
* كتب/ خالد الجربوعي،
بعد حوالي 5 أشهر على استشهاده بقلب الضاحية الجنوبية ببيروت بقصف العدو الصهيوني، الأمين العام لحزب الله “السيد حسن نصر الله” يوارى الثرى بمثواه الأخير بالضاحية، وسط جنازة مهيبة وحضور جماهيري ربما غير مسبوق في لبنان خاصة، وعديد الدول العربية والاسلامية عامة، وهكذا يودع الأبطال ومن سخروا حياتهم لمحاربة العدو، ونصرة القضية الفلسطينية.. حيث شارك في تشييع جثمانه وفود من نحو 80 دولة، وفقا للجنة المنظمة للحدث.
نصر الله (64 عاما) استشهد بعد ضربة إسرائيلية على مقرّه الواقع تحت الأرض، في منطقة حارة حريك في الضاحية الجنوبية لبيروت، في 27 سبتمبر 2024، استخدمت فيها أطنان من المتفجرات.
ولكن يبقى السؤال الاهم والذي لا يمكن الاجابة عليه الا بعد مرور بعض الوقت وفترة من الزمن وهو..
“هل حقا مات نصر الله..؟!”
وهنا المقصود بالسؤال أو التساؤل ليس الموت المادي أو الجسدي للإنسان، فهذا حدث طبيعي ومصير كل بشر مهما كان اسمه أو مكانته أو موقعه، المقصود هنا هو الموت المعنوي والروحي لمثل هكذا إنسان لأن “نصر الله” لم يكن مجرد شخص عادي، تنتهي حياته ومواقفه وأهدافه بموته ونهاية حياته، فالأمر أكبر من ذلك بكثير، فهو كان مشروعا وحلما وغاية.. لأنه لم يعش من أجل نفسه ولا من أجل هدف محدود وضيق النطاق والحدود والزمان.. فقد كانت أهدافه وغاياته أكبر من حدود المكان وساعات الزمن.. فغايته كانت القدس وهدفه محاربة العدو الصهيوني أينما كان، والعمل على إنهاء وجوده في لبنان أولا وبقية الأراضي العربية وتحديدا فلسطين ثانيا.. وإن كان نجح في الأولى إلى حد كبير، ولم يبق إلا القليل، ولكن الثانية كانت هدف طويل المدى لا يتوقف عند شخص أو زمان..
وطبعا رغم كل ما يقال عنه من رهن لبنان للآخرين وارتباط مصيره ومصير البلاد بخارجها، فإن ذلك حتى وإن كان صحيحا وهو أمر لا ينكر ولو نسبيا، وإن ليس بالشكل الذي يروج له خصومه وأعداؤه داخل لبنان وخارجها، عربا وعجما، فإن هذا الأمر ليس بجديد، ولا هو بدعة لبنانية أو حزبية تخص “نصر الله” وحزبه.. فكل الجماعات التي لها أهداف تحرير ومحاربة عدو لابد من ساند لها وداعم كبير بالمال والسلاح، وغيرها مما يمكن أن يساهم ويدعم خوض حروبها وتحقيق أهدافها، وهو أمر عاشته وتطلبه كل الجماعات، بل حتى الدول التي تدعي السيادة في كثير من الأحيان لا تعيش وتحقق استقراراها الداخلي والخارجي إلا بالتحالف، بل أحيانا بتسليم قرارها ومصيرها إلى دول أخرى أكبر منها وأكثر قوة ومقدرة.. ولا أعتقد أن دولا عربية أو جماعة تكن كل العداء “لنصر الله” وحزبه وداعميه تخلو أو خارج مثل هذا الفعل..
فهناك دول وجودها وأمنها واستقرارها مرتبط بحماية غيرها ودعمها بالقواعد وكل أشكال التحالف.. فلماذا ينكر مثل هذا الأمر على أمثال “نصر الله”..؟؟ الذين حتى إن فعلوا ذلك فإن هدفهم وغايتهم أكبر من كل أوهام واتهامات خصومهم، ومن هم مستعدون لمهادنة العدو، بل والتسليم له والتحالف معه من أجل التخلص من “نصر لله” وحزبه وأمثاله من مقاومين ومقاومة لأنهم لا يستطيعون إلا العيش في كنف الاستسلام والتطبيع، وحتى الخيانة لبنانيا وعربيا دولا وجماعات وأفراد حتى أصبح كل همهم وكل حياتهم مسخرة لتوجيه الاتهامات والنقد، وكل ما يمكن لكل من يقاوم العدو الصهيوني ويرفضه، في مقدمته حزب الله وسيده الشهيد..
وهنا يكون السؤال بعد ما تعرض له الحزب وما فقده من قادة..
هل حقا مات نصر الله وانتهى مشروعه..؟!
أم أن الأمر مجرد كبوة وسحابة صيف يعود بعدها الحزب للاستمرار في أهدافه التي وضعها له سيده الفقيد، ويواصل نضاله نحو غايته وأهدافه
رغم أنف كل المنبطحين والمطبعين ولو خفية، والمستسلمين في لبنان، خاصة وعديد الدول العربية عامة الذين تبين أنهم أكثر تشفيا وشماتة لما حصل لحزب الله وكل محور المقاومة حتى من العدو الصهيوني نفسه، وهذا أحد أهم أسباب الهزائم العربية المتلاحقة طيلة التاريخ الحديث، لأن أمثال هؤلاء كلما خرج من يرفع شعار المقاومة يصبح العدو الأول لهم جميعا ..