اخبارالرئيسيةعيون

مرضى الكلى في ليبيا… أزمة مصيرية

العربي الجديد-

يحمّل مواطنون وأطباء السلطات الليبية مسؤولية الكارثة الوشيكة التي قد تطاول مرضى الكلى من جرّاء عدم تعاطيها مع فقدان المشغلات الخاصة بمراكز غسل الكلى والنقص الحاد في الكوادر. يأتي ذلك في حين يعاني قطاع الصحة في ليبيا من أزمة كبيرة تهدّد حياة أصحاب الحالات المرضية بمختلف أنواعها، ومن بينهم المصابون بأمراض الكلى الذين يتخوّفون من إغلاق مراكز وأقسام زرع وغسل الكلى في أيّ وقت.


يقول عاطف امبارك، وهو أحد مرضى الكلى في العاصمة الليبية طرابلس، لـ”العربي الجديد”: “في أحيان كثيرة، نفاجأ بإعلان معلّق على باب مركز الغسل يفيد بتوقّف العمل بسبب نفاد المشغلات، فأضطر بسبب ذلك إلى الانتقال إلى مناطق بعيدة للعثور على فرصة للغسل”، يضيف: “نتخوّف من أن تعلن الأقسام في يوم ما عن الإغلاق النهائي إذا استمرّت أزمتنا من دون حلّ”.
وينقل امبارك عن مسؤولين في مركز مرضى الكلى بمصراتة، شمال غربي ليبيا، أنّهم أبلغوا الجهات الحكومية بأنّ الجلسة الأخيرة لغسل الكلى سوف تكون قريبة بسبب عدم توفّر المشغلات، مشيرين أيضاً إلى نفاد مثبطات المناعة الخاصة بمن خضع لعمليات زرع كلى.
وفي يناير الماضي، أعلن مركز طرابلس لخدمات الكلى عن قرب نفاد المخزون الاحتياطي للمواد التشغيلية الخاصة به، وتوجّه إلى مرضاه في إعلان يشير فيه إلى تأخّر إجراءات استيراد شحنة مشغلات غسل الكلى من قبل وزارة الصحة، وقد أكّد أنّه يعمل بمخزونه الاحتياطي بالإضافة إلى بعض المشغلات من المدن المجاورة.
في سياق متصل، يأمل الطبيب مراد دخيل، من قسم الكلى بالمستشفى المركزي في العاصمة طرابلس، بأن تنظر السلطات إلى أوضاع المراكز الخاصة بأمراض الكلى، محمّلاً مسؤولية ما يجري للجهات الحكومية التي يعدّها السبب الرئيس “في كارثة إنسانية محدقة بمرضى الكلى إذا استمرّ هذا التجاهل”. يضيف دخيل متحدثاً لـ”العربي الجديد”، أنّ ما تعانيه مراكز غسل وزرع الكلى يعود أيضاً إلى “عدم تلقّيها أيّ إمدادات طبية من جهات خاصة، فلجأت إلى التعاقد مع شركات أجنبية لتزوّدها بالمشغلات بناء على موافقة وزارة الصحة. لكنّ تلك الشركات تتوقّف عن التسليم بين حين وآخر بسبب عدم سداد الحكومات الليبية المتعاقبة مستحقاتها”.

ويشير دخيل إلى “عدم توفّر أرقام محدّدة لمرضى الكلى، سواء الذين يخضعون لجلسات غسل أو الذين يحتاجون إلى زرع، نظراً إلى أنّ ثمّة مراكز غسل تتوقّف لأشهر عن العمل، فيضطر المرضى للانتقال إلى مراكز في مناطق أخرى. كذلك فإنّ الوزارة لم تفتح قيوداً خاصة للتسجيل لنعرف الحجم الحقيقي للمرضى”، مشدّداً على أنّ ذلك دليل على عدم حرص السلطات على الاهتمام بمرضى الكلى، ويتابع: “لو كانت مهتمة لعرفت على الأقل عددهم بهدف توفير الاحتياجات الخاصة بهم، وكلّ ما يجري يُعَدّ تعاملاً عشوائياً مع مرضى الكلى من قبل الجهات الحكومية”.
ويوضح دخيل أنّ “الأطباء وإدارات المراكز هم الذين يقاومون الظروف من أجل الإبقاء على المراكز مفتوحة لتقديم الخدمات العلاجية للمرضى. وثمّة مراكز تجمع التبرّعات مثلاً لشراء مصانع لتكرير المياه الخاصة بالغسل وأحياناً لشراء أدوية خاصة بزرع الكلى، علماً أنّه لم تُخصّص مقرّات خاصة كما هي الحال في مركز مصراته الذي ما زال يعمل في أقسام ملحقة بالمركز الطبي في المدينة ويعاني من نقص في كلّ شيء”.

وفي تاجوراء، الضاحية الشرقية لطرابلس، يستقبل مركز غسل الكلى أكثر من خمسين مريضاً يومياً، علماً أنّه يملك 28 جهازاً فقط، بحسب ما يقول امبارك، الذي يتلقّى جلسات غسل فيه، يضيف أنّ “عدد المتردّدين على هذا المركز في تزايد بسبب إقبال مرضى من مناطق أخرى عليه. لذا بدأنا نعاني من الازدحام والانتظار الطويل للحصول على دور للغسل، وأخاف من أن يعجز المركز قريباً عن تقديم خدمة الغسل بسبب عدد الأجهزة القليل ونقص الكادر الطبي مقارنة بعدد المرضى اليومي”.

ويشرح دخيل جانباً من أزمة المراكز الخاصة بعلاج مرضى الكلى قائلاً إنّ “المشكلة الكبرى هي في المشغلات وعدم انتظام توفّرها بشكل كبير. يمكن شراء أدوية المرضى من المرافق التجارية الخاصة واللجوء إلى متبرّعين لتوفير ثمنها، لكنّ المشغلات لا تُباع في الأسواق الخاصة والصيدليات، ولا توفّرها إلا شركات أجنبية تتوقف عن تصديرها إلينا بسبب توقّف صرف الدولة مستحقاتها المالية”. ويؤكد دخيل أنّ “مراكز علاج مرضى الكلى مستمرة في مخاطبة الجهات المسؤولة التي تلقي اللوم على المصرف المركزي والجهات الرقابية بسبب الإجراءات الطويلة المعقّدة للإفراج عن الأموال المخصصة للشركات الأجنبية”.
من جهته، يقول عبد المجيد اغليليب، وهو مواطن يتلقّى علاجاً بعد عملية زرع كلية: “لقد صرنا نشارك مسؤولي المراكز كلّ شيء، حتى متابعة وصول المشغلات ومواقيت وصولها إلى الموانئ وأخبار اجتماعات الجهات الحكومية ومواعيد انعقادها للنظر في احتياجات المراكز”، يضيف في حديث لـ”العربي الجديد”، أنّ “حالتنا سيئة جداً، وما نطلبه هو أبسط حقوقنا، لكنّ لا حلّ لنا إلا الانتظار”. ويلفت دخيل إلى أنّ “الاحتياجات الضرورية للمراكز الخاصة بغسل وزرع الكلى ألهت المسؤولين فيها عن ضرورات أخرى لا تقلّ أهمية، من قبيل تدريب الكوادر الطبية لرفع مستواها في التعامل مع المرضى ومواكبة التطوّر العلمي لمواجهة مثل هذه الأمراض”، ويكمل: “نتغافل أحياناً حتى عن المطالبة ببعض الأدوية، كونها لا تأتي في المقام الأول ويمكن للمريض شراؤها من الصيدليات على الرغم من غلاء أسعارها، بسبب الأولوية القصوى لمشغلات المراكز”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى