اخبارالرئيسيةعيون

قيس سعيّد في القاهرة… ليبيا وترميم العلاقات الثنائية

العربي الجديد-

يبدأ الرئيس التونسي قيس سعيّد، ثاني أيام زيارته للقاهرة بلقاء الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، بعد استقبال شهد حفاوة بالغة أمس الجمعة، لا تخلو من رسائل، خصوصاً للداخل التونسي، وللمنطقة عموماً.

وزار الرئيس التونسي أمس متحف الحضارات بعد استقباله في المطار من طرف الرئيس المصري، وينتظر أن يلتقي اليوم أيضاً برئيس الوزراء، مصطفى مدبولي، بعد اللقاء الثنائي مع السيسي.

وقالت مصادر مطلعة لـ”العربي الجديد” إن الملفات المعروضة للنقاش بين الطرفين متعددة، أهمها العلاقات الثنائية والاستثمار المتبادل وتخفيف القيود الجمركية على التصدير والتوريد وتنقّل الأشخاص بين البلدين، والملفات الإقليمية، وعلى رأسها الملف الليبي، والأمن ومكافحة الاٍرهاب، والمصالحة الخليجية، باعتبار رئاسة تونس للقمة العربية، وكانت من بين النقاط التي بحثها الأمين العام للجامعة العربية أبو الغيط في زيارته الأخيرة لتونس.

وسيُبحَث أيضاً التنسيق في الاتفاق السابق، على أن تكون سنة 2021 سنة للثقافة التونسية المصرية من خلال إقامة أنشطة ثقافية متبادلة بين البلدين.

وكان رئيس الحكومة التونسية هشام المشيشي، قد التقى بداية العام سفير جمهورية مصر بتونس، إيهاب فهمي، واتفقا على “ضرورة الإسراع بتدشين خط بحري بين مصر وتونس ليكون قاطرة لتعزيز العلاقات التجارية والاستثمارية، وولوج السلع للأسواق الأفريقية”، وفق بلاغ صادر عن رئاسة الحكومة التونسية، وأن تكون سنة 2021 سنة للثقافة التونسية المصرية من خلال إقامة أنشطة ثقافية متبادلة بين البلدين، إضافة إلى خلق علاقة تكاملية في مجال التبادل السياحي لاستقطاب السياح الآسيويين لزيارة البلدين.

 

وتطرّق اللقاء أيضاً إلى تعزيز آليات التعاون بين البلدين وأطرها من خلال عقد اللجنة العليا المشتركة التونسية المصرية التي ستكون تتويجاً لأعمال اللجان القطاعية المختصة، إلى جانب الاستفادة من تجربة البلدين في مجال مكافحة الإرهاب، وفق البلاغ ذاته.

وبقطع النظر عن هذه المباحثات التي تسبقها تصريحات دبلوماسية إيجابية، فإن هذه الزيارة تعتبر سياسية بامتياز، إذ ستبث شيئاً من الحرارة في علاقة شهدت بروداً كبيراً بين البلدين في السنوات الأخيرة في عهد الرئيس الأسبق  منصف المرزوقي، ومن بعده أيضاً الرئيس الراحل الباجي السبسي، وصلت إلى حد إلغاء الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، زيارة لتونس كانت مبرمجة بين الرئيسين، خوفاً من ردود فعل شعبية رافضة في تونس لهذه الزيارة.

وكان الرئيس السبسي يلوّح أحياناً بالتقرب من الرئيس السيسي في رسالة إلى منافسه وحليفه في الحكم، حركة النهضة، ولكنه لم يتعدَّ مجرد التلويح بذلك، وكان في خلاف مع الطرف المصري في الملف الليبي، وفي عديد الملفات العربية، رغم التقدير الذي كان واضحاً بين الرجلين.

وتتنافس تونس ومصر في ليبيا اقتصادياً بعد التنافس سياسياً، والطرفان مختلفان بخصوص حل الملف الليبي، حيث تشكل العمالة التونسية والمصرية جزءاً مهماً من العمالة الأجنبية في ليبيا قبل الحرب، وسيشكل كل من تونس ومصر فضاءً خلفياً للعمل بالوكالة للشركات الدولية، فضلاً عن جهود إعادة الإعمار لشركات البلدين.

 

وعلى عكس الرئيس السبسي، يتحوّل الرئيس سعيّد إلى القاهرة محمَّلاً بخلاف كبير وجوهري مع حركة النهضة ورئيسها، رئيس البرلمان راشد الغنوشي، وقد يزيد هذا العامل في التقارب مع الرئيس السيسي، ولكن سيكون على سعيّد أن يدير هذه العلاقة بحذر واضح وحسابات دقيقة في المعادلة الإقليمية التي لا يمكن استثناء الجزائر منها، التي لا تخفي خلافها مع القاهرة في الملف الليبي بالذات، وأيضاً على مستوى الرصيد الشخصي، لأن سعيّد يقدم نفسه ثورياً منتصراً لقيم حقوق الإنسان ومعارضاً للنظم التقليدية، وسيكون عليه الانتباه بشدة أمام الجمهور الذي انتخبه من تداعيات هذه الزيارة.

في العموم، تعدّ إمكانيات التقارب بين تونس والقاهرة كبيرة. وثمّة ملفات مشتركة كثيرة يمكن التنسيق فيها بقوة، وستعود بمردود مهم على البلدين، وخصوصاً ملفات الهجرة غير النظامية، والتبادل الاقتصادي، وتنسيق الجهود وتكثيف دعم عملية الانتقال الديمقراطي في ليبيا، حيث الهدوء لدى الجار المشترك شرط مهم للاستقرار الاجتماعي والنمو الاقتصادي والأمن على حدود البلدين.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى