الرئيسيةثقافة

ملخص كتاب “فن البساطة” للمؤلفة “دومنيك لورو”

* كتب/ يوسف أبوراوي،

تأثرت دومنيك لورو “الأوروبية” في أثناء إقامتها الطويلة في اليابان (26 عاماً) بطريقة عيش هذا البلد الذي تبناها وتقوم هذه الطريقة في الحياة على مبدأ “القليل بُغية الكثير” الذي ينطبق على كل مجالات الحياة، المادية منها والروحية.

وتعرض في هذا الكتاب مبادئها؛ لتساعد المرأة الغربية في تحقيق ذلك..

طهر داخلك، وأفرغ حزنك، وتخل عن تلك المشتريات التي تدفعك إليها رغبتك الجامحة في الشراء لا غير، وتناول طعامك باعتدال واهتم بجسدك وفكرك وروحك..

تحكي المؤلفة عن تجربتها فتقول: لم أتوصل إلى العيش ببساطة بسهولة! لقد كان هذا نتيجة وثمرة تحول بطيء، ورغبة ملحة بالعيش بالقليل، ولكن بمزيد من السلاسة والحرية والخفة.

ولقد أدركت شيئاً فشيئاً أنه كلما خفت حمولتي، خف شعوري بضرورتها؛ لقد أيقنت بعمق أنه كلما قل ما نملك، تحررنا وتألقنا أكثر.

لم نعد نعرف في مجتمعاتنا الغربية كيف نعيش ببساطة، لقد أصبحنا نملك الكثير من المقتنيات المادية والكثير من الخيارات ونواجه الكثير من الإغراءات.

يمضي معظمنا حياته ومعه حقيبة مهمة، وأحياناً الكثير من الحقائب على نحو مبالغ فيه. أما آن الأوان لنبدأ في التفكير والتساؤل لماذا نحن شديدو التعلق بالأشياء؟

فنحن نقتني كثيراً من الأشياء تزيد عن حاجتنا، ولكننا لا ندرك ذلك إلا عندما نُحرم منها. فنحن نستخدمها لأننا نمتلكها، وليس لأنها ضرورية لنا.

إن رمي الأشياء يتطلب جهداً. الصعوبة ليست في التخلص من الأشياء، وإنما في اتخاذ القرار وتحديد ما هو مفيد وغير مفيد.

تجد ثقافاتنا صعوبة في تقبل أولئك الذين اختاروا حياة الزهد والبساطة؛ لأنهم يشكلون خطراً على الاقتصاد والمجتمع الاستهلاكي. إنهم يعدون متطرفين وأفراداً مثيرين للقلق.

إن الاقتصاد في فن الحياة فلسفة عملية، إذ إن العيش بالقليل يُحسن نوعية الحياة.

لا يتحدد جوهرنا بالمادة، ولكي نُصبح من الذين يكتفون بالقليل علينا أحياناً أن نتزود بزاد روحي وفكري.

تخلصي من كل ثروات هذا العالم كما تتخلصين من خرقة بالية تثير استياءك. عندها ستتمكنين من بلوغ الكمال.

يجب ألا نقتني إلا ما هو ضروري جداً، بحيث يُذكرنا كل شيء بحوزتنا أننا لسنا بحاجة لشيء غيره.

تجذب الغرفة قليلة الأثاث نفسياً النور وكل المؤثرات المفيدة المختلفة؛ لتملأها. ويصبح أتفه شيء فيها تحفة فنية، وتصبح كل لحظة تقضى فيها لحظة ثمينة.

يقدم المكان الفارغ لمستخدميه إحساساً بأنهم يسيطرون على وجودهم، لأنهم أحرار، وهذا يجلب لهم المزيد من الراحة والرضى.

*ميزات الاكتفاء بالقليل

الوقت: ضياع أقل واستغلال أفضل.

لا تكوني ضحية فكرة أنك إذا عجزت عن فعل ما تحبين فعله في الوقت الحالي، يكون قد فاتك الأوان، فإن كل ما تفعلينه الآن يجهزك لما ستفعلينه في المستقبل، فالمسألة مسألة تراكم.

إن تحمل المسؤولية من أكثر الطرق فعالية لاستغلال كل لحظة.

حاولي أن تقومي بنفسك بكل ما يمكنك القيام به. فكثير من الناس مكتئبون وتعساء؛ لأن لا عمل لديهم يشغل وقتهم.

إبدأي يومك كل صباح بشكر الله على هذا اليوم الذي بدأ. فلا يهم إن كان جميلاً أو لا، المهم هو ما قمت فيه من أعمال.

يجب أن يكون الكسل من الترف وليس من البطالة. ولا بد من تقديره وتذوقه، كوقت عابر مختطف.

خصصي خمس عشرة دقيقة من يومك لمشروع يعني لك الكثير (قراءة كتاب، الاستعداد لرحلة، …)

لا تستعجلي، ولا ترهقي نفسك بأعمال كثيرة. لذا ارفضي القيام بساعات إضافية أو قبول عمل إضافي نصف وقت إذا كان بمقدورك.

حافظي على ظهر مكتبك خالياً من كل الأوراق باستثناء الأمور التي عليك القيام بها في الوقت الراهن، إذ يسبب لك وجود كومة من الملفات تذكرك طوال الوقت بما عليك القيام به شدة نفسية وارتباكا.

لا تعد الأعمال المنزلية في اليابان من المهام المدنية، فالأطفال في المدارس والموظفون في مكاتبهم وكبار السن في الشوارع جميعهم يبدؤون يومهم بشيء من التنظيف.

أعمال المنزل عنصر حيوي في الحياة. يحافظ التنظيف والكنس والطبخ على حيوية الناس ويجعلهم مسؤولين عن نظافة حياتهم.

أتقني كل ما تلمسينه وتقومين به. لا بد أن يلازمك الحس الجمالي باستمرار حتى في أداء أصغر الأعمال.

عندما نفرض النظام والترتيب على ما حولنا نكون قد نظمنا أنفسنا أيضاً.

إذ يعطينا كل درج فارغ من الأشياء التافهة وكل خزانة مرتبة وكل محاولة ناجحة في التنظيم والتبسيط ذلك اليقين بأننا نسيطر على شيء من حياتنا.

تخلصي من كل شيء لم تستخدميه مرة واحدة خلال سنة.

عايني كل غرفة: كلما قل قطع الأثاث فيها، خف عليك عبء مسح الغبار.

*اكتشفي صورتك الجميلة.. كوني أنتِ.

من لا يعرف أن يجعل من نفسه جميلاً، فلا يحق له الاقتراب من الجمال. “كاكوزو أوكاكورا”

من واجبنا أن يكون مظهرنا نظيفاً ومعتنى به. إذ بإمكانك إذا ما احترمتِ بعض القواعد، ولم تستهلكي جسمك، أن تكوني جذابة..

حتى ولو كانت إمكانياتك الجمالية متوسطة وذلك إذا ما تعرفت على نفسك جيداً.

يؤثر التمتع بالحضور على الآخرين تأثيراً قوياً يغنينا عن حاجتنا لجسم جميل وخالٍ من العيوب.

إنه حضورك هو الذي يمنحك ما نسميه بالهندام الحسن.

يمكن لمظهرنا إما أن يمنحنا قيمة أو أن يحطمنا. الجمال مسألة وراثة، ونظام غذائي، وتفاؤل.

من المهم جداً أن يكون المرء مدركاً لتعابير وجهه، لأن التعابير المتوترة لا تكتفي فقط بالتعبير عن هذا التوتر، بل تسهم أيضاً في استمراره.

إننا بتصرفاتنا نبدو للآخرين. فابحثي عن تصرفاتك. ولتكن جميلة عند الجهد وعند الراحة.

الغذاء الصحي أفضل علاج لبشرتنا وكذلك النوم الكافي والماء الصافي و… السعادة. ما عدا ذلك يعد ثانوياً.

يجب أن تتوقف العناية بالبشرة على تنظيفها من الأعماق وتغذيتها وحمايتها.

إن الاعتناء بالنفس، وبناء علاقة حميمة معها، واحترامها هو واجبنا الأول.

يقول سينيك: “على المرء أن يحمي نفسه، أن يدافع عنها، ويسلحها ويحترمها… وينظم كل حياته حولها.

إذ بالاتصال بها يمكنه أن ينعم بالسعادة الأكبر والوحيدة المشروعة والتي تدوم ولا تزول”.

كلما كان الذهن ينعم بالسكينة، سهل التحكم بمخزونه من المعلومات وتنظيمها واستخدامها بوعي وإدراك، ومن ثم أصبح الفكر أوضح وأكثر تبصراً.

الإنسان الكامل فقط هو من يستطيع أن يعيش بين أقرانه دون تقبل أذاهم.

إنه يتأقلم معهم دون أن يفقد شخصيته. فهو لا يتعلم منهم شيئاً ويعرف آمالهم دون أن يتبناها لنفسه. “تشوانغ تسو”

إننا سنكون أسعد بكثير إذا تعلمنا العيش متقبلين عيوبنا وعيوب الآخرين.

تتقبل ثقافتنا الإنسان اللطيف والمنافق أكثر من المباشر والصادق. فإذا كان قول “لا” مشكلة، فلا بد من أن تتعلمي كيف تقولين “لا” للآخرين لتتمكني من قول “نعم” لنفسك.

دربي نفسك على الاقتصاد في الكلام والحركات والكلمات التي لا جدوى منها عندما تكونين برفقة الآخرين.

إن نقدك للآخرين لا يخبرنا بشيء عنهم، وإنما يخبرنا عنك الكثير: أنتِ إنسان ينتقد الآخرين.

إن الغفران لا يعني قبول ما قد حصل، إنما يعني رفض البغضاء التي تسمم الحياة.

يصبح كل ما نقرأ جزءاً من وعينا. تقوم معظم الكتابات على ملاحظات المرء الشخصية.

عندما تدونين ملاحظات، يمكنك تذكر المهم من الكتاب الذي قرأته.

الكتابة وسيلة مفيدة لتعلم معرفة الذات والإنصات لها.

فن البساطة، تبسيط الحياة يعني إثراءها كيف تعيش ببساطة بعيداً عن قيد الماديات

إننا بحاجة للقليل؛ لنحيا. لقد أيقنت أنه كلما قل ما نملك، تحررنا وتألقنا أكثر.

لا يمكن لمفاهيم جديدة أن تحتل مكانها إلا بعد أن نلغي القديمة، ليصبح للوظائف الأساسية مثل ارتداء الملابس

والطعام والنوم بعدا أعمق

ليس المقصود بلوغ الكمال، ولكن بلوغ حياة أغنى. فالرخاء لا يجلب لنا الرضى ولا الأناقة. إنه يفسد الروح ويسممها.

تعني البساطة اقتناء القليل لترك المجال فسيحاً لما هو أساسي وجوهري.

عالم المعرفة غني جداً ليملأ حياتنا دون الحاجة لأن نضيف إليه تحفاً لا فائدة منها إلا الاستئثار بروحنا

وأوقات فراغنا.. شارلوت بيريان

التغيير يعني الحياة. فنحن نحتوي ولا يُحتوى علينا. إن التحرر من المقتنيات يُساعدنا لأن نصبح ما نُحب أن نكون.

إننا نتألق عندما نتوقف عن الانشغال باعتبارات مادية.

المنزل المثالي هو المنزل الذي يتطلب منك أقل ما يُمكن من العناية والترتيب والجهد، وهو الذي يجلب لك الراحة والهدوء والسعادة

خذ وقتك في اكتشاف ما تُحب، بحيث تتعلم أن تُحب كيف تعيش.. سارة بريثاك.

أن تكون رغباتك عجيبة أفضل من القبول بواقع رديء

عندما نتذوق الجودة، يصعب علينا بعدها التأقلم مع الرداءة.

يُساعدك تدوين كل نفقاتك على ألا تبددي ثمرة عملك دون تفكير.

ليس الكمال في القيام بأعمال تفوق العادة، وإنما في القيام بأعمال عادية بطريقة تفوق العادة.. مثل ياباني.

تشير «دومينيك لورو» في مفتتح كتابها إلى أنّ وسائل الإعلام تنتهك فكرة البساطة نفسها، حين تستدرج الإنسان إلى الاقتناع بأنّ الانتماء إلى العصر يعني التنعّم بالاستهلاك، والركض خلف آخر صرعات الموضة والعصر. ولا تنكر مهارة الإعلان في الإيهام وتحسين القبيح، واللعب بحواسّ الإنسان وخيالاته. ولكن كم شخص انتابت روحه عذابات كثيرة لأنّه يلهث خلف فكرة الاستهلاك التي تنتهك سعادته وهو لا يدري؟ من هنا تعترف الكاتبة أن ممارسة البساطة ليس بالأمر السهل، لأنّها تحتاج إلى نوع من التمرّد والمقاومة والنحت المستمرّ والحصيف للذات.

الكاتبة تروي لنا ما يعانيه الإنسان الغربي من ضيق وتبرّم رغم كلّ التسهيلات التكنولوجية والرقمية، والسبب في ذلك هو أنه يبحث عن السعادة في الأمكنة الخطأ، ويذهب إليها عبر الدروب الضالّة، والمعايير البرّاقة، لكن الخاوية. فهو يظنّ أنّ الامتلاك معيار السعادة فيشتري ويكدّس الممتلكات التي تغزل كثرتُها شرنقةً خانقة حوله وهو لا يراها.

البساطة، تقول الكاتبة، أن تحرّر ذهنك من الأفكار المسبقة والأفكار السوداء، وتحرّر بيتك من الحشو، وجسدك من كلّ لباس يظلمه. فكم من جسد يتشاجر مع لباسه، ويترك هذا الشجار توتّرات خفيّة في النفس.

وتقول الكاتبة إنّ البساطة كأي نصّ مكتوب يحتاج إلى حذف وتقديم وتأخير وتعديل وتنقيح. البساطة لا تعني رمي هموم الدنيا وراء ظهرك، وإنّما مواجهتها باستراتيجية فاعلة وسيّالة كالماء. ليس من السهل تغيير العادات، وتشير المؤلفة إلى مقولة يبدو أنها متداولة في أكثر من حضارة، وهي أن تغيير العادة تقليل للسعادة. ولكن تتساءل، أيّ خسران يجنيه الإنسان في الإصرار على التقيّد بحرفيّة العادات ومسارها؟ أليس التقيّد بالعادات، أيّاً كانت، هي (وضع قيود) وإصرار مضمر على تجميد العين على مشهد واحد، وعليه خسارة لمشاهد مستجدّة؟

وتقول الكاتبة ان الفترة الزمنية المطلوبة لتغيير عادة مستحكمة أو اكتساب عادة جديدة لا تزيد عن الشهر. أليس من المستحبّ تحمل مرارة شهر من أجل اكتساب مذاقات أطيب وأحلى؟ والكاتبة ترصد كلّ شؤون الحياة الإنسانية من روحية وفكرية وجسدية. أي أنها سلطت الضوء على جزئيات بسيطة في الحياة، قد لا يلتفت إليها المرء أو يعيرها أيّ اهتمام بسبب سلطان البداهة القاتلة ولكن الانتباه إليها يجلب الراحة النفسية. تخيّل ما تفعله بأعصابك أمور بسيطة وآليّة ربما، كتقشير تفّاحة بسكين غير مسنونة جيّداً!

تشير الكاتبة إلى ضرورة عدم التعلّق بالأشياء، أن لا نسقط في فخّ الذاكرة ولا في أحابيل الذكريات، وخصوصاً الحزين منها.

يقال إنّ الأسى لا يُنسى، بينما الكاتبة تلحّ على ضرورة نسيان الأسى لأنّه يرخي بظلاله السوداء على المتبقّي من العمر، ويعكر صفو اللحظة التي أنت فيها. وتروي كيف أنّ بعض الناس في لحظة حزن مثلاً يميلون إلى مشاهدة أفلام تؤجّج أحزانهم بدلاً من مشاهدة أفلام تريح أعصابهم، فيقدمون لأرواحهم عن غير وعي منهم طبقاً مسموماً.

تعتبر الكاتبة أنّ على المرء أن يتقن ممارسة أسلوب الإيجاز غير المخلّ، وكما أن الإيجاز مهارة لغويّة فهو أيضاً مهارة حياتية، والإيجاز يتبدّى في عناصر البيت بحجراته وأثاثه وألوان حيطانه وخزائن الثياب. تتكلّم عن «البيت السيّال»، المنساب. وكلمة السيولة من المصطلحات الكثيرة التداول في الفكر اليابانيّ، وهي المستلّة من طبيعة الماء، السيّالة، المرنة، المتحرّكة باستمرار. وكثرة الاستعارات المائيّة في التعابير اليابانيّة لا تخلو دلالاتها من صبغة روحيّة.

وللكاتبة ميل نحو اختزال الألوان المستعملة، حيث تشرح انعكاس الألوان على أحاسيس المرء وكيف أنّ اكتظاظها يشعر بالصخب. إن الألوان تجتاحنا في الشوارع، وهي ألوان صاخبة صارخة تعتدي على العين، فتدعو إلى إقامة التوازن عبر تخفيفها في البيت وفي اللباس أيضاً، وتشير إلى غلبة اللونين الأبيض والأسود في الرسومات اليابانيّة. اختر اللون الأسود مع الأبيض والرمادي فهي ألوان، بحسب المؤلّفة، تريح النظر لأنها غياب وحضور، في آن، لكل الألوان. وبدلاً من أن يركض الإنسان وراء الموضة عليه أن يسعى لبناء أسلوب ذاتي له. اللباس قصيدة تخنقها الزخرفة اللفظيّة. وتقول الكاتبة لاعبة بالكلام إن استخدام الأبيض والأسود والرمادي يجعل حياة الإنسان ملونة. وتقتبس من كلام مصمّم الأزياء اليابانيّ «يوجي ياماموتو» رأيه بالألوان حيث يقول: «إن إعجابه باللون الأسود والأبيض لا حدّ له، إن الألوان التي تجعل من جسد المرآة شجرة عيد الميلاد تزعج العين وتخطف النظر وتغتال جمال المرأة لأنها لا تسمح للون الشعر والبشرة والعينين والمجوهرات بتبيان دلالاتها». وتشير الكاتبة إلى أن المرأة عليها الالتفات إلى بناء أسلوب في اللباس بدلا من طمر شخصيتها في خليط الألوان، فالألوان الكثيفة تعيق التواصل لأنها تشتت الذهن وتبلبل النظر، فالإنسان يعرف من هندامه كما يعرف من كلامه، والألوان الكثيرة أشبه بالثرثرة. إن الكلام الذي لا يقول أفكارك، ونظرتك للحياة، لباس مخادع. وكم من كآبة مصدرها الشرخ العميق بين الشخص ولباسه!

وتخصّص المؤلفة فقرات طوالاً عن مفهوم «الفراغ»، أو فلسفة «الخلاء» وهي من لبّ «الزنّ، والفكر «التاويّ» كما يتجلّى في كتاب الحكيم الصينيّ «لاو تسو».

وللتحكّم بالخلاء في اليابان ثمّة جدران داخليّة متحرّكة، تؤمن للمرء حاجته من الفراغ. فأي قيمة لمنفضة كبيرة الحجم وثقيلة من أجل سيجارة؟ ألا يسرق حجمها من مساحة الطاولة؟ لا تستهين الكاتبة حتى بالملليمترات الضائعة، المثقلة بأشياء تقضم من فضاء البيت. إن الإحساس بفراغ المكان يمنح الساكن شعوراً بأنّه سيّد البيت. وليزيد المرء من إحساسه بالفضاء الرحب في المجال الضيق يلتفت إلى معالجة أمور صغيرة قد لا ينتبه إلى ما تسببه له من توتر. وتعتبر الكاتبة أننا في عصر يسمح لنا باستعمال «المنمنمات التكنولوجية»، كما تشير إلى أن إخفاء أسلاك الهاتف والكمبيوتر والمصابيح عبر تمريرها تحت البُسُط تحررنا من وجودها الضاغط على الأعصاب، وتعتبر الكاتبة أن اليابان يمكن أن تمدنا بعون كبير في استغلال الأمكنة الضيقة والإيحاء برحابتها من خلال خبرتها التراثية.

وتخصّص الكاتبة فصلا لدراسة الوقت، وكيفية التعامل معه. إن الإنسان لا يملك الماضي فهو امتلاك افتراضيّ، والآتي ليس ملكاً لنا. تتساءل: كم عدد الذين يفرّ يومهم من يدهم وهم يسعون إلى الغد أو يسترجعون عبر ذكرياتهم الأيام الآفلة؟ واهتمامها بإدارة الوقت لا يمنعها من النظر إلى فوائد «الكسل» عبر وظيفة الاسترخاء الذي يمكن أن يوظفه المرء في التأمل، وتوليد الأمل، وعشر دقائق من الاسترخاء تعادل، بحسب ما تقول المؤلفة، ستّ ساعات نوم

وأخيراً لا تتخلوا عن أحلامكم… ولكي تحيوا حياة سعيدة عيشوا ببساطة.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى