الرئيسيةالراي

رأي- حوار الحكمة..

* كتب/ عطية الأوجلي،

يروي الكاتب الأمريكي الهندي الأصل إيبو باتل في إحدى محاضراته: “كنت في زيارة لأستراليا ودُعيت إلى حضور ندوة حول العلاقات المسيحية الإسلامية.. وعندما دخلت القاعة وتأملت المتحدثين غاص قلبي إلى أعماقي.. فالرجل الذي تمت دعوته لتمثيل المسلمين كان يشبه رجال الكهف.. طويلا.. داكن البشرة… كث اللحية.. ويحمل معه عصا أوعكازا.. بينما الضيف الذي يمثل الجانب المسيحي كان شابا آسيويا.. حليق الوجه يرتدي بدلة أنيقة..

تأملت حولي.. القاعة مليئة بالحضور.. هناك بعض الساسة وكاميرات التصوير.. قلت لنفسي.. سنكون نحن المسلمين غدا موضع سخرية المدينة ….. !

بدأ الشاب الهندي الحديث بانفعال وختمه بالقول…

“لم أقابل في حياتي بالباكستان مسلما واحدا أحسن إلي.. بل على العكس كل الذين قابلتهم كانوا يمارسون العنف والقهر تجاهي، وتجاه أهلي، وكانوا يضربوننا وفي نهاية المطاف هجموا على بيتنا وأخرجونا وأحرقوه.. وأنا أحمد الله أنهم لم يتبعوا تعاليم نبيهم محمدا.. وإلا لكانوا قد أحرقونا أيضا”.

توقف قلبي عن الخفقان آنذاك وأنا أترقب براكين الغضب التي سيفجرها المسلم.. ولكنه ولدهشتي.. استدار نحو الشاب الهندي مبتسما ونظر في عينيه وقال بهدوء..

” ..أنا أحترم وأجل سيدنا المسيح وبالتالي لن أجرؤ على قول شيء سيئ عنه… وأعرف عن المسيحية الكثير وأعجب بالكثير من تعاليمها وبالتالي فلن أقول شيئا سيئا عنها.. وكل ما أود قوله لك.. كم تمنيت لو كنت موجودا أثناء الهجوم على بيتكم لوقفت معك ولدافعت عنك.. ولخاطبت الذين يسمون أنفسهم مسلمين ولشرحت لهم تعاليم الإسلام ووصايا سيدنا محمد الحقيقية “….

يضيف الكاتب قائلا:

” كانت هناك لحظات صمت في القاعة… أحسست معها بانخفاض التوتر داخلي ومن حولي، تلاها تصفيق الحاضرين… تغير مجرى الحديث بعدها إلى كيف نستطيع أن نخلق علاقات طيبة وتفاهما بين المسلمين والمسيحيين؟.. وكيف تستطيع كل ديانة أن تجد في تعاليمها ما يدفع أتباعها إلى احترام الأديان الأخرى وإلى تعميق التسامح والتصالح والحرص على العيش المشترك.

انتهت الندوة بتأكيد من الحضور على أهمية التعاون والتصالح والتعايش وباقتراح بعض الخطوات من أجل ذلك…. وهكذا ساهمت “كلمات قليلة”.. قيلت “بحكمة ورصانة”.. في إزالة التوتر، وفي فتح قنوات اتصال بين قلوب كانت على وشك الاصطدام.. كانت تلك من أجمل الندوات التي حضرت.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى