الرئيسيةكورونا

كورونا يُهدّد دور المسنين في ليبيا

العربي الجديد-

تعيش دور المسنين في ليبيا إهمالاً حكومياً، وتعتمد بشكل كبير على المساعدات التي توفرها الجهات الخيرية والأهلية.

وما يزيد الطين بلة المصاعب المتعلقة بمواجهة خطر تفشي فيروس كورونا في داخلها. وشهدت دار المسنين في مسة (شرق البلاد)، أخيراً، وفاة إحدى نزيلاته بعد إصابتها بكورونا، وذلك بعد أيام من إعلانه إصابة ستة من نزلائه بالمرض.

إثر ذلك، أُغلقت الدار واحتُجز جميع الموظفين في داخلها خوفاً من انتقال الوباء إلى أسرهم.

وأكدت إدارة الدار، عبر صحفتها الرسمية، أنه يواجه إهمال من الجهات المنوط بها المساعدة وتنصل المسؤولين من مهامهم في الهيئة العامة لصندوق التضامن الاجتماعي. وطالبت بـ “مدّ يد العون سريعاً للدار ونزلائها”، مشيرة إلى احتمال إصابة 26 من النزلاء الآخرين”، داعية إلى سرعة احتواء الموقف خصوصاً مع عدم قدرة عدد من الموظفين على الوصول إلى المختبرات للتأكد من سلامتهم قبل عودتهم إلى عائلاتهم.

وتشير تسريبات من المختبرات المعنية بفحوصات كورونا إلى وجود 26 عينة إيجابية (أي مصابة بالفيروس)، ما دفع الدار إلى التحذير بضرورة احتواء الموقف بسرعة، كونه يضمّ عدداً من الموظفين الذين لم يتمكنوا من إجراء فحوصات كورونا، علماً أنه يتوجب عليهم العودة إلى بيوتهم لرعاية عائلاتهم وأولادهم. لكن يمكن تخطي الأزمة في حال تقديم الدعم اللازم.
في هذا الإطار، يشدد مدير الدار الصديق دخيل، في حديثه لـ “العربي الجديد”، على ضرورة أن توجه السلطات اهتمامها لرعاية دور المسنين وسط حالة الإهمال الشديدة التي تعيشها، مضيفاً أنه خاطب بشكل رسمي اللجنة العليا لمكافحة وباء كورونا لـ “ضرورة اتخاذ إجراءات عاجلة إزاء تفشي الوباء بين المسنين”. ويؤكّد أنّ “كل الجهات المسؤولة لم تتوقف عن إطلاق الوعود من دون الإيفاء بأي منها”. ويسأل: “في حال عدم نقل المسنين المصابين بالمرض إلى المستشفيات، فما هي الإمكانيات التي تتوفر لدى الدار لعزلهم؟”، مؤكداً أن الدار لا تملك أية إمكانيات باستثناء سيارة إسعاف واحدة.

وفي وقت سابق، أعلن مركز الرصد الأولي والاستجابة السريعة في إدارة الشؤون الصحية في مدينة البيضاء، شرق البلاد، عن رصد حالة إصابة بالفيروس في دار رعاية للمسنين في المدينة. وأضاف أن الحالة نقلت إلى مستشفى المدينة، مؤكداً أن باقي النزلاء والموظفين في الدار يخضعون لـ “حجر صحي داخل الدار”، وسط متابعة من المركز إلى حين انتهاء مدة الحجر.

ورغم ما يظهره منشور المركز من اهتمام رسمي بدور المسنين، إلا أن الناشط في مجال العمل الخيري رضا علوان، يؤكد أن هذه الدور “تعيش واقعاً مأساوياً حتى قبل وصول الوباء إلى البلاد”، مرجحاً أن يكون خطر الوباء أكبر من المعلن. ولا يتوفر في الموقع الرسمي للمركز الوطني لمكافحة الأمراض، الجهة المسؤولة عن مكافحة فيروس كورونا، أي نشرات تتعلق بدور المسنين، باستثناء توجيهات وإرشادات بشأن رعاية صحة المسنين، بصفة عامة، نشرتها نهاية أكتوبر الماضي.

من جهته، يؤكد الطبيب الليبي رمزي أبو ستة، وهو عضو أحد فرق الاستجابة والرصد التابعة للجنة العليا لمكافحة كورونا في طرابلس، أن جهات حكومية عدة، على رأسها الهيئة العامة لصندوق التضامن الاجتماعي، عقدت اجتماعاً موسعاً في وقت سابق بعد التزايد الكبير لحالات الإصابة بالفيروس في دور رعاية المسنين، بهدف وضع خطة عمل عاجلة للحد من تفشي المرض”، مشيراً إلى أن الاجتماع تمخض عن لجان لتنفيذ زيارات ميدانية للدور. ويقول لـ “العربي الجديد” إن دور المسنين ليست كثيرة في ليبيا، ما يساعد على عملية الإشراف عليها والسيطرة على المرض، لافتاً إلى أن اللجان بدأت عملها. ويشير أبو ستة إلى قرار لوزارة الصحة يتعلق بإعادة تشكيل اللجان الطبية التنفيذية لمكافحة كورونا في البلديات، وتغيير تسميتها من لجان استشارية إلى لجان تنفيذية، ومنحها صلاحيات لذلك. لكنه في الوقت نفسه، يشير إلى أن الاجراءات قد تعرقلها قلة الإمكانيات لتسهيل عمل اللجان.

ويؤكد علوان في حديثه لـ “العربي الجديد” أن القرارات الحكومية لا تتوقف عن الصدور لكن من دون إمكانيات لتنفيذها، وخصوصاً فيما يتعلق بدور المسنين التي تعتمد على التبرعات، والتي تأثرت حتى في ما يتعلق بالتبرعات بسبب الأزمة الاقتصادية التي يعانيها رجال الأعمال والمتبرعون.

إلى ذلك، شكّلت دار الوفاء لرعاية العجزة والمسنيـن‎ في طرابلس، لجنة أزمة لمواجهة وصول الوباء إلى نزلائها. لكن علوان يؤكد أن كل الحاجات توفرت من خلال التبرع بما في ذلك الكمامات والقفازات ومعدات التعقيم من دون أي مساعدة من قبل الجهات الرسمية. ويعرب عن مخاوفه من تفشي الوباء في الدار، مشيراً إلى أن مراكز الكشف عن الفيروس ومن بعدها مراكز العزل، تعاني هي الأخرى قصوراً في عملها بسبب العجز في الإمكانيات وبالتالي “الخطر محدق بشكل كبير في دور المسنين إذا ما تفشى بينهم الوباء”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى