عربي 21-
أثار فرض الولايات المتحدة عقوبات جديدة على شركات تابعة لمجموعة فاغنر مقرها الإمارات ووفرت دعما لوجستيا لمقاتليها في ليبيا، تساؤلات بشأن مستقبل المجموعة العسكرية في ليبيا، خصوصا بعد التمرد الفاشل الذي قادته داخل الأراضي الروسية.
والأربعاء، فرض مكتب مراقبة الأصول الأجنبية بوزارة الخزانة الأمريكية عقوبات على أربع شركات وفرد واحد متصل بمجموعة فاغنر الروسية، بما في ذلك موزع للسلع الصناعية، ومقره دبي.
وقالت وزارة الخزانة الأمريكية في بيان إن الشركة تعمل مع Diamville SAU، وهي شركة ذهب وألماس خاضعة للعقوبات ويسيطر عليها يفغيني بريغوجين، مؤسس فاغنر، لشحن المنتجات المزعومة من جمهورية أفريقيا الوسطى إلى الإمارات وأوروبا.
وفي يناير الماضي، أعلنت وزارة الخزانة الأمريكية فرض عقوبات على عدد من الشركات والكيانات والأفراد بتهمة دعم نشاط شركة فاغنر الروسية.
وذكرت الوزارة أن العقوبات شملت شركة طيران كراتول ومقرها في الإمارات تستخدمها فاغنر لنقل الأفراد والمعدات بين دول أفريقية منها ليبيا.
وأشارت الوزارة إلى أن شركة كراتول ساعدت في رعاية وتقديم دعم مالي أو مادي أو لوجستي أو تقني أو سلع أو خدمات لفاغنر، وأنه جرى حظر ممتلكاتها ومصالحها في أمريكا.
وجاءت تلك العقوبات المفروضة بعد أيام قليلة من إعلان البيت الأبيض تصنيف مجموعة فاغنر الروسية منظمة إجرامية دولية، بسبب ارتكابها فظائع وانتهاكات لحقوق الإنسان على نطاق واسع.
وفي أبريل الماضي، فرضت الولايات المتحدة سلسلة عقوبات جديدة على بعض الشركات التي تتخذ من الإمارات مقراً لها بزعم شحن منتجات إلى روسيا.
ما بعد التمرد
والعقوبات الجديدة، التي أعلنت عنها واشنطن الأربعاء، جاءت بعد أيام من محاولة التمرد الفاشلة التي قادتها المجموعة داخل الأراضي الروسية للإطاحة بوزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو، الذي تجمعه خلافات مع مؤسس فاغنر، يفغيني بريغوجين.
وعقب فشل التمرد، بدأ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين السيطرة على أكثر من 100 شركة تابعة لمجموعة فاغنر، بحسب صحيفة “وول ستريت جورنال”.
وقالت الصحيفة إن قائد فاغنر بريغوجين نقل بعض ممتلكاته لموظفيه في الأسابيع التي سبقت التمرد، وهو ما قد يعقّد الأمر على الكرملين.
وبحسب ما أفادت الصحيفة نقلا عن مسؤولين غربيين، فإن بريغوجين بنى واحدة من أكثر الهياكل المؤسسية تعقيدا وغير الخاضعة للمساءلة.
ومع تصاعد نبرة الحديث عن مستقبل شركة فاغنر العسكرية الروسية وأنشطتها في مناطق متفرقة من العالم، قالت وزارة الخارجية الروسية في وقت سابق إن على زعماء الدول الأفريقية أن يقرروا بأنفسهم إن كانوا يريدون مواصلة العمل مع مجموعة فاغنر العسكرية.
وقال ديمتري بيسكوف المتحدث باسم الرئاسة الروسية (الكرملين) إن الدولة الروسية “لا علاقة لها” بنشاط مجموعة فاغنر في الدول الأفريقية.
وأضاف أن فاغنر “لديها نشاط مستقل في أفريقيا لا علاقة للدولة الروسية به”، وذلك رغم كشف الرئيس فلاديمير بوتين -الثلاثاء- أن فاغنر كانت تتلقى تمويلها الكامل من الدولة الروسية.
بدوره أوضح بوتين، أن فاغنر حصلت خلال عام واحد على 86.262 مليار روبل (أكثر من مليار دولار)، وذكر أن الدولة الروسية كانت تمول فاغنر “بشكل كامل”.
الوضع الليبيوعن العقوبات الأمريكية على شركات روسية في الإمارات التي تدعم فاغنر في ليبيا، قلّل المحلل السياسي الليبي فرج دردور من شأن ذلك في صورة مواصلة الحكومة الروسية دعمها المباشر للمجموعة العسكرية.
وفي تصريح لـ”عربي21″، شدد على أن “فاغنر هي مجموعة إجرامية لا يمكن أن تخضع لقوانين أو تتأثر بالعقوبات ما دامت تعمل بنظام العصابات المضرة”.
وقال المحلل السياسي إن مجموعة فاغنر استخدمت القواعد الليبية بهدف المد اللوجستي من أجل توغلها في أفريقيا مثل أفريقيا الوسطى ومالي والتشاد والسودان أيضا.
وأضاف، في تصريح لـ”عربي21″، أنه “بعد ذلك، لم يعد تواجد فاغنر في ليبيا كبيرا بقدر ما حافظت على مواقعها في أفريقيا”، مشيرا إلى أن “المشكل ليس في قوة فاغنر في ليبيا، بل إن الهشاشة الأمنية في البلاد تجعل من التعامل مع المجموعة أمرا صعبا”.
واعتبر دردور أن “فاغنر تمر حاليا بفترة ضعف شديد، خصوصا بعد فقدان الدعم المباشر من الحكومة الروسية، لأنه معلوم أن فاغنر تتلقى دعما لوجيستيا وأسلحة متطورة لا تُباع حتى لبعض الدول، برعاية الرئيس فلاديمير بوتين، ما سيؤثر على تواجدها في ليبيا”.
ورجّح المحلل السياسي أن تعيد الحكومة الروسية تشكيل مجموعة فاغنر أو قد تغير اسمها وقادتها على أن تستمر في أعمالها السابقة، في الوقت الذي تحتاج فيه روسيا لهذه المجموعات من أجل الضغط على الدول الأوروبية، وهي ورقة ضغط لن تسلمها روسيا بسهولة بسبب خلاف مع زعيم المجموعة يفغيني بريغوجين.
فاغنر في ليبيا
وتعمل شركة “فاغنر” للمرتزقة في ليبيا منذ أن شن اللواء المتقاعد خليفة حفتر هجوما للسيطرة على طرابلس في الرابع من أبريل 2019، حين استقدمهم للمشاركة في الهجوم الذي انتهى بالفشل.
ويسيطر مرتزقة فاغنر على عدد من المواقع والقواعد العسكرية شرق ليبيا، فيما لم تفلح كل الجهود والقرارات الأممية؛ في طردهم من البلاد حتى الآن.
وينتشر مرتزقة فاغنر، في محافظتي سرت (شرقي طرابلس) والجفرة (جنوب شرقي طرابلس)، ويتمركزون بقاعدة القرضابية الجوية بسرت ومينائها البحري، بالإضافة إلى قاعدتي الجفرة الجوية وبراك الشاطئ وسط ليبيا.
وقدرت مصادر أمريكية وأممية عدد مرتزقة فاغنر في ليبيا بنحو ألفي عنصر غالبيتهم من روسيا وشرق أوكرانيا وصربيا، إلا أن خبيرا عسكريا تحدث لـ”عربي21″ في وقت سابق قال إن هؤلاء المرتزقة أعادوا انتشارهم على ضوء مشاركتهم في الحرب الروسية على أوكرانيا.
وقال الخبير، عادل عبد الكافي في حديث خاص لـ”عربي21 “، إن عددا كبيرا من عناصر مرتزقة فاغنر انسحبوا من ليبيا بهدف المشاركة في الحرب الدائرة في أوكرانيا، نظرا لخبرتهم الكبيرة في قتال الشوارع وحرب المدن، وهي المرحلة التي تحتاجها روسيا الآن، مشيرا في هذا الصدد إلى أن “فاغنر” اضطرت إلى إعادة انتشارها في مناطق تواجدها شرق ليبيا.
ولفت إلى أن أعداد المرتزقة الفاغنر يتراوح حاليا بين 900 إلى 1000 عنصر فقط، بعدما كان عددهم يضاهي حوالي 2200 عنصر يتواجدون على الأراضي الليبية، وكانوا يتمركزون في ثلاث قواعد رئيسية، وهي الجفرة وبراك الشاطئ (وسط) والقرضابية قبالة سرت.
وتتمتع فاغنر بتسليح جيد، فمن الطائرات المسيرة الخفيفة المخصصة للمراقبة وتوجيه المدفعية، إلى القناصة، ومنظومات “بانتسير” الصاروخية المضادة للطائرات، وصولا إلى مقاتلات “ميغ 29” الحديثة متعددة المهام، وقاذفات “سوخوي 24”.