اخبارالرئيسيةعيون

الزيادة السكانية في ليبيا تكدّس التلاميذ في الصفوف

العربي الجديد-

يقترب الفصل الأول من العام الدراسي على الانتهاء في ليبيا، بينما لا تزال مدارس المدن الكبرى تعاني من تكدّس التلاميذ، ما يضطر غالبيتها إلى تقسيم اليوم الدراسي على فترتين صباحية ومسائية.
رغم أنه في الصف السادس الأساسي، يضطر شهيد الفرجاني إلى الدراسة في الفترة المسائية منذ التحاقه بمدرسة “حسان بن ثابت” في منطقة كشلاف بالعاصمة طرابلس، ولم يعرف، مثل كثيرين من أقرانه، معنى التوجه إلى المدرسة في الفترة الصباحية. يبدأ يومه الدراسي عند الواحدة ظهراً، ويستمر حتى الخامسة مساء داخل صف مكتظ لا يقل عدد تلاميذه عن 45، ما يعني جلوس ثلاثة تلاميذ في مقعد دراسي يتسع لتلميذين، ما يجبرهم أحياناً على تبادل كتابة الدروس بسبب ضيق المساحة.
تخبر والدة شهيد “العربي الجديد” أن “المشكلة تتجاوز هذا الأمر؛ إذ تجاوز ابني الـ12 من العمر ولم يتعلم حتى الآن معنى الاستيقاظ في وقت مبكر للدراسة لأن صفه في الفترة المسائية، وأنا قلقة بشأن اعتياده على هذا الأمر بدءاً من العام المقبل حيث سيبدأ الدراسة في الفترة الصباحية”.
وتشير أم شهيد إلى أن “تلاميذ كثيرين يدرسون مساءً ويكلفهم أهاليهم بالاعتناء بإخوتهم الصغار في المنزل أثناء وجود الأم في العمل، ما يعرقل دراستهم في المنزل وتنفيذهم الواجبات المدرسية، ويحمّلهم أعباءً إضافية أكبر من سنهم وإدراكهم”.
وتعزو مديرة مدرسة “حسان بن ثابت”، سناء بن طالب، سبب تخصيص فترة مسائية إلى عدد التلاميذ الذي يفوق القدرة الاستيعابية للمدرسة. وتقول لـ”العربي الجديد”: “تستقبل المدرسة تلاميذ من مناطق عدة مزدحمة جداً مثل قدح وقرية صالح وبعض أحياء الدريبي، ولا نملك إلا حل توزيع التلاميذ على الصفوف المتوفرة مع الاستعانة بالمعلمين والإداريين الموجودين، ورغم ذلك لا تزال فصولنا مزدحمة جداً، وحالنا مماثلة لمدارس عدة في طرابلس”.
وقال مدير عام جهاز تنمية وتطوير المراكز الإدارية، إبراهيم تاكيته، في حديث صحافي، إن “الجهاز يواصل تنفيذ المشاريع التنموية في قطاعات التعليم والصحة والرياضة، ضمن الخطة التي وضعتها الحكومة لإعادة الحياة إلى مختلف القطاعات. الجهاز أكمل تشييد 125 مدرسة، وسيسلّم 45 أخرى قبل نهاية العام الجاري، ضمن 393 كان توقف تنفيذها قبل سنوات طويلة، كما ستشيّد 500 مدرسة جديدة ضمن خطة الحكومة لبناء مدارس نموذجية”.
وفيما لم يحدد تاكيته أماكن المدارس الجديدة، يستبعد الناشط المدني المتابع لقضايا التعليم، علي المجبري، في حديثه لـ”العربي الجديد”، أن تتواجد هذه المدارس ضمن المناطق المكتظة والقديمة في طرابلس والمدن الكبيرة في أنحاء البلاد، بل في مناطق ريفية تفتقر إلى مرافق تعليمية في الأساس

ويشرح كيف ظهرت أزمة نقص المدارس، وتأزمت في المناطق ذات الكثافة السكانية الأكبر في ليبيا، ويقول: “شهدت ليبيا منذ منتصف الستينيات إلى ثمانينيات القرن الماضي نهضة عمرانية تمثلت في توسيع البناء الأفقي في المدن، وإنشاء مجمّعات سكنية ومنح قروض عقارية لبناء مساكن خاصة، وتوفير مخططات وبنى تحتية وخدمات بينها المدارس التي شيّدت على طراز جيد حينها. لكن كل ذلك توقف منذ التسعينيات لأسباب سياسية أو مالية أو بسبب سوء الإدارة وتفشي الفساد في الإدارات الليبية، ثم زادت المسألة الأمنية تأزم الوضع خلال السنوات الأخيرة”.
ويرى المجبري أن “عدم توفير مخططات عمرانية جديدة ترتبط ببنى تحتية مناسبة من طرقات ومياه وكهرباء واتصالات وصرف صحي، وكذلك مرافق مثل المدارس، وتوقف الدولة عن بناء المجمعات السكنية المتكاملة التي تستوعب الزيادة السكانية، لم يترك للناس إلا وسيلة التوسع العمراني العمودي الذي ضاعف عددهم في المناطق من دون أن يترافق ذلك مع زيادة المرافق مثل المدارس. وهم ظلوا يستخدمون المرافق السابقة التي تحوّلت من وافرة إلى محدودة جداً مقارنة بعددهم”.

في المقابل، يرى المسؤول السابق في وزارة التخطيط، شهاب التليسي، في حديثه لـ”العربي الجديد”، أن “البناء الأفقي السابق الذي نفذ بلا خطط وسياسات استراتيجية خاصة بالمستقبل، قلل المساحات المتاحة للبناء في المدن، والتي تسمح للدولة ببناء مرافق جديدة تستوعب الزيادات السكانية، وبينها مدارس ومستشفيات وحدائق وغيرها، وأنا أقترح أن تجري الجهات المعنية دراسة شاملة لمساحات المعسكرات المنتشرة في عموم طرابلس والمدن الأخرى، تنفيذاً لطلب الليبيين الذين ملوا من انتشار السلاح واندلاع الاشتباكات داخل المدن، ثم تحويل هذه المساحات الكبيرة إلى مرافق عامة تستوعب الزيادة السكانية المضطردة في ليبيا، وفي مقدمها المدارس”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى