الرئيسيةالراي

رأي- ولو متأخرا..

رأي- ولو متأخرا..

*كتب / عبدالرحمن نصر

في جميع الدول المستقرة سياسيا واقتصاديا، تقوم المصارف المركزية بمصاحبة ومراقبة التغيرات في الأسواق المالية، من بورصات وأوراق مالية محلية وخارجية وقيمة العملات الأجنبية المتداولة دوليا، وبأسعارها في السوق عالميا ومحليا أكان رسميا أو موازيا (السوق السوداء)..

فوظيفة المصرف المركزي (بنك البنوك) في أي دولة هو الإشراف على المال العام والمصارف المحلية والمحافظة على قيمة عملة البلد، وكذلك الاستقرار المالي والعمل في كل لحظة على تجنب وقوع هزات عنيفة تتسبب في خسائر اقتصادية مضرة للبلد أو انفلات وفوضى مالية، أو عمليات تهريب وسرقات قد تؤدي إلى ضعف العملة أو حتى إفلاس البلد، إذا لم يأخذ المصرف المركزي الإجراءات المالية المطلوبة، ولعل من أهمها مراقبة عملية العرض والطلب للعملات في الأسواق المالية المحلية..

فعندما يزداد عرض الدولار الأمريكي في السوق المحلي مثلا، على المصرف المركزي أن يتدخل ويشتري الكمية الزائدة، وعندما يزداد الطلب على الدولار الأمريكي في السوق المحلي، على المصرف المركزي أن يتدخل في السوق ويضخ الدولار الأمريكي حتى يتساوى أو يتقارب السعر الرسمي مع الموازي في السوق المحلي.. وبالتالي تجنب الهزات والقفزات المالية المفاجئة التي يستغلها المضاربون والحاصلون على الاعتمادات بالدولار الرسمي ورجال رؤوس الأموال والمصارف، مما يتسبب في الخسائر الكبيرة للمواطن والبلد..

فإذا صحت الأخبار القائلة بأن المصرف المركزي الليبي تدخل ويتدخل اليوم بضخ عشرات الملايين في السوق الموازي الليبي فهو عمل جيد ومفيد، والمفروض يستمر حتى يصبح السوق الموازي قريبا أو مساويا للسوق الرسمي.. مع ملاحظة أن المصرف المركزي كان غائبا كليا عن مصاحبة ومراقبة الأسواق المالية الليبية لمدة ثلاث سنوات، مما سهل على كثير من التجار الكبار الحصول على اعتمادات بالسعر الرسمي وجني أرباح تفوق 800% من توريد بعض البضائع، وانتشار الرشاوي والفساد في المصارف واستغلال المضاربين الماليين لحالة الفوضى بجني أرباح مبالغ فيها أيضا، ناهيك عن عمليات التهريب والتزوير والسرقات والفوضى المالية، كلها أدت إلى ارتفاع في قيمة العملات الأجنبية وضعف شديد في العملة الليبية خلال سنتي 2016م و2017م، نتج عنه فقر وتجويع الليبيين وعدم قدرتهم على توفير الحاجيات الضرورية الحياتية..

ولكن أن يقوم المصرف المركزي بواجبه ووظيفته ولو متأخرا جدا، خير من أن لا يقوم بوظيفته أبدا.. ليبيا فوق الجميع.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى