الرئيسيةالراي

رأي- الثورة والتغيير والانتهازية

*كتب/ يوسف أبوراوي،

عندما تزيل الثورة قبضة الديكتاتور.. يصبح الفراغ متاحا لمن يجيد التحرك.. فيسارع الأذكياء والأكثر تنظيما في شغل هذا الفراغ بأشكال مختلفة.. ويرفعون شعار الثورة التي أوصلتهم ليقولوا نحن من ثرنا وضحينا وبالتالي فنحن الأجدر بالحكم.

ولكن الحقيقية تقول إن أكثر من يحكمون بعد أي ثورة لا علاقة لهم بالثورة، بل هم طرف سياسي استغل هذه الثورة وركب موجتها.. وذلك طبيعي جدا أيضا.. فالحكم يحتاج حدا أدنى من التنظيم الذي لا تمتلكه الجموع العشوائية.. بعد فترة يبدأ كثير من المجموعات والاتجاهات في رص صفوفها وتنظيم نفسها، وترتدي هي الأخرى عباءة الثورة التي يظنها العامة مقدسة، وهي لا تعدو كونها مجرد تحرك اجتماعي يئس من التغيير بالطرق السلمية، فلجأ إلى التغيير العنيف، ولكنها تغفل عادة عن تحديد أهدافها وإنشاء خطط للوصول إلى الأهداف.

كنتيجة لذلك فلن تستطيع تلك الثورة تغيير البنى العميقة في علاقات المجتمع والمؤسسات، فسيعود النظام السابق أو شيء قريب بنفس الوجوه السابقة، أو عبر صناعة وجوه جديدة لسبب بسيط.. هو أن العلاقات التي أنشأت الحالة السابقة هي التي ستنشئ الحالات اللاحقة.. ولكن ذلك لا يعني أن الثورات بلا فائدة، فهي على الأقل تنبه الناس إلى أن التغيير ممكن، إذا أردنا ذلك، إذا أغلقت أبواب التغيير الأخرى.

هذا الأمر سيكون نقطة قوة للمجتمعات، وستجلب الرعب للحاكمين مستقبلا، لخوفهم من ثورة محتملة.. إلى أن نصل لنقطة توازن تتوازن فيها القوى داخل المجتمع بصيغة ما، ربما بعد ثورات عديدة، أو بارتفاع الوعي وقدرة المجتمع على إنتاج طبقة سياسية تعي ذلك، ولا تدخل مغامرات غير محسوبة!!!!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى