الرئيسيةالراي

رأي- بوادر حرب دولية باردة ساخنة في ليبيا

* كتب/ إبراهيم قرادة،

لا خروج قريب للعسكر الأجنبي، وخريف مغبر، وليس هناك غير الله من مغيث.

مسائل تافهة يتم إلهاء الليبيين بها من قبل المرموقين المستحوذين، ويتم خلالها تمرير وتوثيق تقاسمات ما تبقى من الرزق الليبي في وطن مهدد في وجوده ومصيره، تمامًا كتناطح الكباش على النعاج في حظيرة المذبحة.

أمس مدد مجلس الأمن الدولي عمل البعثة الاممية لنهاية شهر سبتمبر فقط، بدلًا من سنة كما هو المفترض والمنتظر والمعتاد.

وكنص مترجم، (روسيا رفضت قرار التمديد الاصلي الذي أعدته بريطانيا حين أصرت على أن أي انسحاب للقوات الأجنبية من ليبيا يجب أن يكون ويتم دون أن يهدد ويعرض توازن القوى في ليبيا للخطر والاختلال)؛ مما يعني لا انسحاب قريب ولا انسحاب بدون توافق دولي خارجي، أي أن لا دور ليبي في ذلك. [

During the last Security Council debate on Libya, Russia insisted that any withdrawal of foreign troops should be handled so as not to jeopardize the balance of power in the country.

يأتي هذا التطور في خضم تكثيف التحالف الأمريكي-البريطاني، والذي آخره اتفاق “أوكوس”/Aukus بين بريطانيا وأمريكا واستراليا والموجه ضد التمدد الصيني في المحيطين الهادي والهندي، غير أنه كان ضربة أقرب للصفعة أو الطعنة في وجه فرنسا، ليس عبر إلغاء أستراليا لصفقة غواصات مع فرنسا بقيمة 65 مليار دولار، بل باستبعاد فرنسا من الاتفاق الانجلوسكسوني، رغم الحضور الفرنسي في المحيطين الهندي والهادي، كأنه تقزيم لفرنسا في نطاق البحر المتوسط والغرب الأفريقي، وهو وجود مرهق من الصعود التركي والتنافس الإيطالي والتمدد الروسي والاضطرابات الإفريقية، في استعادة للتناكف الأنجلو-فرانكوفوني المزمن.

وهذا ينقلنا إلى جناحي التحارب الدولي في ليبيا وحولها.

فمعروف أن تكتل حفتر/عقيلة المتمركز في شرق ليبيا يحظى بدعم فرنسي وروسي وإماراتي ومصري، أبرز تمظهراته وجود “الفاغنر” الروسية في منتصف وقلب ليبيا، مما يقسم ليبيا جيوسياسيا إلى شرق وغرب بينهما منطقة روسية عازلة، مدعمة بخط أحمر سياسي نقطته مدينة سرت أعلنته مصر، ووافق عليه السيد أحمد معيتيق، عندما كان نائبًا لرئيس المجلس الرئاسي.

ويقابله حضور تركي في غرب ليبيا مركزه قاعدة الوطية في أقصى الغرب الليبي، مسنود باتفاق رسمي، ومدعوم بشكل ما من أمريكا وبريطانيا وإيطاليا.

في حين الجنوب (وبالأخص فزان) فهو المنطقة الرخوة والمهددة الآن، والأكثر عرضة للأخطار، ليس بسبب الانقسام الليبي الليبي فقط، وإن كان الأساس، وإنما كذلك الطموح الروسي، والارتباك الفرنسي القابع في حذاء نابليون، وأيضا مسائل الهجرات الجماعية والحروب القبلية والعرقية، والجفاف والتصحر والعطش والفقر، مما يجعل فزان المجال لتسوية تلك الاختناقات والتناقضات في وضع ديموغرافي مختل تستغله كذلك الأطراف المتصارعة الليبية بقصر نظر وأنانية مفجعة وصادمة لأي مستوى عقلي. وهنا وجب متابعة التفاعل الفرنسي، المجروح في هيبته.

في حين أن حكومة الوحدة الوطنية، تتجه إلى أن تكون أقرب لدور إداري “خالي الدسم السياسي” شبيه بدور السلطة الفلسطينية في رام الله، في استنساخ لحكومة الوفاق السابقة، فوصفة جنيف لا تختلف عن وصفة الصخيرات، سواء في التكتيك والتمرير والإخراج والشعارات، فيضيع الوقت ويهدر الدم والدموع والعرق الليبي، بتصارعات متتالية تفصلها جرعات مسكنة مخدرة. ولكن العالم، سياسيًا وجغرافيًا واقتصاديًا، يتحرك ولكل مرحلة ممثليها وكومبارسها على البساط الأحمر.

هذا جزء من المشهد الحالي، والذي يتعامى ولا يريد أن يراه من بيده مقدرات الأمور في ليبيا، حين يستغرقون في قضايا أقرب إلى تشويش الأطفال عندما يغيب المدرس عن الحصة.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى