اخباراقتصادالرئيسية

موازنة ليبيا بلا جدوى: الانقسام الحكومي يعطّل آليات الإنفاق

العربي الجديد-

باتت أغلب المؤشرات في ليبيا تؤكد أن إقرار الموازنة العامة من دون وجود حكومة واحدة يجعلها بلا جدوى، يترافق ذلك مع مرور أكثر من خمسة أشهر على بدء العام 2022 وسط جملة من المتغيرات الاقتصادية، منها تراجع مداخيل النفط وارتفاع الأسعار وتأخر الرواتب عن الصرف.

ولا تقتصر الأزمة السياسية في ليبيا على وجود حكومة برأسين، لكنها امتدت إلى وجود مقرين كذلك، أحدهما لرئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد دبيبة في العاصمة طرابلس حيث مقر الإدارات العامة الأساسية، والآخر بإدارة فتحي باشاغا الذي اتخذ مدينة سرت مقرا لإدارة مهامه.

وأحال مجلس النواب مقترح موازنة حكومة باشاغا بقيمة 94.8 مليار دينار ليبي (ما يعادل 19.75 مليار دولار) إلى اللجنة المالية في المجلس لمناقشتها وعرضها خلال الأسبوع المقبل. وفيما انتقد عدد من الخبراء الاقتصاديين مشروع الموازنة العامة آخذين عليها عدم دقة البيانات، فضلاً عن غياب الأهداف العامة ومعتبرين أن لا قيمة لها، رأى آخرون أنها مهمة كونها أول موازنة يقرها البرلمان منذ عام 2014.

ورأى أستاذ الاقتصاد في جامعة بنغازي عطية الفيتوري أنه عند مقارنة الموازنة المقترحة للعام 2022 بالإنفاق الفعلي لموازنة العام 2021، يتضح أن مشروع هذا العام يورد إنفاقاً إضافياً عن العام الماضي بقيمة 9 مليارات دينار (سعر الدولار 4.8 دنانير)، بزيادة في حجم الإنفاق العام بمعدل 10 في المائة. وسأل الفيتوري أنه “في حال إقرار مشروع الموازنة من قبل مجلس النواب، من سيقوم بتنفيذها؟ إذ إن المصالح الحكومية موجودة في طرابلس، خاصة وزارة المالية والمصرف المركزي ومؤسسة النفط، في المقابل، فإن حكومة باشاغا تعمل من مدينة سرت.

بدوره، قال المحلل الاقتصادي عبد الناصر الكميشي في تصريحات لـ”العربي الجديد” إن حكومةً باشاغا لا تمتلك الإيرادات النفطية أو غيرها وهي تمارس عملها من سرت، حتى إن المصرف المركزي والمؤسسة الوطنية للنفط خارج سيطرتها، وبالتالي هي لا تمتلك الأموال لتنفيذ الموازنة.

وأشار إلى أن هذه الحكومة لا تملك إلا الجانب التشريعي، ما يرجح أن تكون الموازنة شكلية، حيث لا قدرةً للحكومة في الوقت الحالي على اقتراض أموال من مصارف المنطقة الشرقية، بسبب عدم وجود ملاءة مالية بعد صرف 55 مليار دينار من قبل الحكومة الموازية بين عامي 2014 و2020 على شكل قروض وسلف من المصارف من دون تغطيتها حتى الآن.

وقال الخبير المصرفي محمد ابوسنينة، في تصريحات لـ”العربي الجديد”، إن الميزانية العامة للدولة تعكس برنامج عمل الحكومة خلال فترة زمنية محددة، وتصدر بقانون. وشرح أنه في ظل وجود حكومتين تفقد الميزانية معناها وأهميتها وجدواها وتصعب متابعتها وتقييم نتائجها.

ومن جهة أخرى، شدد أستاذ الاقتصاد في عدد من الجامعات الليبية محمد أبوغالية على أهمية اعتماد أول موازنة موحدة في البرلمان منذ عام 2014، ولفت إلى أن الأموال المرصودة للموازنة تصدر بقانون من مجلس النواب. إلا أنه شرح لـ”العربي الجديد” أن تعنت بعض الأطراف عن تسليم السلطة سوف تكون له آثار غير جيدة على الاقتصاد الوطني.

وتتوزع موازنة حكومة باشاغا على أربعة أبواب بحسب بيان وزير التخطيط والمالية في الحكومة أسامة حماد. والباب الأول يتعلق بالرواتب وما في حكمها وخصصت له 41 مليار دينار تشكل 44 في المائة من حجم الموازنة. فيما خصصت للباب الثاني المتعلق بالنفقات التسييرية والتشغيلية 8 مليارات و677 مليون دينار، وكان نصيب الباب الثالث الخاص بمشروعات وبرامج التنمية وإعادة الإعمار 17 ملياراً و 700 مليون دينار.

أما نفقات الدعم، وهي الباب الرابع من الميزانية، فخصصت لها 26 ملياراً و675 مليون دينار. في المقابل، تقدر الموازنة الإيرادات السيادية والنفطية بقيمة 141 مليار دينار ليبي، محققةً فائضاً بقيمة 47.1 مليار دينار، واحتسب إنتاج النفط عند 1.1 مليون برميل يوميا بسعر 100 دولار للبرميل. وفي الخامس عشر من شهر إبريل/ نيسان الماضي، أعلنت المؤسسة الوطنية للنفط “حالة القوة القاهرة” في حقلي الفيل والشرارة وميناءي البريقة والزويتينة، إضافة إلى ميناء مبيتة، نتيجة إغلاقات غير قانونية من قبل مجموعات تسمي نفسها بـ”الأعيان”.

وتقدر الخسائر يوميا بـ60 مليون دولار وفقا لكلام وزير النفط محمد عون. وتعتمد ليبيا على النفط لتوفير نحو 95 في المائة من إيراداتها، ولجأت حكومة الدبيبة، في ظل رفض النواب إقرار الموازنة التي تقدم يها، إلى القاعدة الإثني عشرية وفقا للمادة الثامنة من قانون النظام المالي للدولة، التي سبق أن اعتمدتها حكومة الوفاق السابقة، والتي تتضمن تسييل نفقات الموازنة من المصرف المركزي شهراً بشهر.

وصرفت حكومة الديبة، خلال سنة 2021، نحو 85.8 مليار دينار ضمن ما وصف بأنه أكبر موازنة في تاريخ ليبيا، مع إجمالي مدفوعات للنقد الأجنبي خلال عام 2021 بقيمة 24.5 مليار دولار، بعجز 1.6 مليار دولار في ميزان المدفوعات تمت تغطيته من احتياطيات النقد الأجنبي.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى