اخبارالرئيسيةعيون

كواليس مقترح غربي لتنظيم انتخابات عامة في ليبيا منتصف عام 2023

العربي الجديد-

كشفت مصادر ليبية متطابقة، اليوم السبت، النقاب عن جانب من مقترح متداول في بعض الأوساط الليبية، يفضي إلى انتخابات عامة منتصف العام المقبل، وسط اعتراض من جانب بعض الأطراف الليبية، وتحديداً مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة.

وبحسب المصادر التي تحدثت لـ”العربي الجديد”، فإن المقترح الذي دفعت به إحدى الدول الغربية ولقي ترحيباً من عواصم أوروبية، يقضي بتجميد كل الأجسام السياسية الحالية، وتكليف رئيس المحكمة العليا برئاسة مؤقتة للدولة، يقوم بالعمل على الإعداد للانتخابات العامة في موعد أقصاه يونيو من العام المقبل، بالإضافة لتسميته لحكومة مؤقتة مهمتها تسيير الخدمات وتصريف الأعمال.

وأوضحت المصادر أنه فيما تدفع المستشارة الأممية ستيفاني وليامز، في اتجاه حتميّة إعداد قاعدة دستورية للانتخابات الليبية قبل يونيو المقبل، وهو موعد انتهاء ولاية السلطة التنفيذية المتمثلة في حكومة الوحدة الوطنية والمجلس الرئاسي، ستكثف عواصم غربية من اتصالاتها بأطراف ليبية، من أجل دفع الأوضاع في اتجاه القبول برئاسة رئيس المحكمة العليا للبلاد بشكل مؤقت، إلى حين إجراء الانتخابات.

ومن بين تفاصيل المقترح، إصدار رئيس المحكمة العليا مرسوماً قضائياً بتجميد أعمال مجلس النواب، والمجلس الأعلى للدولة، والمجلس الرئاسي، وحكومة الوحدة الوطنية، إضافة للحكومة الجديدة المكلفة من مجلس النواب. وتشير المصادر إلى نوايا تغيير رئيس المحكمة العليا الحالي محمد الحافي، وتسمية رئيس جديد من قبل المجلس الأعلى للقضاء.

وفي الأثناء، أكدت المصادر أن المقترح لقي معارضة شديدة من جانب رئاسة مجلس النواب الممثلة في عقيلة صالح، وكذلك من جانب شخصيات قيادية في المجلس الأعلى للدولة، وفسرت أن مماطلة مجلس النواب في إرسال ممثليه للمشاركة في اجتماعات اللجنة الدستورية المشتركة في تونس بإشراف البعثة الأممية، على علاقة بموقفه المعارض للمقترح.

وبدأت اجتماعات تشاورية للجنة الدستورية المقترحة من وليامز لإعداد قاعدة دستورية للانتخابات، منذ الثلاثاء الماضي في تونس، بشكل أحادي من جانب ممثلي المجلس الأعلى للدولة، وانتهت الخميس الماضي، بحسب تغريدة لوليامز على حسابها على “تويتر” الجمعة (25 مارس)، فيما لم يرسل مجلس النواب ممثليه. لكن المصادر نفسها رجحت أن تفشل مساعي وليامز في إقناع المجلسين في إعداد قاعدة دستورية، ما يدفع ببدائل أخرى، من بينها مقترح تولي رئيس المحكمة العليا لمقاليد الأمور، خصوصاً وأن الظروف السياسية ستساعد على القبول بالمقترح عند انتهاء شهر يونيو المقبل، مخافة دخول البلاد في فراغ حكومي وسياسي.

ويتوقع مراقبون للمشهد أن ينال مقترح تولي المحكمة العليا لمقاليد الأمور في البلاد، تأييداً شعبياً مردّه إلى التذمر العام من بقاء السلطة التنفيذية الحالية بعد انتهاء ولايتها نهاية يونيو المقبل، وفشل مجلسا النواب والدولة في إنهاء الانقسام السياسي وإدارة البلاد لأكثر من ثماني سنوات، وإدخالها في أتون مناوشات وحروب، مع فساد واستغلال سيئ للموارد النفطية.

من الجدير بالذكر أن مجلسي النواب والدولة فقدا شرعيتهما التي تستند إلى الاتفاق السياسي الليبي الموقع في ديسمبر 2015 بمدينة الصخيرات المغربية بين مجلس النواب والمؤتمر الوطني العام سابقاً.

وكان اتفاق الصخيرات يهدف لإنهاء الانقسام السياسي الذي بدأ منذ 2014، وجاء بعد نهاية ولاية الأجسام السياسية، وتعثر إجراء انتخابات أو استفتاء على التمديد لها. وكانت نتيجة الاتفاق: تشكيل المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني، واستمرار مجلس النواب كبرلمان للدولة، مع تسمية مجلس أعلى للدولة يتكون من أعضاء المؤتمر الوطني، كجسم استشاري يتوجب على مجلس النواب التوافق معه في إصدار القوانين والتشريعات.

وظهر تعثّر الاتفاق في خطواته الأولى، فباستثناء الصراع الذي دار حول تضمينه في الإعلان الدستوري، لم يعترف مجلس النواب بحكومة الوفاق، وشكّل حكومة مؤقتة موازية عملت طيلة خمس سنوات من مدينة البيضاء شرق البلاد، من دون أن تنال اعترافاً خارجياً.

واستمر الانقسام السياسي إلى أن قامت وليامز (عندما كانت تشغل منصب المبعوث الأممي بالإنابة) بتشكيل ملتقى الحوار السياسي من 75 عضواً يمثلون الأطياف السياسية، من ضمنهم 26 عضواً بالمناصفة بين مجلسي النواب والدولة.

وبتيسير من البعثة الأممية، مع تأييد دولي واسع عقب الحرب الأخيرة في طرابلس، نجح أعضاء الملتقى في التوافق على خارطة طريق أفضت لتوحيد السلطة التنفيذية، متمثلةً في المجلس الرئاسي الحالي وحكومة الوحدة الوطنية، إلا أنهم فشلوا في الاتفاق على قاعدة دستورية تنظم انتخابات برلمانية ورئاسية كان من المفترض إجراؤها يوم 24 ديسمبر 2021، بحسب الخارطة.

ومع قرب موعد الاقتراع، في ديسمبر الماضي، أصدر مجلس النواب بشكل أحادي، دون التوافق مع مجلس الدولة، قوانين انتخابية لم تلقَ قبولاً واسعاً، ساد بسببها جدل سياسي وقانوني حول ترشّح عدّة شخصيات لمنصب الرئيس، أبرزها نجل العقيد الليبي السابق سيف القذافي، واللواء المتقاعد خليفة حفتر، ورئيس حكومة الوحدة عبد الحميد الدبيبة.

ودفعت كل المعطيات السابقة إلى الفشل وإعلان مفوضية الانتخابات قبل يومين من الاقتراع، تعثر إجراء الانتخابات بسبب قوة قاهرة ما زال الجميع يتبادل الاتهامات حولها.

وعقب فشل الانتخابات وعدم الإعلان عن موعد جديد مُتفق عليه لإجرائها، اتفقت لجنتان معينتان من النواب والدولة على إجراء تعديل للإعلان الدستوري، عبر خارطة طريق يتم بموجبها تعديل مشروع الدستور وطرحه على الاستفتاء، ثم إجراء الانتخابات بناء عليه، وصوت مجلس النواب لصالح الخارطة، فيما رفضها مجلس الدولة، ورفض معها الحكومة الجديدة التي شكلها النواب.

وبعد تعمّق الخلاف، وفي وسط الأزمة العالمية الناتجة عن الحرب الأوكرانية، تصدّرت الأمم المتحدة قيادة جهود الوساطة بين المجلسين، بدعم ظاهر من الإدارة الأميركية عبر مبعوثها الخاص وسفيرها لدى ليبيا، وتمثل ذلك في مبادرة أطلقتها وليامز، وتقضي بتشكيل لجنتين من المجلسين لصياغة قاعدة دستورية توافقية، تزامناً مع تسريبات عن مبادرات أخرى غير مُعلنة، ينحو بعضها لاحتمال تنسيق البعثة الأممية مع المجلس الرئاسي في إصدار مرسوم بالقاعدة الدستورية، في حال عدم توافق المجلسين، لكن انتهاء ولاية المجلس الرئاسي في يونيو المقبل يبدو أنه يشكل عثرة أمام تنفيذ مثل هذه المبادرة.

ولم تتأخر كل الأجسام السياسية في الترحيب بالمبادرة، باستثناء مجلس النواب، فقد سمّى مجلس الدولة ممثليه في اللجنة الدستورية، واجتمعت نهاية الأسبوع الماضي مع وليامز في لقاءين تشاوريين بِتونس، فيما يستمر مجلس النواب في المماطلة. وبحسب الخارطة الجديدة التي كشفت عنها المصادر، قد تكون مبادرة اللجنة الدستورية المشتركة آخر مساعي وليامز مع المجلسين قبل إنهاء حياتهما السياسية.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى