اخبارالرئيسيةعيون

نقص “فادح” في الكوادر الطبية ينعكس على وضع المستشفيات الليبية

الحرة-

تشهد مستشفيات ليبيا نقصا حادا في الكوادر الطبية وحتى المعدات، بينما يعاني الليبيون من تذبذب التكفل على مستوى المراكز الطبية الأصغر حجما، وفق مسؤول نقابي.

ولم يستبعد رئيس نقابة الأطباء في ليبيا، محمد الغوج، أن يكون الخبر الذي تداولته وسائل إعلام محلية، دون أن تؤكده وزارة الصحة، والذي يفيد بـ “وفاة أطفال بسبب نقص الأطباء في إحدى البلديات”، صحيحا، معتبرا ذلك دليلا آخر على “النقص الفادح” في عدد الأطباء عبر التراب الليبي.

وأكد الغوج في حديث لموقع الحرة أن وفاة المرضى في ظل الوضع الحالي “شيء متوقع” مرجعا ذلك لنقص الإمكانيات من جهة، وعدم توزيعها بشكل صحيح، من جهة ثانية.

وقال: “أغلب المستشفيات في ليبيا تعاني من نقص في الإمكانيات والطواقم الطبية، خاصة في المناطق النائية البعيدة عن الساحل”.

وأضاف الغوج “قبل فترة سجلنا وفاة سيدة في سيارة كانت تنتظر إدخالها لمصلحة الولادة بإحدى المستشفيات.. لم يتم التكفل بها بسبب عدم وجود أي طبيب”.

وأرجع رئيس نقابة الأطباء في ليبيا النقص في الكوادر الطبية إلى عدم اهتمام الحكومات المتعاقبة بالعنصر الطبي “وهو ما ساهم في هجرة الكفاءات” على حد تعبيره.

وتواصل موقع “الحرة” مع القائمين على دائرة الإعلام بوزارة الصحة التابعة لحكومة الوحدة الوطنية دون رد حتى نشر التقرير.

وشهدت ليبيا الغارقة في الفوضى منذ سقوط نظام معمر القذافي، عام 2011، تراجعا رهيبا في القدرة على التكفل بالمرضى داخل المستشفيات.

ويتخطى عدد المستشفيات والمراكز الصحية الحكومية المئة وهي موزعة في مختلف مدن ليبيا، لكنها تعاني من ظروف صعبة على مستوى الإمداد الطبي وبعضها مغلق لانعدام الظروف التشغيلية.

ويُعدّ مستشفى الخضراء، والذي لم يستوعب جرحى المواجهات التي عرفتها طرابلس إثر هجوم قوات حفتر، في 2019، على العاصمة واحدا من أهم وأكبر المستشفيات في طرابلس.

تأسس المستشفى، في عام 1977، بقدرة إيواء تبلغ 350 سريرا، قبل أن يقفز العدد إلى 900 سرير، من دون أعمال التوسيع المطلوبة، وفق ما لاحظته وكالة فرانس برس.

وكشف مسؤول قسم الإسعاف في المستشفى، محمد الراجحي، لوكالة فرانس برس أنه خلال الاشتباكات التي عرفتها العاصمة، سنة 2019 “تعرضنا على مستوى الكوادر المحدودة لضغط شديد، خصوصا أن المستشفى غير جاهز لاستيعاب مثل هذا العدد الضخم دفعة واحدة (…) وقع الكادر الطبي والمساعد تحت ضغوط لا يتحملها إنسان”.

لكن الوضع لم يتغير كثيرا وفق شهادة الغوج الذي أكد استمرار النقص في الكوادر الطبية، والإمدادات.

في غضون ذلك، تؤكد وزارة الصحة في حكومة الوحدة الوطنية أنها تعمل بشكل دائم على إمداد المصحات والمستشفيات بالآليات التي تسمح بالتكفل بالمرضى.

وتسلم مستشفى براك، جنوب العاصمة، احتياجاته من المستلزمات الطبية دعما من وزارة الصحة للمستشفيات العامة والتخصصية جنوب وشرق وغرب البلاد حتى تستعيد تشغيل أقسامها ووحداتها بكامل قدرتها الاستيعابية، وفق موقع الوزارة.

كما تلقى مستشفى زليتن التعليمي، قبل أيام، شحنة من الأجهزة والمعدات الطبية، والمتمثلة في جهاز تعقيم 600L و 5 أجهزة تخدير وجهازي تنفس صناعي و 4 طاولات خاصة بإجراء العمليات الجراحية.

لكن هذه المساعدات لا تكفي، وفق ما يراه الغوج، الذي ربط تحسن قطاع الصحة في ليبيا بتحسن الأوضاع السياسية العامة في البلاد.

وقال: “يجب أن تكون هناك حكومة موحدة قوية في كل التراب الليبي، تهتم بالكادر الطبي، وتوفر البيئة الملائمة لممارسة مهنة الطب”، مضيفا “مع إعطاء الأطباء حقوقهم كامله وزيادة مرتباتهم، إضافة إلى توفير الإمكانيات للمرافق الصحية”.

هجرة 500 طبيب سنويا

ولفت الغوج إلى أن الإحصائيات الأخيرة كشفت أن نحو 500 طبيب يغادرون سنويا ليبيا، مشيرا إلى أن مرتبات الأطباء الزهيدة قد تكون وراء موجة الهجرة المتواصلة.

وقال: “للأسف الطبيب المتخرج في ليبيا لا يتعدى راتبه 150 دولارا أو أقل من ذلك” وكشف أن سعي الحكومة لتوحيد المعاشات جعلها ترتكب خطأ جسيما بعدم اتباع الأقدمية ومن ثم تراجعت رواتب الأطباء من ذوي الخبرة، مشيرا إلى أن “الأطباء القدماء أجبروا على قبول أجور أقل” حسب تعبيره، وهو ما دفع كثيرين منهم إلى الاستقالة أو تقديم طلبات التقاعد.

الفساد

إلى ذلك، عانت ليبيا من مشكلة الفساد الإداري، على مستوى الإدارات الموكلة لها المصحات والمستشفيات.

وفي شهر يناير الماضي، أصدر مكتب النائب العام في ليبيا أمرا بحبس وزير الصحة الليبي السابق، علي الزناتي، ونائبه، سمير كوكو، في الحكومة احتياطيا على خلفية اتهامات تتعلق بقضايا فساد مالي وإداري، وفق ما نقلته وقتها وكالة فرانس برس.

وأعلن مكتب النائب العام في ليبيا في بيان صحفي في ذلك الوقت “مباشرة التحقيق في المخالفات المالية بخصوص تنفيذ ميزانية التنمية المخصصة للصحة؛ واستجواب وزير الصحة ووكيله، لعدم مراعاة لائحة العقود الإدارية والإحجام عن التقيد بالمعايير”.

ويشمل ذلك قيامهما بأعمال توريد وحدات إنتاج الأوكسجين، في خضم أزمة وباء كورونا،  بنسبة زيادة في السعر وصلت إلى 1000 في المائة من سعر بيع السوق، والتعاقد بطريق التكليف المباشر مع شركة أسست بتاريخ أغسطس 2021 فقط “على الرغم من عدم توافرها على الملاءة المالية والخبرة الكافية لتنفيذ الأعمال المتعاقد عليها”، بحسب بيان مكتب النائب العام.

تعيش ليبيا منذ أكثر من عقد في حالة من الفوضى وتقع البلاد ضمن تصنيفات متقدمة في مؤشرات تفشي الفساد المالي والإداري على مستوى العالم، في ظل حالة عدم الاستقرار وغياب المحاسبة الفاعلة في جرائم إهدار المال العام.

وكان يفترض بالانتخابات الرئاسية، التي لم تحصل، أن تكون تتمة لعملية سياسية انتقالية رعتها الأمم المتحدة على أمل أن تليها انتخابات تشريعية ترسي الديمقراطية والاستقرار، وتكافح الفساد المستشري في البلاد.

وتعذر إجراؤها في موعدها المقرر، بسبب عقبات أمنية وسياسية وقضائية شكلت “قوة قاهرة” منعت من إقامتها، بحسب المفوضية الوطنية للانتخابات في ليبيا.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى