الرئيسيةالراي

رأي- قيمة الحياة وقيمة الإنسان

* كتب/ أنس أبوشعالة،

يقول الحق سبحانه وتعالى (وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون) ومعنى ذلك أن العبادة هي مناط خلق الله لنا جميعاً.

والعبادة لا تقتصر على الطقوس التعبدية مثل الصلاة والصيام والحج وغيرها من العبادات التي تتسم بشكل منضبط وموحد، فالعبادة مفهومها أوسع من ذلك بكثير.

الصدق في القول عبادة، أداء الأمانة عبادة، الوفاء بالعهد عبادة، العمل بإخلاص لخدمة البلاد والعباد عبادة، التواضع للضعيف والمحتاج عبادة، الدعوة للخير والصلح والمحبة عبادة، حسن تربية الأولاد عبادة، بر الوالدين عبادة، الاحترام وحسن الخُلق عبادة، قول لا أعلم فيما لا تعلم عبادة، قول لا أستطيع فيما لا تستطيع عبادة.

والخروج عن دين الله بالكفر واضح والأخطر من الكفر هو الإيمان بالله وعصيانه جهاراً نهاراً، والأكثر خطورةً التزامك بمظاهر وشكليات العبادات التقليدية مثل الصلاة والصيام وعصيانك لربك بما يجعلك تحوم حول حمى الكفر والفجور.

الكذب معصية، وهضم الحقوق معصية، وحرمان الورثة معصية، وتزويرك لشهادتك العلمية معصية، وأكلك لأموال الغير وهضم حقوقهم معصية، ونفاقك للمسؤول معصية، ونشرك للفتنة معصية، وحقدك وحسدك وتمنيك للشر والأذى للغير معصية، حتى الغل على الغير معصية، تناقضك الفاضح بين ما تظهر من محاسن وما تضمره من مساوئ معصية، الغرور والتكبر واعتقاد العلو والسمو على الآخرين معصية.

ليس للحياة قيمة وأنت كذاب أشر، وأنت منافق متزلف، وأنت مرائي متبختر، تهتك أستار الناس وتطعن في أعراضهم، وتنتشي وتزهو بآلامهم وعثراتهم، جشع في أطماعك، حقود في طباعك، تجعل من نفسك عبداً لمطامع نفسك التي لا تشبع، وتعرض نفسك في سوق الرقيق والنخاسة سلعةً تُباع وتُشترى لمن يدفع لك أكثر.

الحياة واحدة وقيمها متعددة، للحيوان حياة وقيمتها في شهواته أكلاً وشرباً وجماعاً ونوماً، كل الأيام للحيوان متطابقة، إن عاش بضعة أيام كفراشة أو لمائة عام كسلحفاة هي ذات القيمة للحياة، وللجماد حياة وقيمتها في جمادها وتأثرها بعوامل الطبيعة حتى تبلى وتفنى، وللنباتات حياتها وفق دورتها الطبيعية ابتداءً وانتهاءً.

أما الإنسان فقد خلقه الله لتكون لحياته قيم مختلفة وأساسها الأخلاق، الأخلاق التي تندرج تحتها معاني لا محدودة من مفاهيم الأخلاق، الرجولة والشهامة والفروسية والمصداقية والشرف والكرامة والحشمة والأدب والإخلاص والوفاء والإيثار والتعفف والكرم والنزاهة والتنزه عن كل دنيء.

يجب على كل إنسان أن يقف كل يوم أمام مرآة ويحاسب نفسه ويراجعها ويحاسبها في صدقها وعدلها وأدبها وشرفها ووفائها وكرامتها وحشمتها وكل مفردات الأخلاق التي قال فيها سيد المرسلين عليه أفضل الصلاة والتسليم إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق، بما يعني أن مناط ابتعاثه من رب السماء هو الأخلاق، وحينما أراد الله سبحانه وتعالى أن يمدح نبيه ويثني عليه قال فيه وإنك لعلى خلق عظيم.

لم يمدح الله نبيه بأنه على جسم قويم ولا على مال كثير، ولا على نسب شريف ولا على منصب رفيع ولا على سلطان ولا غيرها من مطامع الإنسان هذه الأيام، بل على الأخلاق

و الحال كذلك نستطيع القول أن قيمة الإنسان و قيمة الحياة تكمن في الأخلاق، ولا دين ولا دنيا بلا أخلاق.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى