الأناضول-
ينتظر الليبيون بقلق وشغف أسماء القيادة السياسية الجديدة التي سيخرج بها ملتقى تونس للحوار، بعد الاختراق الحاصل في طريق حل الأزمة على المستويين الاقتصادي والعسكري.
لكن أكثر ما يؤرق الكثير من الليبيين، خاصة القيادات العسكرية في الجيش الحكومي، آليات اتخاذ القرار في مجموعة الـ75 للحوار بملتقى تونس، التي تم اختيارها بإشراف من البعثة الأممية، وتضم نوابا وأعضاء في المجلس الأعلى للدولة (نيابي استشاري) بالإضافة إلى أعيان وممثلين عن الأقاليم الثلاثة (طرابلس وبرقة وفزان).
إذ أن أكثر الأسماء المتداولة في هذه المرحلة لتولي رئاسة المجلس الرئاسي خلفا لفائز السراج، رئيس مجلس نواب طبرق عقيلة صالح، عن المنطقة الشرقية، وينافسه على هذا المنصب رئيس محكمة الاستئناف عبد الجواد فرج العبيدي.
بينما تعود رئاسة الحكومة لفتحي باشاغا، رئيس الداخلية في الحكومة الشرعية عن المنطقة الغربية، والذي زار مؤخرا مصر الداعمة للجنرال المتقاعد خليفة حفتر، ما قد يعزز من حظوظه في تولي هذا المنصب بالتوافق.
في حين من المرجح أن تتولى شخصية من المنطقة الجنوبية رئاسة البرلمان بعد توحيده، لكن دون أن يبرز لحد الآن اسم بعينه.
غير أن أطرافا من المنطقة الغربية تعبر عن تحفظها لتولي عقيلة صالح رئاسة المجلس، لدعم هجوم مليشيات حفتر على العاصمة طرابلس (4 أبريل 2019- 4 يونيو 2020).
فمجلس أعيان وحكماء مدينة الزاوية (50 كلم غرب طرابلس)، اعترض في بيان له على خطاب ما يسمى “مجلس المصالحة”، الموجه للبعثة الأممية المطالب بترشيح عقيلة، لرئاسة المجلس الرئاسي.
** معايير قد تقطع الطريق على عقيلة
وفي ظل هذا التجاذبات، نقلت قناة فبراير الليبية (خاصة) عن مصدر بلجنة الحوار السياسي، المعايير التي اقترحتها البعثة الأممية لاختيار المرشحين للمجلس الرئاسي والحكومة.
وأبرز هذه المعايير، أن لا يكون المترشح شارك في أي عنف ضد خصومه السياسيين أو حرّض عليه، وقد يقصي هذا الشرط عقيلة صالح، لدوره الصريح في التحريض على هجوم طرابلس.
والشروط الأخرى في المترشح لرئاسة المجلس الرئاسي أو الحكومة، تتمثل في أن يكون مدنيا أو ترك الخدمة العسكرية قبل 5 سنوات على الأقل، ولا يحمل جنسية أخرى، ولا يكون متزوجا بأجنبية، وأن لا يقلّ عمره عن 40 عاما.
وبخصوص آليات الاختيار، فتشترط المسودة أن يتحصل المرشح على تزكية 10 مشاركين بالحوار السياسي (من إجمالي 75 مشاركا)، ويجب أن يتحصل شاغل المنصب على 75 بالمئة من الأصوات (على الأقل)، إذا لم يتحقق الإجماع حول شخصية ما.
وفي حال لم يتحصل المرشح على النسبة المطلوبة تُمنح مدة تشاور أخرى للوصول إلى إجماع على مرشح، وفي حال الفشل تُعاد عملية التصويت.
وفي حال إخفاق المرشح مرة ثانية في الحصول على نسبة 75 بالمئة، يُلجأ إلى تقييم البعثة، ويفوز المتحصّل على التقييم الأعلى.
** 7 أشهر لحسم ملف الدستور
كما نشرت وسائل إعلام ليبية مسودة لوثيقة “البرنامج السياسي الوطني للمرحلة التمهيدية للحل الشامل”، والتي تتضمن خريطة طريق تفصيلية بشأن المرحلة الانتقالية التي تنتهي بانتخابات رئاسية وبرلمانية وفق قاعدة دستورية.
وتبدأ المرحلة التمهيدية، بحسب الوثيقة، من منح الحكومة القادمة الثقة، على أن لا تتجاوز هذه المرحلة 18 شهرا، حيث سيكون لرئيس الحكومة نائبين من منطقتين مختلفتين على غرار رئيس المجلس الرئاسي.
وبالنسبة للمسار الدستوري الذي يمثل حجر عثرة أمام الخروج من المراحل الانتقالية، فتضع الوثيقة أمام الجهات المعنية (هيئة صياغة الدستور، ومجلس النواب ومجلس الدولة) مهلة 60 يوما للاتفاق حول هذا المسار.
وإذا مرت 7 أشهر دون استكمال المسار الدستوري، يتولى “ملتقى الحوار السياسي” تقديم الصيغة الملائمة لإنجاز القاعدة الدستورية وقوانين الانتخابات بالتشاور مع المؤسسات السياسية والجهات الفنية المختصة.
وهذا يعني أن كلا من هيئة الدستور (تضم 60 عضوا منتخبا)، ومجلس النواب، ومجلس الدولة، قد يفقدون صلاحية إعداد المسار الدستوري وقوانين الانتخابات، إذا أخفقوا هذه المرة في مهمتهم خلال الفترة المحددة.
كما تضع الوثيقة مهلة 60 يوما من بداية المرحلة الانتقالية، حتى يتوافق مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة، على شاغلي المناصب القيادية للوظائف السيادية.
والمناصب السيادية التي تم التوافق على معايير التعيين فيها خلال مشاورات بوزنيقة المغربية، تتمثل في: محافظ مصرف ليبيا المركزي، ورئيس ديوان المحاسبة، ورئيس جهاز الرقابة الإدارية، ورئيس جهاز مكافحة الفساد، ورئيس وأعضاء المفوضية العليا للانتخابات، ورئيس المحكمة العليا، والنائب العام.
لكن هناك من يضيف إليها منصبي رئيسي المؤسسة الوطنية للنفط، والمؤسسة الليبية للاستثمار، بالنظر إلى التكالب بين الأقاليم والأشخاص حول هذه المؤسسات التي تدير مليارات الدولارات، إلى جانب محافظ البنك المركزي.
** “حوارات تونس” أو “الصخيرات” المغربية
الوثيقة الجديدة المطروحة للنقاش في تونس، تقدم تصورا شاملا للمرحلة الانتقالية القادمة، وهي بذلك ستكون بديلا عن اتفاق الصخيرات الموقع في 17 ديسمبر 2015.
كما أن المتحاورين في تونس ليسوا فقط من مجلسي النواب والدولة، مثلما كان عليه الحال في الصخيرات، بل إن عدد المتحاورين تضاعف إلى 75 شخصا، قلة منهم من المجلسين، مما سيقلص من صلاحياتهما ونفوذهما.
وهذا السبب الرئيسي الذي سعى من خلاله أعضاء في لجنة الحوار للمطالبة بإدراج اتفاق الصخيرات ضمن الوثيقة المعروضة للنقاش.
وفي هذا السياق، قال عضو المجلس الأعلى للدولة موسى فرج، في تصريح صحفي، إن “أغلبية الأعضاء أكدوا ضرورة الارتكاز على مرجعية اتفاق الصخيرات في حوار تونس باعتباره مُضمنًا في الإعلان الدستوري”.
وكشف فرج، أنه “ستشكل لجنة من أعضاء الحوار لإعادة صياغة الوثيقة من الناحية القانونية”.
لذلك قد يتم إضافة تعديلات على الوثيقة حتى يكون هناك تضارب بين المسار الأممي والمسار المغربي.