اخبارالرئيسيةعيون

سياسي ليبي: مبادرة باتيلي تهدف لانتزاع السلطة عن النخبة الحاكمة

عربي 21-

قال السياسي الليبي، محمد بويصير، إن “المبادرة التي أطلقها المبعوث الأممي الخاص إلى ليبيا، عبد الله باتيلي، تهدف إلى محاولة نزع مستقبل ليبيا من تحت سيطرة النخبة الحاكمة التي تحتكر السلطة الآن، وتحاول تمديدها عن طريق المراحل الانتقالية المتتابعة، والاستفادة من موقعها لتستمر في التربح من المال العام”.

وأكد، في مقابلة خاصة مع “عربي21″، أن “هناك مقاومة من قِبل النخبة الحاكمة لمبادرة باتيلي، وإن كانت بدأت تلين أمام الضغط الدولي، وكذلك على خلفية تطمينات باتيلي لها بأنها ليست مُستهدفة”، مضيفا أن “كل مَن هو مستفيد من المستنقع الحالي سيكون ضد المبادرة، وبالمقابل سيكون معها الشعب الذي اكتوى بنار المستنقع الذي غرقت فيه بلادنا”.

وأشار بويصير المقيم في الولايات المتحدة، إلى أن “الغرب بقيادة الولايات المتحدة يدعم المبادرة الأممية بقوة، بينما روسيا متباطئة، والصين غير مبالية، في حين تعارضها مصر خوفا على ما تراه نفوذها على شرق ليبيا”.

مواقف متباينة

وأردف: “كل اللاعبين سواء المحليين أو الإقليميين أو الدوليين الذين يعتقدون أن الخروج من الوضع الحالي سيضعف موقفهم سيكونون ضد مبادرة باتيلي، وعلى رأس هؤلاء النخبة المتسلطة الآن والتي تُمدّد شرعيتها بنفسها لنفسها، حيث إنها تعي أن انتخابات حقيقية سوف تحرمها من موقعها، بل يمكن أن تأتي بحكومة تحاسبها”.

وقال إن “مصر التي استثمرت كثيرا في برقة الليبية لجعلها حديقة خلفية لنفوذها السياسي والاقتصادي لا تريد فقدان ذلك نتيجة انتخابات لن ينجح فيها حلفاؤها، وروسيا، التي تتحكم بواسطة فاغنر في الموانئ النفطية وتضع طرابلس تحت خطر الاجتياح، هي أيضا لا تريد هذه المبادرة، وأمراء التهريب والفساد لن يشجعوا هذه المبادرة أيضا، فضلا عن أن الجماعات المحسوبة على (الإسلام السياسي العنيف) لا تريد دولة قوية لها جيش وشرطة وأجهزة أمن، لأنها تفضل هذه البيئة المتشرذمة من أجل بقائها”.

وأوضح بويصير أن “المبادرة ربما تضمنت تاريخا لإجراء الانتخابات قبل نهاية العام، ولكن التفاصيل ستأتي مع الخطوات التالية وبحسب أهميتها والزمن المناسب، ولكن بالتأكيد هناك تصور واضح وشامل لدى باتيلى وداعمي مبادرته، لأن عدم وجود ذلك يمثل خطرا كبيرا على مهمته”.

تنازلات مطلوبة

وتوقع بويصير “إجراء الانتخابات الليبية خلال العام الجاري بالفعل، وذلك انطلاقا من المعطيات الراهنة على أرض الواقع”، مؤكدا أن “القوى الداخلية والخارجية الدافعة صوب تحقيق الاستقرار في ليبيا كبيرة ومؤثرة، بل يمكن أن نسميها نووية، وبالتالي فمن الصعب إفشال خطة باتيلي أو التصدي لها بأي صورة من الصور”.

ورأى أن “نجاح مبادرة باتيلي أمر ضروري وهام جدا، وهى إلى الآن تدفع بالجميع -حتى معارضيها- في اتجاه أهدافها”، مطالبا النخبة الحاكمة بـ”ضرورة تقديم تنازلات تتمثل في التخلي عن الإصرار في التواجد على رأس السلطة، لأن هذا الأمر هو الذي أدى إلى تحجر العملية السياسية”.

وزاد: “طبيعة الحالة الليبية تفرض على باتيلى تبني ما يُسمى في أمريكا بالاستراتيجية المرنة التي تعتمد على تحديد أهداف العمل، وهي قد تحددت هنا بأن تجرى انتخابات حقيقية قبل نهاية عام 2023، وأن يوضع تصور عام للعمل يقوم على ما يسمى أيضا في الولايات المتحدة بالاشتباك الإيجابي مع كل الأطراف وإقحامها في المبادرة وتطمينها على دورها، وضمها للقافلة -إن صح التعبير- بدلا من أن تُترك خارج الحلبة لترميها بالحجارة”.

واعتبر تلك الاستراتيجية الدولية المُنتهجة حاليا في ليبيا “مدرسة متقدمة في العمل السياسي في هذه الظروف، وقد استعملت من قبل في البوسنة وأدت إلى النتائج المطلوبة. لذلك، فإن المشروع يُراجع ويُطوّر كل يوم وحسب رصد حركة الأطراف المختلفة، ولكن دون أن يحيد عن هدفه”.

عقوبات دولية

وألمح بويصير إلى احتمالية فرض عقوبات دولية على معرقلي الانتخابات المأمولة، قائلا: “ربما يحدث ذلك بالفعل مستقبلا، ولكني لا أرى فائدة لذلك”.

وقال إن الدول الخمس (فرنسا وألمانيا وإيطاليا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة) تستخدم الهجمات الدبلوماسية ضد كل مَن يعتقد أنه قادر على التصدي أو عرقلة المبادرة، وهم عندما يتحدثون عن التنازلات فيعنون التشبث بالسلطة بالتأكيد، وأعتقد أن هذه بداية الهجمات الدبلوماسية، والتي ستتطور حسب الحاجة، حيث إنهم سيستعملون كل الأدوات والسبل لإنجاح المبادرة وتحقيق الاستقرار وإجراء الانتخابات، وهم سيستهدفون كل السبل السلمية قبل استدعاء الأدوات الأخرى”.

وذكر أن “توحيد القوة المسلحة، وتنظيم حمل السلاح، يمكن أن يؤدى إلى درجة معقولة من الشعور بالأمن، يأتي بعد ذلك اختيار عناصر واعية تتحدث بلغة مختلفة في الهيئة المقترحة لقيادة المسار نحو الانتخابات”.

وطالب بتصميم نظام انتخابي حقيقي يمنع تزوير إرادة الناس عن طريق منع الابتزاز بالسلاح، والسيطرة على المال السياسي، واستعمال التقنيات التي تقلل من فرص التزوير مثل نظام الانتخابات بالمقاييس البايومترية (الحيوية) الذي يُستعمل في 60 دولة بالعالم تخلصت من مشكلة تزوير الانتخابات، والوقوف بحزم في وجه كل مَن يحاول التخريب، وهو ما سيفتح الطريق أمام انخراط الليبيين في حوارات جادة حول قضايانا الأساسية والملحة”.

وأشاد بالجهود الدولية الحالية في التعاطي مع تطورات الأزمة الليبية، وقال: “هي جهود مكثفة الآن، وترتبط بتطور الأمور في النزاع الأوروبي؛ فليبيا مستقرة تؤمّن الجناح الجنوبي لحلف الأطلنطي وأوروبا الغربية”.

الطريق نحو الاستقرار

وشدّد على ضرورة “تحقيق الاستقرار في ليبيا في أقرب وقت، وهذا هدف مُعلن في واشنطن، ويرتبط بضرورات تأمين أوروبا في هذه الظروف، أي ضرورات الأمن القومي الأمريكي؛ فأوروبا منطقة دفاعية للولايات المتحدة بعد أمريكا الشمالية، لأنها تضم أكبر تجمع للديمقراطيات وهزيمتها أمام روسيا يُهدد وجود الديمقراطية في العالم، كما أن بها 70% من الاستثمارات الأمريكية”.

ونوّه إلى أن “تنظيم حمل السلاح أولا، ومراقبة المال السياسي القادم من الخارج، وإشعار الناس التي ملت من السياسة أن الأمر هذه المرة جاد، هذه الأمور ستساهم في إنهاء الأزمة الليبية وتحسين الأوضاع الداخلية”.

وقال: “انطلاقا من قدرات الداعمين والمؤيدين لاستقرار ليبيا مقارنة بالمعارضين لذلك، أعتقد أن تقدما سيحدث نحو تحقيق الاستقرار، قد يكون بطيئا ولكنه لن يتوقف، وإذا شعر الليبيون بأن الأمور تتحرك فسيتحركون معها وفي نفس الاتجاه، وعندها سنرى الأمور تتسارع. لا تنسى أن هذا الشعب تحرك ضد نظام كان ينصب المشانق في الشوارع وساحات الجامعات. إنها ثورتنا الثانية التي ستجرى سلميا من خلال صناديق الانتخاب لنحقق الاستقلال الثاني والأكثر أهمية لنا ولأجيالنا القادمة”.

وأوضح أنه “منذ سقوط نظام القذافي نهايات 2011، فقد تركت المجموعة الدولية أمر إعادة تأسيس مؤسسات النخبة السياسية الليبية، التي هي في النهاية نتاج لأربعين عاما من حكم القذافي الذي جرّم العمل السياسي، ومنع الممارسة الديمقراطية كالانتخابات والاستفتاء وحرية التعبير والتجمع وتكوين النقابات المستقلة، ما جعل هذه النخبة تتولى الأمور دون أن تعي كيفية وأصول الممارسات السياسية”.

واستطرد قائلا: “ولأن ليبيا بلد ريعي كل موارده تذهب إلى الحكومة، فقد وجدت هذه النخبة أمامها على سدة الحكم مليارات الدولارات، الأمر الذي جعلهم يدخلون في صراع للاستيلاء على المال العام، وبالتالي التشبث بالسلطة للتربح منها، ما تسبّب في تكلس العملية السياسية، بل وانشطار المؤسسات السياسية على خطوط المصالح.

لذلك، بدأ المجتمع الدولي، ونتيجة للأزمة الأوروبية، يرى ضرورة عودة الاستقرار إلى ليبيا، وهو الأمر الذي أنتج هذه المبادرة التي تجعل البعثة الأممية هي التي تقود العملية السياسية نحو الانتخابات التي ستنتج حكومة موحدة مكتملة الشرعية، وتمنع ليبيا من أن تكون ساحة تمثل خطرا على الأمن الأوروبي من جنوبه حيث بطنه الرخوة كما يقول تشيرتشل”، وفق بويصير.

واختتم السياسي الليبي، بقوله: “أعتقد أننا سنرى انتخابات وخطوات ربما بطيئة، ولكن نحو الاستقرار والازدهار”.

والسبت الماضي، أعلن باتيلي تفاصيل مبادرته الجديدة خلال مؤتمر صحفي في العاصمة طرابلس، قال خلاله إنها “تهدف إلى توسيع الحوار والجمع بين الأطراف الليبية لتمكينها من تجاوز الركود الحالي وقيادة البلاد نحو الانتخابات”.

وكان باتيلي قد أعلن، في 27 فبراير الماضي، في إحاطة أمام مجلس الأمن، مبادرة لإجراء انتخابات في 2023، تتضمن “إنشاء لجنة توجيه رفيعة المستوى واعتماد إطار قانوني وجدول زمني ملزِم لإجرائها”، لكنه تراجع عن تلك الخطة في أعقاب تعرضها لهجوم حاد من مجلس النواب، وتحفظت عليها كل من روسيا ومصر.

وتعيش ليبيا أزمة سياسية متمثلة في صراع بين حكومة فتحي باشاغا التي كلفها مجلس النواب، وحكومة الوحدة الوطنية برئاسة عبد الحميد الدبيبة الذي يرفض تسليم السلطة إلا لحكومة تأتي عبر برلمان جديد منتخب.

ووفق مبادرة أممية سابقة أجرى مجلسا النواب والدولة مفاوضات لنحو عام، للتوافق على قاعدة دستورية تقود إلى انتخابات، إلا أن تلك المفاوضات تعثرت، ما دفع باتيلي إلى إعلان مبادرته الجديدة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى