اخبارالرئيسيةعيون

الأزمة الليبية: مقترح أميركي لمنع تجدد الاحتراب

العربي الجديد-

كشفت مصادر دبلوماسية مصرية وأخرى غربية في القاهرة كواليس التحركات الدولية الأخيرة بشأن نزع فتيل الأزمة في ليبيا، بعد منح مجلس النواب في طبرق الثقة لحكومة جديدة برئاسة فتحي باشاغا، وسط رفض رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة الاعتراف بالخطوة التي اتخذها مجلس النواب.

وقالت مصادر غربية في القاهرة، مطلعة على الأزمة الليبية، إن تحركات قادها السفير الأمريكي لدى ليبيا ريتشارد نورلاند توصلت إلى تفاهمات لاقت قبولاً لدى غالبية القوى الدولية الفاعلة في الملف الليبي.

وأضافت أن المقترح، الذي لا يزال في مرحلة التجهيز وتوفير الضمانات اللازمة لتنفيذه، يهدف للخروج من المأزق ومنع الاحتراب مجدداً في ليبيا، خصوصاً في ظل عمليات التحشيد المليشياوي من جانب الطرفين.

نورلاند قدّم المقترح للدبيبة وباشاغا

وأوضحت المصادر، التي تحدثت لـ”العربي الجديد”، أن المقترح الذي قدم نورلاند تفاصيله لكل من الدبيبة وباشاغا، خلال لقاءات جمعته بكل منهما على حدة، يتضمن استمرار حكومة الوحدة الوطنية بتشكيلها الحالي، مع إدخال تعديلات طفيفة عليه.

وأشارت إلى أن عليها تقديم خريطة زمنية واضحة بإجراء الانتخابات خلال مدى لا يتجاوز نهاية العام الحالي، شرط التعهد كتابياً من جانب الدبيبة بعدم الترشح للانتخابات الرئاسية المقبلة.

وأوضحت المصادر أنه فيما يخص الحكومة الجديدة، برئاسة باشاغا، التي منحها مجلس النواب الثقة، فإنه من المقرر وفقاً للمقترح الأميركي، تقديم اعتذار عنها، على أن يترشح باشاغا في الانتخابات الرئاسية المقبلة، بدعم وتوافق دولي من كافة الأطراف الفاعلة في الملف الليبي.

وكشف السفير الأميركي لدى ليبيا، السبت الماضي، عن لقاء له بكل من الدبيبة وباشاغا، في سياق التوترات السياسية المستمرة في ‎ليبيا، وأكد ثقته في رغبة القياديين في تجنّب تصعيد العنف.

وقال إنه “شجع” كلاً منهما على النظر في السبل التي يمكن من خلالها إدارة شؤون البلاد، في وقت تُبذل فيه جهود، بتيسير من الأمم المتحدة، لاستعادة الزخم بسرعة نحو الانتخابات البرلمانية والرئاسية.

وأضاف نورلاند، في تغريدة عبر حساب السفارة الأميركية بموقع “تويتر”: “لقد شجعني سماع التزامهما المتبادل بإجراء الانتخابات في أقرب وقت ممكن. وهذه قرارات لا يمكن أن يتخذها إلّا الليبيون، لكنهم يحظون بدعمنا الكامل للتوصّل إلى حلول سلمية”.

من جانبه، قال مصدر دبلوماسي مصري إن سحب روسيا بعضاً من مقاتلي مرتزقة “فاغنر” من ليبيا وبعض الدول الأفريقية، وتوجيههم لمناطق القتال في أوكرانيا، وكذلك انشغال موسكو بأزمتها، أدى إلى تغيرات في موازين القوى على الأرض، خاصة في ظل انحياز الإدارة الأميركية والقوى الأوروبية إلى المحسوبين على معسكرها.

وأشار إلى تراجع الدعم بشكل واضح للقوى التي ترتبط بشكل وثيق بروسيا، والذي يتركز في شرق ليبيا، وعلى رأسها رئيس مجلس النواب عقيلة صالح، وقائد مليشيات شرق ليبيا خليفة حفتر، والذي كان يمثل للحكومة المكلفة عنصر قوة.

وأشار المصدر إلى أن الانسحاب الروسي صاحبه موقف تركي أكثر فاعلية وتأثيراً، في ظل محاولات أنقرة مد علاقاتها مع جميع الأطراف.

وأوضح أن المسؤولين الأتراك لم يصطدموا بباشاغا، رغم ميلهم إلى حكومة الدبيبة، وهو ما ظهر في التعليق الصادر عن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بشأن ليبيا، والذي أكد خلاله أن بلاده ترتبط بعلاقات جيدة بكل من باشاغا والدبيبة، وكلاهما من أصدقاء أنقرة.

وتابع المصدر حديثه عن التحركات التركية وتأثيرها على بعض الأطراف، ويأتي في مقدمة ذلك المجلس الأعلى للدولة، الذي ساهم التحول في موقفه برفض إجراءات البرلمان بشأن اختيار حكومة جديدة بتغيير الوضع، خصوصاً أمام القوى الأوروبية الكبرى، التي كانت تبدي ترحيباً بحكومة باشاغا في البداية، باعتبار أنها محل توافق الأجسام الشرعية المتمثلة في مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة.

وعقب الإعلان عن مساعي مجلس النواب لتشكيل حكومة جديدة، أصدر المجلس الأعلى للدولة بياناً قال فيه إن “ما صدر عن مجلس النواب في جلساته الأخيرة، بالانطلاق فقط في مسار تغيير السلطة التنفيذية، قبل اتخاذ خطوات عملية وموازية بشأن تعديل الإعلان الدستوري، والمضيّ قدماً نحو اتفاق نهائي بشأن خريطة الطريق بمساراتها الدستورية والتنفيذية والأمنية، وإجراء المصالحة الوطنية، يعتبر مخالفة جذرية”.

ودعا مجلس النواب إلى “التقيّد بما تم الاتفاق عليه”، وقال: “نرفض السير فقط في أحد المسارات دوناً عن المسارات الأخرى. ويُعتبر الاستمرار في ذلك إجراء أحادياً مرفوضاً، وغير قابل للتطبيق”.

وحث المجلس الأعلى للدولة مجلس النواب على “التعاون لإنهاء المرحلة الانتقالية، والذهاب بأسرعِ وقت للاستفتاء على الدستور وإجراء الانتخابات”.

وبحسب مصدر دبلوماسي غربي بالقاهرة، فإن الطرح الأميركي الجديد لقي قبولاً لدى فرنسا التي تقف مع مصر في خندق واحد، يتعلق بدعم باشاغا وحكومته، حيث كانتا أكثر الداعمين له.

وأكد المصدر، في الوقت ذاته، أن إيطاليا أيضاً أبدت قبولاً بالتصور الأميركي، مؤكدة على ضرورة حصول توافق ليبي – ليبي بشأنه لضمان تحقيق الأهداف المرجوة منه وتجنيب ليبيا الحرب.

من جانبه، قال دبلوماسي مصري إن القاهرة ستدعم من جانبها أي توافق بشأن ليبيا، طالما أنه سيحقق مصالح الليبيين، ويراعي مصالح دول الجوار، وأهمها الأمن والسيطرة على الحدود الليبية.

وأكد المصدر أن “كلا الفريقين “الدبيبة وباشاغا لديه من الميليشيات المسلحة” في الأراضي الليبية ما يمكنه من خوض صراع جديد يُدخل البلاد في متاهة جديدة من العنف والدماء لن يستفيد منها أحد، سواء داخل ليبيا أو في دول الجوار”.

وأضاف أن “من مصلحة مصر تحقيق الاستقرار والأمن في ليبيا. كما أن من مصلحتها تحقيق الاستقرار والأمن في السودان، فالأمن القومي لهاتين الجارتين يعد مصلحة عليا لمصر لا يمكن التهاون فيها”.

مصر وإعادة الإعمار في ليبيا 

وأشار المصدر إلى أن “مصر ترغب في الحصول على حصة من مشروعات إعادة الإعمار في ليبيا، بعد أن تستقر الأمور ويتم انتخاب حكومة جديدة. وهو ما يجعلها تحرص على أن تكون طرفاً مؤثراً في اختيار تلك الحكومة. لكن الأهم من حصة إعادة الإعمار، هو الاستقرار الأمني في الجارة الغربية، وضمان عدم تحول ليبيا إلى مصدر تهديد لمصر، من خلال كونها حاضنة لأي قوى معادية”.

وأكد المصدر أن “المساعي التي تقوم بها الدول الكبرى، لديها فرصة جيدة لتحقيق السلام الاجتماعي في ليبيا، ما سيعود بالفائدة على الجميع”.

وأشار إلى تصريحات وزير الخارجية المصري سامح شكري، خلال إلقائه كلمة بلاده في الجلسة الافتتاحية لأعمال الدورة العادية 157 لمجلس جامعة الدول العربية على المستوى الوزاري، أمس الأول الأربعاء.

وقال شكري إن “تحقيق السلم الاجتماعي، والحفاظ على الهوية والنسيج الوطني في ليبيا، طريق لا غنى عنه لاستعادتها استقرارها المنشود، وهو ما لا يمكن الوصول إليه إلا بتوافق الطيف الأوسع من القوى الليبية الفاعلة، على المضي قدماً صوب المستقبل دون أي إملاءات أو تدخلات خارجية”.

وأضاف شكري، في كلمته، أن “مصر تثمن دور المؤسسات الليبية واضطلاعها بمسؤولياتها، بما في ذلك إجراءات مجلس النواب كونه الجهة التشريعية المنتخبة، والمعبرة عن الشعب الليبي، والمنوط بها سن القوانين، ومنح الشرعية للسلطة التنفيذية، وممارسة الدور الرقابي عليها، بما يفضي إلى تحقيق التطلعات المشروعة للشعب الليبي، وصولاً إلى إجراء الانتخابات على نحو يتيح المجال للأشقاء الليبيين للتعبير عن إرادتهم الحرة ورسم مستقبل بلادهم”.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى