذ زمن طويل، ولم يعد له أي وجود حتى لو حول البعض تقديم مسلسل من حين لآخر، ولكنه يبقى لا قيمة له ولا أهمية، ولا يمكن اعتبارها دراما تستحق المشاهدة أصلا..

أما برامج الكاميرا الخفية وبمختلف تسمياتها محليا فقد تحولت إلى وسيلة رخيصة كما قلت لاكتساب الضحك، من خلال شخوص وطريقة لا معنى لها ولا قيمة في محاولة لإضحاك الآخرين بأي طريقة وأي وسيلة، حتى لو كانت على حساب البشر وآدميتهم، بل وأحيانا صحتهم وحياتهم، من خلال طرق ووسائل لا توصف إلا برخص واستهتار من قبل من يقفون وراءها أو يقدمونها عبر شاشاتهم.

أم برامج ما يسمى بالمسابقات وهي منها براء، ويمكن تسميها بالجوائز التي تمنح جزافا بعد تحويل من يتحصل عليها إلى أضحوكة قد تفقده قيمته البشرية من خلال قيامه بتصرفات وأفعال تدل على قيمة من يقف خلف هذه البرامج من مقدمين وصولا إلى من يقوم بها من أجل جائزة من هنا أو هناك، لا تساوي 1% مما فقده من احترامه وقيمته الشخصية، وطبعا لا ننسى ما تقدمه شركات الاتصالات من أموال بعد أن تفضح من تحصلوا عليها لتقدمهم وكأنهم متسولين أكثر مما تسميهم بفائزين طبعا، بعد أن تكون هي تحصلت من ورائهم على الملايين من خلال بيع كروتها واستمرار اتصالاتها بشكل يفوق المعتاد بكثير، لتقدم لهم جزءا زهيدا لا يساوي شيئا أمام ما كسبته من ورائهم، بعد أن تفضحهم وتلتقط لهم صور التسول وهم يستلمون ما تقدمه لهم باسم الجوائز.

وهكذا هو رمضان بالنسبة لهؤلاء أصبح وسيلة للتهريج والسخرية لا للإفادة والاستفادة، فهل بعد كل هذا يمكن القول أن مشاهدة القنوات لها قيمة في مثل هذا الشهر الكريم.

للكاتب أيضا: 

رأي- من يدعم من..؟!

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى