
* كتب/ خالد الجربوعي،
وزارة الاقتصاد وجدت لكي تقوم بتنظيم اقتصاد الدولة وتحديد نوعيته، وأوجه التعامل من خلالها، ومتابعة ومراقبة كل ما له علاقة باقتصاد البلاد وتجارتها، خاصها وعامها، ومنع أي تجاوزت تضر بمصلحة البلاد والعباد، وتعمل على توفير البدائل عند الأزمات..
لكن بكل أسف إن وزارة الاقتصاد عندنا ووزيرها أصبح وجودهما مثل عدمه، فكل شيء يسير خارج منظومته، وليس بيد وزيرها إلا إصدار القرارات التي لا تساوي الحبر الذي كتبت به، والتصريحات التي لا تتجاوز المكان الذي قيلت فيه.. بل أحيانا كثيرة يحدث العكس، وتكون ردّة الفعل حول قرارات الوزارة ووزيرها سلبية، وفي غير مصلحة المواطن والأمر له الكثير من التجارب، خاصة عند إصدار قرارات تتعلق بتحديد الأسعار.
بعض القرارات التي نجد أنها تكون في مصلحة التجار لا المواطن، بل أحيانا كثيرة تساهم في رفع الأسعار المستقرة قبل مثل هذه القرارات الفاشلة.. أو القرارات التنظيمية مثل ما صدر حول العمالة الأجنبية، وما يتعلق بتوريد وتصدير السلع وغيرها، فكلها لا مكان لها على أرض الواقع طيلة السنوات الماضية.. بل إنه في كثير من الأحيان يصدر من وزيرها تصريحات واهية لا تقدم إلا مزيدا من الأزمات والارتباك، كما حدث عندما تحدث عن الدين العام ونسبة الفقر في ليبيا، بأرقام وكلام لا واقع له ولا حقيقة، حتى إن رئيسه في الحكومة فند هذا الكلام، واستغرب صدوره من وزير في حكومته دون أي مسئولية أو مرجعية حقيقية..
أعتقد أن الوزارة ووزيرها منذ سنوات عديدة أصبحت عبأ على الليبيين، وما تفعله يكون صادما لهم وفي غير مصلحتهم، وأكثر ما يفعله الوزير هو افتتاح المعارض التي لا تهم المواطن من قريب أو بعيد، ولقاء السفراء والوزراء في الدول الأخرى بحجج اتفاقيات، وغيرها من كلام لا مكان له على أرض الواقع هو الآخر، لتكون وزارة الوهم والتجارة لا الاقتصاد والتجارة.
فقرارات “الحويج” العشوائية لا تقدم إلا مزيدا من رفع الأسعار على المواطن كل حين، ومن أمثال ذلك ما يصدره من حين لآخر من قرارات تتعلق بتحديد الأسعار لبعض السلع الأساسية، لتساهم في رفع الأسعار، وليس تخفيضها، فكم من مرة وضعت الوزارة ووزيرها أسعارا لبعض السلع خاصة الغذائية، لتاتي النتائج عكسية، دون أن ننسى ما يصدر من قرارات حول تحديد أوزان وأسعار رغيف الخبز، والتي لا تتجاوز المكان الذي صدرت منه أو الموقع الذي أعلن عنها.
فوزارة لا تستطيع تحديد أوزان الخبز وفرض العمل بها على المخابز، ولا تستطيع حتى تحديد أسعار الرغيف بشكل محدد وتحوله إلى واقع.. فيمكن القول أن القانون رقم 23 لسنة 2010 حول حرية التجارة قد جردها من حقها في تحديد أسعار السلع، وإن كان منحها بعض الهامش للتدخل عند الضرورة، لكن للأسف كل تدخلاتها السابقة وقرارات وزيرها حول هذا الأمر لم تحقق شيئا، بل كانت عكسية تماما، بداية من الأسعار المحددة والتي تفوق الأسعار الموجودة في السوق أحيانا إلى رفض التجار لها عندما تكون في غير صالحهم، وصولا إلى تراجع الوزارة ووزيرها عند هذه القرارات عندما يفرضها أصحاب السلع ولا يهتمون لها.
مثل هكذا وزارة أصبح وجودها مثل عدمه، فهي لا تقدم إلا مزيدا من الأزمات والمعاناة، بقرارات وهمية وأفعال لا مكان لها على أرض الواقع، ولا يستفيد منها لا وطن ولا مواطن..
فألى متى تستمر هذه الوزارة ووزيرها المشغول بالزيارات الخارجية والمعارض المتنقلة، والاجتماعات والاتفاقيات الوهمية داخليا وخارجيا، في تجاهل لدورها، وحضور حقيقي على الأرض لتقدم للمواطن ما يفيده، ويرفع عنه ما يعيشه من أزمات لا تنتهي، بل تزداد كل يوم بسبب ارتفاع الأسعار وسرقة الأوزان في كل السلع، دون أن ننسى دخول سلع خارجية دون مواصفات ولا صلاحيات، دون حسيب أو رقيب.. فقط مجرد أوهام وقرارات وتصريحات لا قيمة لها ولا ودور.