اخبارالرئيسيةعيون

سيناريوهات مصرية لإعلان استئناف العلاقات رسمياً مع حكومة الدبيبة

العربي الجديد-

تسعى الإدارة المصرية إلى خطوات أكثر صراحة ومباشرة تجاه الانفتاح مجدداً على حكومة الوحدة الوطنية الليبية، برئاسة عبد الحميد الدبيبة، بعد قطيعة سياسية استمرت أكثر من عام ونصف العام.

يأتي هذا في إطار محاولات القاهرة إعادة ترتيب أوراقها بالملفات الأكثر ارتباطاً بمصالحها المباشرة، وفي المقدمة ملف “الأزمة الليبية”، حيث تمثل ليبيا امتداداً طبيعياً للأمن القومي المصري باعتبارها دولة جوار ترتبط معها بحدود تتجاوز الألف كيلومتر، بخلاف التأثيرات الاقتصادية للعلاقة بين الجانبين.

وفي الإطار، كشفت مصادر دبلوماسية مصرية وأخرى مقربة من اللجنة الوطنية المعنية بالملف الليبي، عن أن “دوائر مصرية مختصة بملف ليبيا، تدرس مجموعة من السيناريوهات، بشأن شكل الإعلان عن عودة العلاقات بين القاهرة والدبيبة”.

وقال دبلوماسي مصري، تحدث لـ”العربي الجديد”، إن “هناك تصورين بشأن لقاء من المقرر أن يجمع بين الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ورئيس حكومة الوحدة الوطنية الليبية، خلال الفترة القريبة المقبلة”.

توجيه دعوة إلى الدبيبة لزيارة القاهرة

وأوضح الدبلوماسي أن “التصور الأول يتمثل في توجيه الإدارة المصرية الدعوة إلى الدبيبة لزيارة القاهرة، ولقاء رئيس الوزراء (مصطفى مدبولي)، والرئيس المصري، ضمن إعلان عن انعقاد اللجنة المصرية الليبية المشتركة، وبحث موقف البروتوكولات والاتفاقيات الاقتصادية الموقعة بين البلدين خلال الزيارة السابقة لرئيس حكومة الوحدة الوطنية لمصر”.

وكشف أن “التصور الثاني يتمثل في إمكانية ترتيب لقاء ثلاثي في العاصمة التركية أنقرة، على ضوء توجيه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الدعوة إلى السيسي لزيارة أنقرة، خاصة أن ليبيا تعد الملف الأبرز على طاولة المباحثات المصرية التركية بشأن استعادة العلاقات بين البلدين”.

من جانبه، قال مصدر مصري مطلع على عمل اللجنة الوطنية المعنية بالملف الليبي إن “ترتيب لقاء الدبيبة والسيسي، أو زيارته للقاهرة، سيكون بمجرد إعلان فقط، خاصة أن الخطوة الأهم في هذا الإطار جرت بالفعل، عبر لقاء تم بين رئيس جهاز المخابرات العامة والمسؤول الأول عن ملف ليبيا من الجانب المصري، اللواء عباس كامل، بعبد الحميد الدبيبة، في العاصمة الإيطالية روما، مطلع الشهر الجاري، خلال زيارة رئيس حكومة الوحدة لإيطاليا، ضمن ترتيبات من جانب روما، للتواجد بشكل أكبر على صعيد محادثات إيجاد مخرج من الأزمة الليبية، ودعم جهود إجراء الانتخابات الرئاسية هناك، في أقرب وقت ممكن”.

وأكد وزير الخارجية الإيطالي أنطونيو تاجاني “ضرورة أن تكون هناك مشاركة أوروبية فعالة لضمان استقرار منطقة شمال أفريقيا بأسرها، والحد من تدفقات الهجرة”.

وخلال اجتماع مجلس وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي في لوكسمبورغ الاثنين الماضي، قال تاجاني، إنه “في الوقت الذي تستعر فيه الحرب على حدود أوروبا، يجب ألا ننسى أهمية الجبهة الجنوبية”، مشدداً على “أهمية الدور الذي تلعبه الدول الأوروبية في منطقة البحر المتوسط”.

لقاء الدبيبة وكامل كان إيجابياً

وبحسب المصدر المصري، فإن اللقاء بين الدبيبة وكامل “كان إيجابياً، وشهد تفاهمات بشأن مجموعة من الملفات أبرزها الملف الاقتصادي، في مقابل عدم اعتراف مصر بالحكومة التي تتخذ من مدينة شرق ليبيا مقراً لها، بعد إدخال تعديل عليها، ليتولى رئاستها وزير المالية أسامة حماد، خلفاً لفتحي باشاغا”.

الباحث المختص في الشأن الليبي، محمد السنوسي قال لـ”العربي الجديد”، إنه “من المحتمل أن ينشأ المزيد من التقارب المصري مع حكومة عبد الحميد الدبيبة خلال الفترة المقبلة، وكلمة السر في ذلك هو التفاهم بين حكومة الأخير والبنك المركزي في ليبيا الذي يوفر التغطية المالية لأي اتفاقات أو تعاقدات توقع عليها الحكومة، وقد وقعت الحكومة فعليًا مع شركات مصرية عقوداً لتنفيذ مشروعات استراتيجية منها إنشاء طرق وجسور”.

وأضاف أن “الضائقة المالية التي تعانيها مصر، تجعلها تتقارب مع من يستطيع مساعدتها في تخفيف آثار هذه الضائقة، وهذا ما عجزت عنه حكومة شرق ليبيا برئاسة أسامة حماد”.

مشاريع الإعمار في ليبيا تثير شهية مصر

وقال السنوسي إن “مشاريع إعادة الإعمار في ليبيا تثير شهية مصر، وقد شكل عبد الحميد الدبيبة لجنة لتقديم تصور عن ميزانية التنمية، وهو الباب الثالث في الميزانية العامة للدولة الليبية، والذي كان معطلاً لفترة طويلة”.

وأضاف أن “الدور التركي قد يكون براغماتياً، وهو بمحاولة إقناع السيسي التوقيع على اتفاقية ترسيم الحدود، مقابل السماح بتعاظم الدور المصري في ليبيا على المستوى السياسي والاقتصادي”.

من جهته، قال باحث الدكتوراه بقسم العلاقات الدولية في جامعة “إسطنبول أيدن”، عمار فايد، لـ”العربي الجديد”، إن “موقف مصر في ليبيا معقد، لأنها تعتمد على علاقاتها مع حفتر في شرق ليبيا، بينما جماعة شرق ليبيا الآن موقفهم غير موحد، فهناك تنافس حاد أو صراع كبير بين حفتر وعقيلة صالح، وكاد حفتر أن يمضي في إسقاط عقيلة صالح عن رئاسة البرلمان بعد سحب الثقة من فتحي باشاغا، لكن عباس كامل رئيس المخابرات المصرية زار شرق ليبيا، وحذّر من إزاحة عقيلة صالح، باعتبار أن وجوده مهم، فهناك توتر بين حفتر والقاهرة، جزء منه مرتبط برؤية حفتر نفسه لمسألة التسوية وحل الملف الليبي، وجزء مرتبط بدعم حفتر لحميدتي (قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو) في السودان”.

وأضاف فايد: “مصر منذ فترة حريصة على فتح علاقات مع غرب ليبيا، وبالتالي كان أمراً متوقعاً أن تتقارب القاهرة مع الدبيبة في ظل تعزز موقفه وفشل كل محاولات إزاحته. فبشكل براغماتي مصر حريصة ألا تفقد الصلة مع الغرب، خصوصاً أن الدبيبة أصبح أمراً واقعاً، يحظى بالاعتراف الدولي، وجميع الدول العربية تقريباً تعترف به، ففشلت محاولة مصر لنزع الشرعية عنه، فهناك ضرورة للتعامل معه”.

وتابع: “تركيا في ليبيا هي منافس لمصر، لذا لا أتوقع أن تقوم بدور الوساطة، لكنها منافس يمكن التفاهم معه، ومستعد للتفاهم على شكل تسوية سياسية متمثلة في انتخابات أو توحيد الشرق والغرب الليبي، لكن لن تقوم بدور الوساطة بين الدبيبة والقاهرة، بل من المحتمل أن تقوم الإمارات بهذا الدور، على اعتبار أن العلاقة موجودة بين الدبيبة والإمارات، وهي التي لعبت دورا قبل أشهر في استضافة المحادثات بين الدبيبة وأبناء حفتر”.

تواصل بين مصر وحكومة الوحدة

من ناحيته، قال مدير المركز الليبي للدراسات الأمنية والعسكرية، شريف عبد الله لـ”العربي الجديد”: “هناك تواصل بين الجانب المصري وحكومة الوحدة الوطنية في ليبيا منذ فترة، فأهم مشكلة كانت تعيق تواصل مصر مع حكومة الدبيبة، هي علاقة الدبيبة مع تركيا بسبب التنافس بين مصر وتركيا في ليبيا. ونشهد في الفترة الحالية بعض التواصل بين الجانبين على المستوى الدبلوماسي، وأحد أسباب هذا التواصل هو التقارب المصري التركي الذي دفع للتقارب بين القاهرة والدبيبة”.

وأضاف: “أيضاً، المجتمع الدولي الآن أصبح شبه مجتمع على أن الدبيبة مستمر في الحكم في الفترة المقبلة، وعلى القاهرة أن تتعامل مع الأمر الواقع، وتحصّل ما تستطيع من مكتسبات. كما كان هناك تواصل بين حكومة الوحدة الوطنية وحفتر، الحليف الاستراتيجي الثاني مع الدولة المصرية بعد عقيلة صالح، وهذا الأمر ساهم في زيادة قنوات التواصل بين الدبيبة والقاهرة”.

وكشف وزير العمل والتأهيل بحكومة الوحدة الوطنية الليبية، علي العابد، في تصريحات صحافية الشهر الجاري، عن بدء تحالف شركات مصرية في تنفيذ الطريق الدائري الثالث بتكلفة تناهز مليار دولار أميركي، بإجمالي حجم عمالة يصل إلى 2500 عامل، جميعهم مصريون. وشدد على أن بلاده “تستهدف وتعطي الأولوية للشركات المصرية والعمال المصريين، في تنفيذ مشروعات إعادة الإعمار والمعروفة بخطة (عودة الحياة)، والتي تتجاوز تكلفتها 3.6 مليارات دولار”.

من جانبه، قال المصدر المصري إن “الأيام الماضية، شهدت ترتيبات مصرية تركية بشأن الوضع في ليبيا، وذلك في إطار التجهيز للتدشين الرسمي لعودة العلاقات بين القاهرة وأنقرة باستئناف العلاقات الدبلوماسية وتبادل السفراء”.

ولفت، في الوقت ذاته، إلى أنه “في أعقاب اللقاء الذي جمع رئيس المخابرات المصرية بالدبيبة في إيطاليا، زار عباس كامل مدينة بنغازي شرق ليبيا، عقب اللقاء بيوم واحد، والتقى هناك بكل من قائد ما يعرف بحفتر، وعقيلة صالح، بشأن التجهيز لترتيبات المرحلة المقبلة، وتنسيق الجهود فيما بينهم، وكذلك إنهاء توتر العلاقة بين حفتر وصالح”، مشيراً إلى أن “زيارة رئيس مجلس النواب المصري (حنفي جبالي)، والتي كانت الأولى من نوعها لليبيا، جاءت ضمن مخرجات هذا اللقاء”.

جدير بالذكر أن ليبيا أودعت مؤخراً 700 مليون دولار أميركي كوديعة قصيرة الأجل في البنك المركزي المصري، وسط وعود من جانب الدبيبة بزيادة حجم الودائع الليبية لدى مصر إلى 2 مليار دولار، بخلاف الامتيازات الاقتصادية المطروحة للشركات المصرية، وكذلك التسهيلات الخاصة بزيادة أعداد العمالة المصرية في ليبيا.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى