الرئيسيةالراي

رأي- مجزرة الرياضية 1996رسالة طابع بريدها الدم..

* كتب/ خالد الجربوعي، 

لم يخل مكان إلا وكان للقذافي فيه مجزرة، جوا وبحرا وبرا، جامعات مستشفيات مدارس شوارع، في الداخل في الخارج؛  وحتى الملاعب الرياضية لم تسلم من مجازره. ولعل ما حدث يوم 9-7-1996 في المدينة الرياضية بطرابلس عندما ذهب الشباب ومحبي الكرة إلى الملعب لمشاهدة مباراة في كرة القدم بين فريقي الأهلي والاتحاد وبعد نهاية المباراة..

وبينما بدأت الجماهير في الاستعداد لمغادرة الملعب تتفاجآ بوابل من الرصاص ينهمر كالمطر من كل مكان في اتجاهها، دون أي تردد، ليحصد في دقائق أكثر من ثلاثين ضحية سقطوا دون ذنب، إلا أنهم كانوا ضحية لغرور ودموية من كان يحكم البلاد حينها، والذي أراد أن يبعث من خلالهم رسالة بطبع بريد من الدماء ولو كانت لأبرياء.. فالأمر ليس كما تصور البعض أن هذه الحادثة كانت دفاعا عن ابنه الذي كان في وسط الملعب، أو من أجل فض المشاجرات البسيطة التي كانت تجري وسط الملعب.. إن الأمر أكبر من ذلك، بل إن الأمر مدبر ومعد مسبقا، وخير دليل على ذلك أنه ومنذ الصباح في ذلك اليوم كانت توجد فوق معسكر قرجي سابقا المقابل للمدينة الرياضية بعض الأسلحة المتوسطة مواجهة باتجاه الملعب، تحسبا لما يمكن أن يحدث من الجمهور من رد فعل عند تنفيذ هذه المذبحة.. وهذا أمر على غير العادة ويحدث لأول مرة تقريبا..

إن المقصود مما حدث هو أن القذافي بهذه العملية الإجرامية أرد أن يوجه رسالة مزدوجة في تلك الفترة، الأولى للمنطقة الشرقية والتي كانت تجري بها في تلك الفترة عملية عسكرية في جبال مدينة درنة بالجبل الأخضر، وكانت تلك العملية تواجه بمقاومة فأراد أن يقول لمن يوجههم هناك إنه مستعد أن يقتل من هم آمنين في ملعب كرة، فما بالك بمن يحملون السلاح ويفتحون الجبهات ويواجهونه في معارك حقيقية.. وأعتقد أن الجميع يعرف ما حدث للقضاء على تلك المجموعة، وما استعمل من سلاح ثقيل وطيران، حتى وصل الأمر إلى استعمال أسلحة كيماوية كما قال الكثيرون..

إما الرسالة الثانية فكانت من أجل التغطية على مجزرة أبوسليم، التي ارتكبت قبل هذه المجزرة بعدة أيام، فأراد أن يشغل الناس بالحديث عن هذا الأمر المعلن، ليبقى الأمر المخفي طي الكتمان لأطول فترة ممكنة..

وما يزيد الأمر سوءا أنه عندما أرد أهالي الضحايا لمجزرة الرياضية استلام الجثامين طلب منهم التوقيع على ورقة تفيد أن أبناءهم ماتوا نتيجة الشغب الذي قاموا به، حتى إنه كان من بين القتلى رجال شرطة يقومون بعملهم، وتم التعامل معهم بنفس الأسلوب..

أليس هذا إجرام ما بعده أجرام؟ وما يؤسف له أن التعامل مع هذه المجزرة لم يتم بالشكل المناسب للتعريف بها حتى اليوم لمعرفة خلفياتها الحقيقية.. فحتى أهالي الضحايا لم نسمع أيا منهم يتكلم عن هذه المجزرة، وحتى إعلاميا لم يتم التطرق إليها عبر القنوات التلفزية أو أي وسيلة إعلام إلا بشكل سريع، بل منهم من ربطها بما حدث في سنة 1989 في مباراة الفريق الليبي والفريق الجزائري الملغاة، والتي خرج فيه الشباب من الرياضية في مظاهرات حاشدة وصلت حتى بداية مركز المدينة، وتحديدا قرب مقر نادي المدينة الرياضي، فووجهت هناك بالسلاح، كما هو معتاد ممن لا يعرف إلا القوة في التعامل مع الشعب، ولهذا لم يكن من الممكن إنهاءه إلا بالقوة التي يخشاها.

للكاتب أيضا: 

رأي- مجزرة أبوسليم وإعدام متهمين…

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى