اخبارالرئيسيةعيون

مؤتمر تونس يجدد آمال الليبيين في السلام

DW

هل يمكن التوسط بنجاح في البلد المجاور تونس لحل النزاع الدائم في ليبيا؟

تنظر رئيسة بعثة الأمم المتّحدة للدعم في ليبيا بالإنابة ستيفاني وليامز بكثير من التفاؤل إلى المفاوضات التي ستنطلق اليوم (الاثنين التاسع من نوفمبر 2020) في العاصمة تونس. ويرتكز تفاؤلها على تفاهم توصلت إليه أطراف النزاع الثلاثاء الماضي في مدينة غدامس الليبية.

وهذا التفاهم من شأنه تطبيق وقف لإطلاق النار تم التوصل إليه في محادثات في جنيف في الـ 23 من أكتوبر. والاستعداد المعلن عنه هناك من أجل وقف صوت المدافع، نوه به الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتريش بالعملية “كخطوة أساسية نحو السلام والاستقرار”. ويراد الآن التقدم خطوة إضافية في تونس. وتهدف المحادثات في تونس التي يشارك فيها العديد من ممثلي المجتمع المدني الليبي إلى تشكيل حكومة وحدة جديدة وطنية، تليها انتخابات رئاسية وبرلمانية.

 

خطوات جبارة نحو السلام

مجرد عقد المؤتمر، يجعل ويليامز تسجله “كنجاح كبير”، كما قال توماس فولك، مدير برنامج الحوار لجنوب البحر المتوسط لدى مؤسسة كونراد أدناور في تونس. “حضور مختلف الفاعلين حول طاولة واحدة يُعد عملا جبارا. كما أنه في آن واحد مرحب به أن يواصل المؤتمر العمل بالمبدأ المعلن في مؤتمر ليبيا في برلين للتطرق إلى جانب الملامح الاقتصادية والعسكرية والجوانب السياسة”.

 

وإطار مؤتمر طموح يراد له تعبيد الطريق نحو ليبيا آمنة. وهذا الإطار يجب، كما أعلنت ويليامز في أكتوبر أن يشمل شخصيات نافدة من كافة المجتمع الليبي “بناء على مبادئ الانسجام وتمثيل عادل جغرافي وعرقي وسياسي وقبلي واجتماعي”. إذن مبادرة تقوم بإشراك المجتمع المدني وتقويته. وحتى النساء والشباب سيتم إشراكهم في المحادثات. والشباب الليبيون بالتحديد هم من خرجوا مؤخرا إلى الشوارع مطالبين بقضايا اجتماعية وكذلك وقف المعارك.

“لكن سلسلة من الليبيين يشعرون بأنهم مقصيون”، كما قال توماس فولك. “وهذا إشكالي للغاية، لأنه يُطرح السؤال مسبقا حول الشرعية السياسية للمفاوضات والنتائج الناجمة ربما عنها”. كما أن الكثير من الناس يخشون أن يستغل المشاركون المحادثات للدفع بأنفسهم في مناصب عليا.

 

الشيطان يكمن في التفاصيل

والمحادثات في تونس تقف أمام تحد إضافي: أساسها المتمثل في التفاهم حول وقف لإطلاق النار المبرم في جنيف قليل الوضوح في قضايا حاسمة. فنص التفاهم يترك حسب خبراء “المجال لتفسيرات مختلفة وسوء تفاهم أو تغيير تفسير مقصود لفقرات معينة ومفاهيم لخدمة مصالح الأطراف المتفرقة أو مصالح القوى الخارجية التي تدعمهم”. وقد يحاول شركاء الحوار فرض قراءتهم الخاصة للتفاهم. وعلى هذا النحو تفاهم الطرفان بأن يغادر جميع الجنود الأجانب والمستشارون العسكريون والمرتزقة حتى نهاية يناير من العام المقبل ليبيا ـ ووجودهم تعرض عدة مرات للانتقاد من طرف الأمم المتحدة.

وكلا الطرفين يصعب عليه الاعتراف رسميا بأنهما يحصلان على الدعم العسكري من قوى خارجية. وعلى هذا النحو يمكن على جانب “حكومة الوفاق الوطني” التي يرأسها فايز السراج لمجموعات مرتزقة ممولة من تركيا مغادرة البلاد. وعلى جانب حفتر في المقابل سحب حوالي 3000 من المرتزقة الروس إضافة إلى مقاتلين سوريين متحالفين معهم. ولا يمكن في الحقيقة الجزم كيف سيتعامل الفاعلون الدوليون، كما يتساءل خبير ليبيا فولك:” من الصعب التنبؤ هل سيكونون مستعدين لمغادرة البلاد فعلا”. ولاسيما القوتان المتنافستان روسيا وتركيا قد لا يكون لهما اهتمام بتغيير علاقة القوة القائمة حاليا.

 

قضايا بدون معالجة

فعلى هذا النحو من المرتقب أن يوقف الفاعلون الدوليون كل برامج التدريب والتكوين التي كانت في الماضي واسعة النطاق. وعلى هذه الكيفية كوَن الجيش التركي ميليشيات كانت مرتبطة بـ”حكومة الوفاق الوطني”، أما روسيا ومصر ودول عربية أخرى فقد قامت بتدريب جنود الحكومة المضادة في طبرق التي يتبعها “جيش التحرير الليبي” بقيادة الجنرال خليفة حفتر. ومن المرتقب أيضا مبدئيا انسحاب وحدات كلا طرفي النزاع. لكن ليس معروفا إلى أين ستنسحب، وقد يتطلب هذا مفاوضات صعبة.

 

خطر حرب بالوكالة

ونقطة إضافية قد تسبب مشاكل. فكلا الطرفين اتفقا على أن وقف إطلاق النار في جميع البلاد لا يشمل مجموعات صنفتها الأمم المتحدة إرهابية. وبهذا يبقى المجال مفتوحا لكلا الطرفين لمحاربة هذه المجموعات حتى ولو أنها في خدمة الطرف المضاد ـوقد يتسببون في تفجر حرب بالوكالة جديدة في البلاد.

وبالفعل تبقى نتيجة المؤتمر مفتوحة، كما يقول الخبير توماس فولك. ومن وجهة نظره يكون الأهم هو دفع الفاعلين الأجانب إلى الانسحاب من البلاد. “وعلى إثرها يمكن للمجتمع الليبي أن يبدأ في إطلاق عملية سلام جدية”.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى