اخبارالرئيسيةعيون

تفعيل “الدائرة الدستورية” في ليبيا. بين الترحيب والمخاوف

الحرة–

أثار قرار المحكمة العليا الليبية، إعادة تفعيل الدائرة الدستورية، جدلا واسعا في ليبيا، التي ظلت رهينة الانقسامات منذ الإطاحة بنظام معمر القذافي قبل عقد من الزمن.

والخميس، أعلن رئيس المحكمة العليا الليبية، محمد الحافي، إعادة تفعيل الدائرة الدستورية للنظر في الطعون والفصل فيها بعد نحو سبعة أعوام من تجميد عملها.

خطوة المحكمة الدستورية، لاقت ترحيبا من بعض الفاعلين السياسيين، وتحفظ البعض الآخر، كما هو الحال مع تحالف القوى الوطنية.

وبينما التزمت حكومة فتحي باشاغا الصمت حيال القرار، بارك عبد الحميد الدبيبة، رئيس الوزراء الليبي، الخطوة، وكتب على تويتر: “لعلها تكون رادعا للتجاوزات التي تمارس”.

وتتنافس حكومتان على السلطة في ليبيا منذ مارس الماضي، واحدة مقرها طرابلس غربي البلاد، يقودها الدبيبة منذ 2021 وأُخرى بقيادة باشاغا يدعمها برلمان طبرق والمشير خليفة حفتر، الرجل القوي في الشرق.

من جانبه، تحفظ رئيس الهيئة العليا لتحالف القوى الوطنية توفيق الشهيبي بشأن إعادة تفعيل الدائرة الدستورية وكتب يقول: “الوضع في ليبيا معقد جدا ولكن شكل التعقيد سيختلف حسب أداء الدائرة الدستورية”.

يذكر أن مهام الدائرة الدستورية بحسب القانون الليبي، تختص في فض الطعون والنظر في القضايا المتعلقة بأحكام الدستور ومطابقة القوانين لها، وكل الخلافات المتعلقة بنصوص القوانين والقرارات التي تصدر عن السلطتين التنفيذية، والتشريعية.

وبينما يرى المحلل السياسي الليبي، إبراهيم بلقاسم، أن تفعيل الدائرة الدستورية في هذه المرحلة “خطوة مهمة جدا”، أبدى المحلل أحمد المهدوي تخوفا من أن يكون تفعيلها جاء لـ “خدمة طرف” بعينه.

وقال المهدوي في حديث لموقع الحرة، إن هناك مخاوف من أن يكون تفعيل هذه الهيئة “جاء للاستجابة لبعض الطعون والنقض خدمة للدبيبة”.

وأشار إلى أن هناك نصوصا يحاول فيها المتنازعون تقديم طعون بخصوصها “لذلك هناك تخوف من أن تكون الدائرة فُتحت لتمرير هذه الطعون، أو نقض بعض القرارات لصالح الدبيبة”.

لكن بلقاسم، قال في اتصال مع موقع الحرة، إن تفعيل هذه الدائرة جاء في إطار السعي لإصلاح الظروف القانونية وتصحيح المخالفات للقواعد الدستورية، سواء من السلطة التشريعية أو التنفيذية “وهذا للذهاب بشكل جدي وفعّال باتجاه الانتخابات”.

وشهدت ليبيا في 11 عاما تأليف عشرات الحكومات، وحربين أهليتين، ولم تتوصّل إلى تنظيم انتخابات رئاسية.

وكان مقررا أن تشهد البلاد انتخابات رئاسية وتشريعية في ديسمبر 2021 تتويجا لعملية سلام رعتها الأمم المتحدة، لكنها أجلت إلى أجل غير مسمى.

وأرجئت الانتخابات “حتى إشعار آخر” بسبب تباينات بين الخصوم السياسيين وتوترات ميدانية مع تسجيل مزيد من المواجهات المسلحة بين ميليشيات متنافسة في طرابلس.

رغم ذلك، تقول المبعوثة الأممية السابقة لليبيا، ستيفاني ويليامز، إن إجراء انتخابات في ليبيا قبل نهاية العام الجاري “لا يزال ممكنا”.

لكن ويليامز، اشترطت أن يوفر البرلمان الليبي والمجلس الأعلى للدولة الإطار القانوني اللازم.

فهل يمكن أن تساهم الدائرة الدستورية في الدفع بالعملية السياسية في ليبيا ما قد يفضي لانتخابات برلمانية ورئاسية قبل نهاية العام؟

بلقاسم لا يرى ذلك ممكنا، إذ يقول إنه رغم أن أول الطعون التي ستنظر فيها الدائرة الدستورية “بكل تأكيد” هي تلك المتعلقة بالقوانين الانتخابية إلى جانب كبح التدخل الكبير للسلطة التشريعية في القضاء، إلا أن ذلك في نظره سيتطلب وقتا كبيرا.

يقول في الصدد: “لا أظن أننا سنصل إلى تنظيم انتخابات رئاسية وبرلمانية قريبا”.

بلقاسم برر رأيه بالعدد الهائل و”المخيف جدا” وفق تعبيره، في البطاقات الانتخابية المزورة، التي تم الإعلان عنها عند التحضير للانتخابات السابقة، وقال إن عملية معالجة هذه الإشكالية وحدها، تتطلب وقتا طويلا “ربما أكثر من مجرد أشهر”.

وفي يناير الماضي، خلال كشفه للعقبات التي حالت دون تنظيم الانتخابات في موعدها نهاية السنة الماضية، قال رئيس مجلس المفوضية العليا للانتخابات في ليبيا، عماد السايح، إن هناك عقبات أمنية وقضائية وسياسية تشكل “قوة قاهرة” حالت دون إجراء الانتخابات.

ومن بين تلك العقبات، ذكر عمليات تزوير واسعة النطاق في ملفات المرشحين “تتطلب وقتاً أطول لفحصها ومراجعتها” وفق قوله، خلال إحاطة أمام مجلس النواب حول أسباب تعذر إجراء الانتخابات.

وأكد السايح وقتها “هناك عمليات مكشوفة لتزوير توقيعات تزكية المرشحين، وهناك تزوير مستتر يحتاج وقتا طويلا للتحقق منه والتدقيق فيه”.

وبالعودة للدائرة الدستورية، قال المهدوي إن تفعيلها يشوبه بعض النقص لأنه جاء دون اكتمال نصاب الجمعية العمومية للمحكمة العليا.

وقال: “كان هناك نقص في النصاب القانوني خلال تفعيل هذه الهيئة الدستورية”.

المهدوي أكد أيضا أن تفعيلها “ربما يؤثر في التوافق الذي بدا يبزغ بين مجلس النواب الليبي، والمجلس الرئاسي”.

وشهر يوليو الماضي، كشف المجلس الرئاسي الليبي عن مبادرة لحل الأزمة الليبية عبر التحاور مع الأطراف الفاعلة.

بعدها مباشرة، التقى رئيس مجلس النواب الليبي، مع عبدالله اللافي، نائب رئيس المجلس الرئاسي.

هذا اللقاء أثار استحسان عديد المتابعين والمجتمع الدولي بمن فيهم الولايات المتحدة.

وبعد 42 سنة من حكم القذافي، وعقد من العنف والفوضى، هناك استحقاقات عديدة تنتظر ليبيا، لعلّ أبرزها توحيد المؤسسات، لا سيما حكومة موحدة، ومصرف مركزي واحد وكذلك جيش موحد.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى