الرئيسيةالراي

رأي- موضة أسلمة كل ما هو دنيوي،،،

* كتب/ حسين المرابط،

كم هو مؤسف، ومشعر بالإحباط، أن ترى في ديار الإسلام فوضى وهراء باسم الدين، والدين منها براء، خصوصا عندما يُجْتر الدين إلى عالم الموضة والفيليهات، والأدهى من ذلك وأمر، عندما يكون الهدف من وراء ذلك، هو الكسب المادي، أو الوصول إلى منصب معين، أو الحفاظ على آخر.

لن أتكلم عن موضة المصارف الإسلامية التي وصلت بها قيمة الأرباح الربوية إلى 25%، ولن أقارنه بنظيره المصرف اليهودي الموسوم بسوسيتي جينرال، الذي لا تتجاوز الفائدة فيه، في كثير من الأحيان، 2,5%. كما أنني لن أتكلم عن المدارس والمعاهد والمراكز والجامعات الدينية التي انتشرت في البلاد كالنار في الهشيم، والتي أنتجت كل ما نعيشه في ليبيا اليوم؛ لكنني سأشير باختصار لبعض الطرائف التي أضحكتني كثيرا، والتي مرت علينا في ليبيا، والتي يتضح فيها الغباء البريء في استغلال الدين من أجل الوصول إلى الهدف المنشود.

– الأسبوع الماضي في جلسة مع أحد رجالات الدولة في ليبيا، ممن عليهم إشارات استفهام كبيرة، تجاذبنا أطراف الحديث عن بلد المليون حافظ، وكان السيد هو المترئس للحوار، ومما قاله : (أن القرآن الكريم يحتوي على كل شيء في هذا الكون، منذ أن خلق الله الكون، إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها)، وقد لا نختلف جميعنا معه في قوله هذا، لكنه عندما لاحظ اعجاب الحاضرين وتهليلهم لما يقول، اخذته النشوة والاندفاعية والتحمس، وخرج عن طوره وقال بصوت، وهو بعيط من التقوى والإيمان: (والله ثم والله، ليس لدي شك في أننا لو بحثنا عن فنون ميكانيكا السيارات في القرآن الكريم لوجدناها فيه، ولوجدنا فيه حتى القرسيوني ستاتا والشمبلينه والستيكوبا، وكل كبيرة وصغيره في عالم السيارات، ومش هكي وبس؛ والله حتى الزلابيا والمخاريق لو بحثنا بتمعن لوجدنا طريقتها في كتاب الله…). المضحك ليس كلام السيد، لكن المضحك حقا هو أن عيون جميع الحاضرين اغرورقت بالدموع.

– المدة الماضية وقع بين يدي بحث لبروفيسور ليبي في عالم الاقتصاد، عنوان البحث : (تلوث مياه البحر الأبيض المتوسط ومياه البحر الأحمر من منظور إسلامي)، استهل البروفيسور بحثه بقوله تعالى: ( ظهر الفساد في البر والبحر) واختتم البحث بصورة الفيل. المضحك والأكثر إثارة، ليس العنوان، ولا حتى الاستهلال ولا الختام، المضحك والمهش حقا، هو أن هذا البحث منشور في أكبر المجلات العلمية المحكمة المشهورة في ليبيا.

– طالعتنا الجامعة الأسمرية الأيام الماضية بمؤتمر تدعي بأنه الأول من نوعه في مجال محاربة الفساد من المنظور التشريعي، وتقصد بالتشريعي؛ الإسلامي. ويقول المفتتح للمؤتمر، بما معناه: أن دور الجامعة، باعتبارها إسلامية؛ أن تساهم في بناء الدولة المدنية ومحاربة الفساد من المنظور التشريعي. ولا يختلف أحد مع الجامعة الأسمرية في هذه الغاية النبيلة. لكن المضحك في الأمر، أن 99,9% من البحوث المشاركة في المؤتمر لا علاقة لها بالإسلام في شيء، وجل البحوث منهلها الأول القانون الوضعي، ومنهاجها هو منهاج الأمم المتحدة..

ما أردت قوله من كل ما تقدم: إلى متى نظل نحشر ديننا في أمور دنيانا؟ إلى متى نستمر في ذلك ونحن نعلم بأننا في ذلك نخالف قوله تعالى: (فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون)؟

إلى متى نستمر في ذلك ونحن نعي جيدا أننا بذلك نخالف قول رسولنا الكريم: (هذه دنياكم وأنتم أدرى بها)؟

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى