اخبارالرئيسيةعيون

تشاؤم دولي بشأن الانتخابات الليبية.. والمرتزقة “عقبة” تتطلب حكومة منتخبة

الحرة-

ثلاثة أسابيع فقط تفصل الليبيين عن سباق الانتخابات الرئاسية، وما زالت الشكوك تحوم حول إجرائها، خاصة مع استمرار وجود المرتزقة الأجانب.

وعلى الرغم من التقدم السياسي الحاصل منذ توقيع وقف إطلاق النار بين المعسكرين المتناحرين (سلطات الشرق وسلطات الغرب) في أكتوبر العام الماضي، لا يزال الوضع الأمني في ليبيا هشا، بسبب خلافات الأطراف الليبية والمخاوف من عودة الصراع المسلح المدعوم بسلاح المقاتلين الأجانب.

والخميس، أعلنت المفوضية العليا للانتخابات تعرض خمسة مراكز انتخابية في غرب ليبيا لعمليات سطو مسلح وسرقة عدد من بطاقات التصويت.

وأظهرت التقارير ومقاطع الفيديو الواردة من مدينة سبها جنوبي البلاد أن العملية الانتخابية تسير في “حقل ألغام” . فقد اعتدت قوات المشير خليفة حفتر، أحد المرشحين لانتخابات الرئاسة، على محكمة سبها لمنعها من النظر في طعن استبعاد سيف الإسلام القذافي من سباق الانتخابات، بحسب فرانس برس.

وأفاد تقرير أعده خبراء في الأمم المتحدة في الأول من ديسمبر الجاري، أن “استمرار وجود” المرتزقة “ما زال يمثل تهديدا خطيرا” للوضع في هذا البلد.

عقبة كبيرة

وقال رئيس مجموعة العمل الوطني للدراسات السياسية والاستراتيجية، خالد الترجمان، إن استمرار المرتزقة يشكل عقبة كبيرة جدا أمام إجراء الانتخابات، خاصة في المنطقة الغربية حيث تنتشر الميليشيات والمرتزقة، وبالتالي ستكون الانتخابات عرضة للتزوير أو الاختراق من الأشخاص الذين يريدون تأجيل الانتخابات.

وأكد الترجمان في حديثه مع موقع “الحرة” أنه كان لابد أن تدعم الأمم المتحدة بقوة وجدية مقررات لجنة 5+5، التي تطالب بخروج القوات الأجنبية خلال فترة محددة.

المتحدث الرسمي باسم مبادرة القوى الوطنية الليبية، محمد شوبار، يرى من جهته، أن التحدي الأبرز أمام إجراء الانتخابات هو استمرار وجود المرتزقة الأجانب، مؤكدا أن وجودهم لا يهدد العملية الانتخابية فحسب بل يهدد الاستقرار في البلاد.

وقال شوبار في حديثه مع موقع “الحرة”: “لكي تكون العملية الانتخابية ملكا للشعب الليبي دون غيره، يستلزم استرداد سيادة الدولة من خلال الخروج الكامل للقوات الأجنبية دون تمييز أو استثناء”. وأضاف: “تواجد القوات الروسية والتركية التي تتحكم في المشهد السياسي والعسكري جعلها تتدخل أيضا في العملية الانتخابية مما يجعلها عملية غير نزيهة ولا تعبر عن إرادة الليبيين”.

في المقابل، يرى المحلل السياسي، السنوسي إسماعيل، أن الملفين منفصلان عن بعضهما، مؤكدا أن إجراء الانتخابات خطوة ضرورية لتحريك ملف المرتزقة.

وأضاف إسماعيل في حديثه لموقع “الحرة” أن الانتخابات لن تتأثر كثيرا باستمرار المرتزقة في البلاد، لأن جميع مراكز الاقتراع توجد داخل المدن في حواضن آمنة، حسب قوله.

ويخشى إسماعيل أن يؤدي الربط بين الاثنين إلى تأثيرات سلبية على الانتخابات قبيل أسابيع من إجرائها، لكنه أكد أن ذلك لا يعني أن الانتخابات ستجرى في ظروف مثالية، لكنها على الأقل جيدة.

وأشار إلى أن المرتزقة سواء الروس أم التابعين لتركيا، يتركزون في القواعد العسكرية وحول حقول النفط بعيدا عن المدن، ولا يتدخلون في الانتخابات ولن يحاولوا عرقلتها.

ويعول المجتمع الدولي والأمم المتحدة على الانتخابات، المقرر إجراؤها في 24 ديسمبر الجاري، في إنهاء الفوضى والحرب في البلاد.

تمثل تهديدا

وتعيش ليبيا في فوضى ودوامة عنف وصراعات بين القوى المتنافسة في شرق البلاد وغربها منذ سقوط نظام معمر القذافي عام 2011. ويلقى كل جانب دعما من جماعات مسلحة وحكومات أجنبية.

وقدرت الأمم المتحدة في ديسمبر 2020 أن هناك ما لا يقل عن 20 ألف مقاتل ومرتزق أجنبي في ليبيا، بمن في ذلك أتراك وسوريون وروس وسودانيون وتشاديون.

وكان اتفاق وقف إطلاق النار في أكتوبر 2020، دعا إلى انسحاب جميع القوات الأجنبية والمرتزقة في غضون ثلاثة أشهر والالتزام بحظر الأسلحة الذي تفرضه الأمم المتحدة، وهي البنود التي لم يتم الوفاء بها.

وأغلب هذه القوات موزعة حول سرت، حيث يقع خط الجبهة منذ منتصف يونيو 2020، وإلى الجنوب في قواعد جوية رئيسية، لا سيما في الجفرة، على بعد 500 كم جنوب طرابلس لصالح الموالين لحفتر، وإلى الغرب في قاعدة الوطية.

وحذر تقرير الأمم المتحدة من أنه “بالاستناد إلى عمليات النقل التي تمت في 2020، تظلّ مخزونات الأسلحة مرتفعة وكافية لإذكاء أي نزاع في المستقبل”، مشيرا إلى أن القسم الأكبر من ليبيا لا يزال “تحت سيطرة جماعات مسلحة ليبية تستفيد من نهج تصالحي تسلكه معها السلطات المؤقتة”.

وأعرب التقرير عن أسفه لأنه على الرغم من مطالبتهم العلنية بانسحاب المرتزقة من بلدهم، فإن “أطراف النزاع ما زالوا يحتفظون بمقاتلين أجانب في صفوف قواتهم، لا سيما برعايا من تشاد والسودان وسوريا وبأفراد شركات عسكرية روسية خاصة”.

وبحسب الخبراء فإن المقاتلين السوريين الذين يدعمون القوات التركية التي تدافع عن طرابلس في مواجهة قوات حفتر، يتقاضون رواتب تتراوح قيمتها بين 800 و2000 دولار شهريا.

الأمن ليس مضمونا

وقال الباحث جلال حرشاوي، المتخصص في الشؤون الليبية، إن فرص إجراء الانتخابات في الموعد المحدد “قليلة جدا”.  وأكد أن العملية الانتخابية “هشة للغاية وغير مكتملة وفيها خلل، ومؤسسات طرابلس تعاني من الانقسامات السياسية”، مرجحا أن “العنف والاستقطاب سيستأنفان قبل 24 ديسمبر”.

وأضاف حرشاوي “لا يتوهم أحد أن الأمن سيكون مضمونا في جميع مراكز الاقتراع في هذا البلد، بحجم يصل إلى ثلاثة أضعاف فرنسا”.

وتابع “في كل السيناريوهات، سيكون هناك تزوير ومقاطعة وحصار وترهيب للناخبين واشتباكات (…)، أكثر السيناريوهات تفاؤلا هي تلك التي لا تكون فيها هذه المخالفات مذهلة أو ضخمة للغاية”.

وتقول كلوديا غاتزيني الخبيرة في مجموعة الأزمات الدولية في تصريحات لوكالة فرانس برس: “من وجهة نظر تنظيمية وتقنية وقانونية، احتمال (تنظيم الانتخابات) منخفض للغاية، لكن تحالفا على المستوى الدولي يواصل القول إنه يجب تتم في 24 ديسمبر”.

وكان وزير الداخلية الليبي خالد مازن، أكد أن استمرار انتهاكات عملية تأمين الانتخابات، سوف ينعكس على الالتزام بموعدها.

وأشار مازن في مؤتمر صحفي، الثلاثاء، إلى أن الاعتداءات الحاصلة في العملية الانتخابية لم تكن “وليدة، ومورست ضغوطات على كوادرنا مؤسساتنا، لكننا آثرنا ضبط النفس وعدم التصعيد الإعلامي”.

الحل في الانتخابات

وشهدت ليبيا خلال الأيام الماضية، جدلا كبيرا بعد إعلان القائمة النهائية للمرشحين، خاصة بعد أن أعادت المحكمة كل من نجل الزعيم الليبي السابق معمر القذافي، سيف الإسلام، ورئيس الحكومة، عبد الحميد الدبيبة، وقائد قوات “الجيش الوطني” خليفة حفتر، إلى سباق الانتخابات، ورفض الطعون ضدهما.

يرى المحلل السياسي، عبدالله الكبير، أن الأطراف الدولية لا تعتبر وجود المرتزقة تهديدا حقيقيا للانتخابات، عكس بعض الأطراف المحلية التي تحاول عرقلة الانتخابات.

واعتبر عبدالله في حديثه مع موقع “الحرة” أن احتمال فشل العملية الانتخابية أصبح راجحا مع استمرار المرتزقة وعودة سيف القذافي كطرف في العملية السياسية، ومحاولة روسيا دعمه من خلال مرتزقة فاغنر المنتشرة في ليبيا.

وأشار إلى أن أكثر ما يعيق خروج هذه المرتزقة هو حالة الانقسام السياسي والجغرافي المفتتة للبلاد، مضيفا أن المرتزقة جزء من المشهد العسكري الذي سيكون فاعلا إذا انزلقت الأمور نحو الحرب.

وشدد على أن رحيلهم يستلزم وجود حكومة شرعية تملك الصلاحيات الكاملة والدعم الشعبي لتصفية الوجود الأجنبي برمته. ولكنه أكد أن هذا غير متاح في الأفق المنظور.

وأكد المحلل السياسي، السنوسي إسماعيل، أن الحل الأمثل لخروج المرتزقة هو انتخاب سلطة تنفيذية تمتلك شرعية كاملة قادرة على التفاوض مع هذه القوى الأجنبية.

وقال الترجمان الانتخابات محفوفة بمخاطر، لكن الاعتراف بنتائجها هو المعضلة الحقيقية التي تواجه المجتمع الدولي في ظل استمرار وجود المرتزقة.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى