الرئيسيةالراي

رأي- الجريمة الصامتة (التولي السياسي)

* كتب/ أنس أبوشعالة،

ثمة جريمة مستمرة تحصل يومياً وعلى مدار سنوات ولكنها صامتة وغير تقليدية حتى يستشعرها عامة الناس أو هواة القانون ومدعي المعرفة، رواد السطحية في كل العلوم و الفنون.

هناك جريمة نكراء تحدث ومستمرة، تسببت وتسبب في إزهاق الأرواح وضياع الأموال وتفتيت النسيج الاجتماعي، بل وتؤدي إلى ارتفاع حالات الطلاق وارتفاع نسب العنوسة وخراب البيوت وهجرة الليبيين وكفرهم بوطنهم وإقبالهم على الانتحار.

 

هذه الجريمة أعزت الأذلاء وأذلت الأعزاء.. أفقرت الأغنياء الشرفاء وأغنت المجرمين وأصحاب الشمال، ونقلتهم دون حق إلى نعم أصحاب اليمين، الذين سحقتهم هذه الجريمة وجعلتهم من أصحاب الشمال، فاختلطت التصنيفات واختلت الموازين وصارت جهنم مثوى للمتقين، وأُزلفت الجنة للمتكبرين !!!

هذه الجريمة هي (التولي السياسي)

إن كان التولي يوم الزحف من السبع الموبقات وكبيرة من الكبائر التي حرمها الله ووعد فاعلها بالغضب والمكوث في الجحيم الخالد، فإننا نرى هذا الصنف من الجريمة يحدث في ليبيا ولعله بشكل أفدح وأشنع، وإن كان التولي يوم الزحف له عذر الخوف من الهلاك و قد يكون الجُبن عذراً يُعتذر به، فإن ما يحصل في ليبيا على الصعيد السياسي يعتبر أدنى وأحقر أنواع التولي الذي ليس له من عذر، وله مائة سبب أناني ومصلحي ومنفعي ولا أستثني أي سلطة ولا مؤسسة من اقتراف جريمة التولي السياسي .

السلطة التشريعية تولت وتنكبت عن أداء واجباتها الوطنية والسياسية والدستورية والقانونية ويتقاضى كل فرد من أفراد هذه السلطة مرتباته كاملةً بالمزايا والعطايا والمهايا دون نقص، بل بالوافي، ورغم ذلك لا يجتمعون ولا ينعقد جمعهم ولا يتحقق نصابهم حتى تتحقق مآربهم وأغراضهم، أليس هذا تول يستحق العقاب الدنيوي والأخروي؟

مجالس إدارات لمؤسسات هامة وحيوية وتمس عصب الحياة للمواطن، يتشظى أعضاؤها ويتحلل كل واحد من مسؤولياته وما لذلك من مفاسد تحقق مغانم ومآرب لغيرهم من المتربصين، وكل ذلك بسبب التولي وعدم تحمل المسؤولية.

كل مسؤول في الدولة وعلى جميع المستويات وفي جميع السلطات لم ينبر لأداء واجباته ولم يؤدها، واستمرأ استمرار الحال على ما هو عليه حتى يستمر في السلطة لغرض الانتفاع و الارتزاق هو مرتكب لجريمة التولي السياسي، والإهمال العمدي في أداء واجبات دستورية وقانونية وإدارية، وفوق كل ذلك واجبات وطنية وأخلاقية، أدى إهمالها إلى ضياع الحقوق وانتهاكها وإزهاق الأرواح وانتشار الفساد، وهذه في رأيي أكبر جريمة في التاريخ الليبي التي يجب على القضاء الليبي أن يرتقي إلى مستوى الحدث، باعتبار أنه المثل الأعلى بين السلطات، وأرجو أن يكون اعتقادي الراسخ في قضائنا الشامخ في محله، وأن يخيب الله ظن من يظن أن القضاء كذلك، في الهوا سوا .

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى