الرئيسيةالراي

رأي- خطاب “الرحمن الرحيم” أجدى..

* كتب/ يوسف أبوراوي،

الجدل الذي حصل حول الترحم على الإعلامية الفلسطينية النصرانية (شيرين أبوعاقلة)، هو مؤشر ضمن عديد المؤشرات حول إشكالية يجب البحث فيها في فكر المسلمين اليوم، أنا لن أدخل في جدل النصوص فتلك لعبة قديمة، ولكنني أريد التنبيه إلى أن تجديد المسلمات هو أصعب أنواع التجديد، خاصة إذا تعارضت بعض الأصول والمنطلقات، فمن ناحية يرى المسلمون أنهم الصالحون المصلحون لكل زمان ومكان، ومن ناحية أخرى ينظرون إلى غيرهم من البشر نظرة دونية، ومدونة التراث مليئة بما يشهد لذلك، فكيف سيكون المسلم رحمة للمسيحي أو اليهودي أو الملحد وهو يتكبر عليه، بل يرى البعض أن نضيق عليه وننغص عليه عيشه حتى في حياته اليومية وسيره في الطرق، ومازال البعض يطمع في أن يحارب أمم الأرض ليغنم نساءهم ويحولهن إلى جوار وإماء،

أرجوك هنا لا تلجأ إلى استعراض النصوص التي تقول باحترام المسلمين للإنسان، فشواهد التاريخ التي لا تريد أن تراها ستكذبك فورا، وما نراه اليوم من خطاب داعش وأشباهها كلها مستندة هي المدونة الفقهية والتراثية التي ربما لم تعرفها ولم تتصفح كتبها ولم تعرف زواياها، وهنا سأعذرك بجهلك ليس إلا.

كما أن الادعاء بأن تلك الأمم ظلمت واضطهدت المسلمين (وهو أيضا حق لا شك فيه يعرفه كل عارف)، لن يكون مبررا لك في هذا الصلف، ما عليكإالا الرجوع للتاريخ لتفهم ذلك المثل المصري الذي يقول (لا تعايرني ولا أعايرك، دا الهم طايلني وطايلك).

يمكنك القول أن كل ما سبق وما شهده التاريخ هو حراك إنساني اشتركت فيه جميع الأمم والأديان والشعوب (وهذا بالمناسبة هو حق أيضا)، فالكل يتحرك ويصدر عن أسباب دنيوية ثم يلبسها لباس الدين والنص المقدس.

المشكلة اليوم أنك تدعي العالمية والعالمية تقتضي خطابا يسع الجميع، ولا تظنن أن لعبة النصوص ستنجيك بل إنها ستغرقك، ويعرف المتخصصون جيدا أن النصوص بالمفهوم الأصولي قليلة منزورة، وإن للكلام طرق وأساليب كثيرة تفي بالغرض، وإن اصطناع خطاب يحتوي ويقرب ويؤلف هو الأجدى والأنفع، وأن العاقل لا يستكثر من العداوات خاصة إذا كان في حال ضعف واستكانة، نحن هنا لا ندعوا إلى (تقية)، بل ندعوا إلى تبني خطاب (الحمد لله رب العالمين، الرحمن الرحيم)، فإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يدفع المال للمؤلفة قلوبهم رجاء إيمانهم، أفلا ندفع نحن بالكلمة الطيبة في سبيل ذلك، إن أمرنا لا ينقضي منه العجب فعلا.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى