اخبارالرئيسيةعيون

الخطف أحد صور الانفلات الأمني في ليبيا

العربي الجديد- 

كشف مكتب النائب العام الليبي عن ضبط الوحدات العسكرية في مدينة سرت، متهماً بارتكاب واقعة خطف فتاة، وحجز حريتها لمدة 3 أشهر. لكن الواقعة أثارت مخاوف شعبية واسعة، رغم إعلان تحرير الفتاة وتسليمها إلى ذويها.
لم يسم مكتب النائب العام المنطقة التي تم احتجاز الفتاة فيها، كما لم يعلن أسباب اختطافها، ولا الظروف التي عاشتها خلال فترة احتجازها، لكن الجريمة تعد مؤشراً على الانفلات الأمني المتواصل، رغم نشاط الجهات القضائية في ملاحقة الجرائم.
يقول الناشط الحقوقي عماد عثمان، إن “عدم إعلان التفاصيل له علاقة بتقييد الجهات القضائية، خاصة وأن المختطفة قد يلحقها وأسرتها آثار وتبعات مجتمعية سلبية. لكن الجريمة مؤشر على استمرار ظاهرة الاختطاف من قبل مجموعات مسلحة أو أفراد، لأغراض تتعلق بالانتقام، أو طلب الفدية المالية، وغيرها”.
ويوضح عثمان لـ”العربي الجديد”: “كنت متفائلاً بمظاهر التعافي الأمني التي بدأت تعيشها البلاد بعد توقف الحروب ومحاولات المجموعات المسلحة الانضباط عبر التبعية للجهات العسكرية والأمنية، لكن إعلان اختطاف فتاة كل فترة يجبر كل الحقوقيين على مراجعة نظرتهم للواقع الحقوقي في البلاد”.
وعزز تقرير “منظمة العفو الدولية” السنوي من الشكوك حول الاستقرار النسبي الذي يشهده الملف الحقوقي في ليبيا، إذ أكد استمرار ظاهرة الاختطاف والاحتجاز من قبل جماعات مسلحة لـ”آلاف الأشخاص تعسفياً”، مشيراً إلى “القبض على عشرات الأشخاص بسبب معتقداتهم الدينية، أو بسبب هويتهم القائمة على النوع الاجتماعي، إضافة إلى ممارسة الجماعات المسلحة التضييق على المجال المدني، وعلى إمكانية وصول الجهات الإنسانية إلى المجتمعات المتضررة”، واتهم السلطات الليبية بتعزيز ظاهرة الإفلات من العقاب من خلال تمويل مليشيات وجماعات مسلحة.
وفي بيانه الخاص بواقعة الفتاة المختطفة لمدة ثلاثة أشهر، أشار مكتب النائب العام إلى تكليف “جهاز الردع لمكافحة الجريمة المنظمة والإرهاب، ومباشرة إجراءات الاستدلال في جرائم القتل، والشروع فيه، والخطف، والتهديد، ثم سماع أقوال المقبوض عليه حيال الوقائع، وعرض الأوراق على النيابة العامة خلال المواعيد المرعية”.
ويعلق عماد عثمان: “كلفت النيابة العامة جهاز الردع بملاحقة فاعلي تلك الجرائم، وإحالتهم إلى القضاء، رغم أن الجهاز نفسه متورط في انتهاكات واسعة لحقوق الإنسان”.

وطاولت الاختطافات شخصيات رسمية، ففي مطلع مارس الماضي، أعلن مجلس النواب اختطاف أحد أعضائه في العاصمة طرابلس من قبل مجموعة مسلحة تابعة للمجلس الرئاسي، وطالب مكتب النائب العام بضرورة فتح تحقيق عاجل في واقعة اختطاف النائب. وتؤكد منظمة رصد الجرائم (أهلية) أن جهاز الردع هو من قام باختطاف النائب، وأنه قام باحتجازه تعسفياً في سجن معيتيقة من دون اتخاذ أية إجراءات قانونية، في حين لم يعلن الجهاز أو مكتب النائب العام أية معلومات عنه.
كما شهدت العاصمة طرابلس أيضا اختطاف موظف حكومي رفيع المستوى من أمام مقر عمله، وظل محتجزا لمدة ثمانية أيام، واتهم جهاز دعم الاستقرار باحتجازه، وتردد أن هناك شبهات حول تورطه في الفساد.
وكشف تقرير منظمة العفو الدولية عن أسماء عدد من الجهات المسلحة التابعة لجهات حكومية، والمتورطة في انتهاكات لحقوق الانسان، ومن بينها جهاز الردع لمكافحة الجريمة المنظمة والإرهاب، وجهاز دعم الاستقرار، وجهاز الأمن الداخلي في طرابلس، وقوة العمليات المشتركة في مصراتة، وجماعات مسلحة من بينها جهاز الأمن الداخلي، وكتيبة طارق بن زياد، والكتيبة 128، وجميعها مارست ضروبا من الانتهاكات تشمل الضرب، والصعق بالكهرباء، والإعدامات الوهمية، والجَلد، والإيهام بالغرق، والتعليق، فضلا عن العنف الجنسي، بحسب شهادات أقرباء المعتقلين لدى هذه المجموعات والأجهزة.

ويقول الحقوقي عماد عثمان: “الملف الحقوقي في ليبيا لا يزال بعيدا عن الحلحلة في ظل استمرار تفشي الاختطافات والاعتقالات، والتي تطاول النساء أيضا، ولا يبدو أن الجهات القضائية التي تنشط في هذا الملف بمعزل عن التهديدات والتضييقات، إذ تعرّض أعضاء في السلك القضائي للترهيب من قبل مجموعات مسلحة في مناطق شرق البلاد، كما تعرّض محامون كانوا يستعدون للترافع في قضايا مدنية أمام المحاكم للتهديد والاعتقال، ومن بين ذلك قبض جهاز الأمن الداخلي في بنغازي على المحامي عدنان العرفي، في مايو 2022، واحتجازه لمدة 13 يوما بعد أن تقدم بشكوى ضد قاضٍ عسكري”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى