* كتب/ السنوسي بسيكري،
فازت القائمة التي كانت أقل حظا في الجولة الأولى من مسار القوائم الرباعية، ولهذا دلالته، ذلك أن القائمة التي واجهتها، وهي قائمة عقيلة صالح وفتحي باشاغا، محل جدل كبير، خاصة في المنطقة الغربية، ولأن قائمة عقيلة دعمت من حزب العدالة والبناء وهو خصم العديد من أعضاء ملتقى الحوار السياسي، كان دعمهم للقائمة المنافسة حتمي.
صحيح أن القائمة الفائزة هي الأقل جدلا، لكنها لا تملك نفوذا كافيا على الأرض، خاصة في العاصمة وفي الشرق، فقد كان وجود عقيلة صالح على رأس القائمة المرشحة للفوز مطمئنا لمجاميع سياسية وعسكرية في الشرق الليبي، كما أن لباشاغا حضوره ليس فقط في مصراتة، بل في طرابلس.
وبالنظر إلى تركيبة القائمة الفائزة فإن من على رأسها محمد المنفي عضو المؤتمر الوطني عن مدينة طبرق، وممن ناصروا ثورة فبراير، ولم يدعم عملية الكرامة، وانضوى تحت سلطة حكومة الوفاق باعتباره سفيرا في دولة اليونان.
أما نائبيه، عبدالله اللافي من الزاوية، وموسى الكوني من الجنوب، وإن لم يظهرا اصطفافا سياسيا خاصة بعد الانقسام السياسي، إلا إنهما من المتحفظين على العدوان على العاصمة طرابلس، ويحوزان على تقدير داخل أوساطهما في الغرب والجنوب.
بالنسبة لرئيس الحكومة عبدالحميد ادبيبه، فهو من عائلة الدبيبة التي تملك ثروة كبيرة وتحوز على نفوذ داخل مصراتة، ويبدو لي أن تقدمه جاء كحل وسط بين مرشحي مصراتة البارزين وهما فتحي باشاغا واحمد امعيتيق، واللذين خاضا سباق تنافس كان قابلا للصدام.
المجلس الرئاسي الجديد أمامه فرصة لينجح في معالجة ملفات شائكة ويفلح في إيصال البلاد إلى الانتخابات، ذلك أن أعضاءه لم يتورطوا في النزاعات التي شهدتها البلاد ولم يكونوا جزءا من الصراع القائم منذ العام 2014م. كما أن اتجاها دوليا قويا تقوده الولايات المتحدة وأوروبا يرى في التوافق وسيلة للحد من التدخلات الخارجية التي باتت مقلقة بالنسبة لهم بعد تعاظم دور روسيا وازدياد نفوذ تركيا في البلاد.
حظوظ المجلس وحكومته في أن يجدا تعاونا في مناطق الغرب جيدة ذلك أن الغرب أكثر تجاوبا مع التغيير كما أن هزيمة قائمة عقيلة صالح ستكون دافعا لدعم القائمة الفائزة، وقد يكون لاستبعاد العاصمة من السلطة التنفيذية تأثيرا سلبيا ليصبح ذريعة لإثارة مشاكل من قبل بعض المجموعات المسلحة، ولا ننسى أن البعد الجهوي برز وتصاعد في العاصمة خلال العدوان الذي شنه حفتر.
على الطرف الأخر من جغرافيا الصراع يكمن التحدي، فبرغم إعلان عقيلة صالح قبوله بنتيجة الاقتراع وإقراره بخسارته منصب رئيس المجلس الرئاسي، إلا أن حفتر لن يقبل بقيادة لا تدعم سلطته المطلقة على الجيش والأجهزة الأمنية.
عقيلة صالح يدرك أنه برفض النتائج يقع في ورطة حتى مع أنصاره، كما أنه سيعزز فرص استبعاده من رئاسة البرلمان، وبالتالي فقد يستخدم عقيلة صالح الموقف من المجلس الجديد كورقة مساومة للمحافظة على موقعه تحت قبة البرلمان، كما يمكن أن يحول رفضه دون ترشحه في الانتخابات القادمة.
هناك ما يؤكد عدم اهتمام حفتر بالمسار السياسي وعدم تعويله عليه، وهو ما يعني أنه لا يزال يعتمد على القوة العسكرية لفرض إرادته، وسيكون لحفتر دور سلبي محتمل إذا لم تتوافق الأطراف الدولية على المجلس الرئاسي الجديد وعلى خطته في ترتيب الأوضاع الأمنية.
خسارة قائمة عقيلة باشاغا تعكر صفو التسريبات التي تتحدث عن تجسيد هذه القائمة للاتفاق التركي المصري حول الملف الليبي، فمعلوم أن الأول يحظى بدعم مصري ويتمتع الثاني برعاية تركية، وفي حال صدقت نوايا الطرفين الإقليميين فإن معاودة التوافق ممكنة مع المجلس الجديد وسيكون السيناريو الذي يمهد لترتيبات دولية تعزز السلام وتنزع فتيل الحرب، الأمر الذي سيفقد حفتر نفوذه وقوته ويرغمه على القبول بالتماهي مع السلطة الجديدة.
أما في حال تهاونت واشنطن في احتواء الأزمة الليبية، ولم تتوافق الأطراف الإقليمية على خطة الانتقال للوصول للانتخابات، فإن التوتر سيكون سيد الموقف ليتكرر سيناريو شبيه بسيناريو الصخيرات والمجلس الرئاسي المنبثق عنه.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*نشر على موقع عربي 21