اخبارالرئيسيةعيون

تزايد أعداد السجناء في ليبيا. وبعضهم بلا محاكمات

العربي الجديد-

يقبع المئات في سجون ليبيا من دون محاكمات، ومن بينهم نساء وأطفال، ويشارك بعضهم الزنزانة مع آخرين قضت المحاكم بتبرئتهم لكن لم يُفرج عنهم. ويحفل تاريخ السجون الليبية بالمحطات السيئة، وأبرزها مجزرة سجن أبو سليم في العاصمة طرابلس، والتي راح ضحيتها أكثر من 1200 سجين في عام 1996، ولم يصدر القضاء أي حكم في شأنها.
لا تخضع جميع سجون ليبيا لسلطة الدولة، فعدد منها يتبع المجموعات المسلحة التي تقيم سجونها الخاصة، كما أن بعض السجون التابعة للحكومة تشرف عليها أو تديرها مجموعات مسلحة تعمل تحت مسميات حكومية، وجميعها لا تسمح لوفود المنظمات الحقوقية الدولية بزيارة تلك السجون.
ووفقاً لأحدث إحصائيات الأمم المتحدة في أكتوبر الماضي، ارتفع عدد نزلاء السجون التابعة للحكومة إلى ما يربو على 11 ألف شخص، من بينهم 55 امرأة، بالإضافة إلى وجود ما يقرب من 6000 شخص رهن الاحتجاز من دون محاكمات، وهؤلاء من بينهم 113 امرأة، وغالبيتهم غير قادرين على الوصول إلى محامين أو أي طريق للمحاكم.
وكشف التقرير الأممي أن هذا العدد يمثل زيادة بنسبة 40 في المائة عن الإحصاءات الصادرة خلال العام الماضي، والتي أفادت بأن مجموع النزلاء بلغ 8800 معتقل، موزعين على 28 سجناً في مختلف أنحاء البلاد.
ويؤكد الناشط الحقوقي، نعيم معيوش، أن تلك الإحصائيات غير دقيقة، وتعتمد على القدر الذي تتمكن الأمم المتحدة من تحديده وفقاً للسجون التي يسمح لموفديها بزيارتها، بينما العدد الحقيقي أكبر من ذلك، وعلى سبيل المثال، فالإحصاء لم يشر إلى أعداد الأحداث، وهم شريحة كبيرة، لأن غالبية المعتقلين في سجون الأطراف المسلحة يجرى سجنهم على خلفية مشاركتهم في الحروب.
ويؤكد الليبي حمزة الجعيدي أن والده قابع في سجن بالعاصمة طرابلس في قضية إدارية بناء على أوامر من النائب العام، وإنه حضر عشرات الجلسات، وفي كل مرة يمدد القاضي جلسات القضية بسبب عدم حضور الأطراف الأخرى، والحقيقة أنهم فارون، ولن تتمكن السلطات من جلبهم إلى العدالة، مضيفاً لـ”العربي الجديد” أن والده سيبقى رهن الاعتقال مدة غير محددة لأن القاضي ليست لديه السلطة لإطلاق سراحه، إذ لا يمكنه إغلاق القضية من دون إنهائها.
ويقتصر عمل المحاكم على البت في القضايا، لكن تنفيذ أحكام الإفراج يعود إلى سلطة المجموعات المسلحة التي تدير السجون، ولذا لا يزال رجب بوضاوية ينتظر تنفيذ حكم الإفراج عن ابنه “كريم” المحتجز في سجن قرينادة (شرق)، وهو سجن تابع لمليشيات حفتر.

يوضح بوضاوية، في حديث لـ”العربي الجديد”، أن ابنه احتجز في منتصف عام 2020 من قبل مليشيات حفتر، وأودع سجن قرنادة قبل أن يمثل أمام المحكمة، التي برأته من تهمة العلاقة بمجموعات مسلحة في غربي ليبيا، ويقول: “بدلاً من تنفيذ حكم الإفراج، أودع سجن قرنادة، ولم نعد نسمع عنه شيئا، ومنذ العام الماضي، ندور بين إدارة السجن التي تطلب أمراً من المحكمة لتنفيذه، وبين المحكمة التي تؤكد إخلاء طرفها من قضيته، ومثلنا هناك عشرات من المترددين على سجن قرنادة، والذين تعتبر قضية ابني أكثر سهولة من قضاياهم، وبعضهم لم يتمكنوا من الوصول إلى محامين، أو إلى المحاكم، ويقبعون في السجن منذ سنوات”.

ويؤكد معيوش، خلال حديثه لـ”العربي الجديد”، أن هناك كثيرين مثل والد حمزة وابن بوضاوية، فالسجون بها مئات من الحالات المشابهة، لكنه يستغرب سبب تزايد أعداد المعتقلين وفقاً لإحصائية الأمم المتحدة، ويقول: “لا أعتقد أنها بسبب ارتفاع معدلات الجرائم فقط، بل هناك أسباب تتعلق بمعتقلي الحروب، وأيضا الانتماء السياسي”.
ويطالب معيوش بضرورة وضع السلطات حلولاً ناجعة، خصوصاً للأطفال الموجودين رفقة أمهاتهم في السجون، مضيفاً: “ما ذنب هؤلاء الأطفال أن يعيشوا سنوات في السجون إذا كانت الأم من أصحاب السوابق، أو تورطت في جريمة ما، بقاء الأطفال في السجون صحبة أمهاتهم دليل آخر على عدم التفات السلطات لأوضاع السجون”.

وشددت وزيرة العدل في حكومة الوحدة الوطنية، حليمة البوسيفي، في أول تصريح لها بعد تسلمها منصبها، على عزمها السعي إلى الإفراج عن جميع المعتقلين من دون قضايا، كما أعلنت تشكيل لجنة بمشاركة دولية للإفراج عن جميع السجناء بلا أوامر اعتقال، أو في قضايا ثبت أن لا أساس قانونياً لها.
وأقرت البوسيفي في تصريحاتها بوجود سجون خارجة عن سيطرة الدولة، وعزم الحكومة إخضاع من يديرها لسيطرة الدولة، وأنها، في سبيل ذلك، عقدت سلسلة من اللقاءات مع العديد من المسؤولين لبحث القضية، لكن أياً من تلك الوعود لم يتحقق، وفقا تأكيد الناشط نعيم معيوش.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى