الرئيسيةعلمي

الفوضى الرقمية- هوس الاحتفاظ بالملفات الإلكترونية

 

عندما تفكر في الفوضى، قد ينجذب عقلك سريعًا إلى أكوام الأشياء التي يمكنك رؤيتها بأعينك جسديًا – كومة من الكتب والمجلات أو الدرج المهجور في المطبخ، المليء بالأشياء منذ فترة طويلة.

اليوم، هناك نوع مختلف من الفوضى يصيب الكثيرون، وقد لا يكون من السهل تحديده يسمى: “الفوضى الرقمية”.

* كتب/ فراس الدويني،

كم مرة أثناء تصفحك لمنصات التواصل الاجتماعي قمت بتخزين الفيديوهات للمشاهدة لاحقاً، كم مرة قمت بتخزين الرسائل والنصوص للرجوع إليها في المستقبل.

يقضي البالغون في أي مكان من 34 إلى 44 عامًا من حياتهم محدقين في الشاشات. وفي معظم ذلك الوقت، يتجاهلون الفوضى الرقمية.

إذا نظرت إلى جزء الملاحظات الخاص بك نظرة سريعة ومررت بطريقك إلى ألبوم الصور وغيرها من الملفات الرقمية الموجودة في هاتفك النقال، ستجد متعلقات مهنية وشخصية لست بحاجتها ولا تعلم بوجودها، ولكنك مع ذلك تشعر بصعوبة حذفها وقد تدفع أحيانًا مبالغ إضافية من أجل شراء مساحات وذاكرة جديدة لإفساح المجال للمزيد من الرسائل والوثائق الإلكترونية.

ربما حان الوقت للنظر إلى الداخل -في سجل الرسائل، أو سحابة التخزين، أو سطح المكتب، أو هاتفك الذكي، وما إلى ذلك- واسأل نفسك، “هل أنا مكتنز رقمي؟”

 

معظم خبراء السلوك اتفقوا أن هذا لا يعتبر مشكلة في حد ذاته، ولكن عندما ينتقل السلوك من ادخار رقمي إلى اكتناز رقمي يمكن أن يؤثر سلباً على حياة الشخص، وقد يسبب توترا شديدا وقلقا، كما قال Emanuel Maidenberg دكتوراه، وأستاذ الطب النفسي وعلوم السلوك الحيوي في كلية David Geffen للطب في جامعة كاليفورنيا ومدير قسم عيادة العلاج السلوكي المعرفي.

ما هو الاكتناز الرقمي؟

يعرف الباحثون هذا المرض بأنه “تراكم الملفات الرقمية بشكل مفرط وعشوائي والتردد في حذف المواد الرقمية غير الضرورية التي لم تعد ذات قيمة للمستخدم، ما يخلق شعورًا بالتوتر والقلق”، وقد ذكر مصطلح “داء التخزين الرقمي” لأول مرة عام 2015 في ورقة بحثية نشرتها المجلة الطبية البريطانية BMJ عن رجل هولندي يبلغ من العمر 47 عامًا، يعاني من حالة مرضية فريدة تتمثل في تجميعه المفرط للأشياء ذات القيمة المحدودة أو المعدومة، والتي تضمّنت الأوراق والوثائق الورقية، فضلاً عن الصور الرقمية التي كان يلتقطها يومياً بكاميرته الرقمية التي حصل عليها قبل خمس سنوات.

يقول القائمون على الدراسة “كان لديه أربعة محركات أقراص صلبة خارجية تحتوي على الصور الأصلية، وأربعة محركات أقراص صلبة خارجية تحتوي على نسخ احتياطية. لم يستخدم أو ينظر أبداً إلى الصور التي حفظها، لكنه كان مقتنعاً بأنها ستكون ذات فائدة في المستقبل”

تمكن الأطباء في النهاية من تشخيص حالته بأنها نوعٌ فرعيٌ جديدٌ من متلازمة الاكتناز القهري، وهو ما يسمى “الاكتناز الرقمي”.

يقول Emanuel Maidenberg: “قد يرى الناس سلوكهم على أنه مفرط أو غير مناسب، لكنهم ما زالوا يواجهون صعوبة في السيطرة عليه”.

 

إذن كيف يمكنك معرفة ما إذا كانت لديك مشكلة اكتناز رقمي؟

فكِّر في الأسبوع الماضي متى آخر مرة واجهت صعوبة في العثور على ملف رقمي في هاتفك أو جهاز الكمبيوتر الخاص بك – ربما صورة مهمة، أو جهة اتصال لشخص ما، أو فيديو قصير قمت بتصميمه لنشره على Instagram.

عندما تم البدء في استكشاف فكرة تجميع الملفات الرقمية، طرح Darshana Sedera أستاذ مشارك في جامعة موناش الأسترالية، هذا السؤال على عدة أشخاص. وجد أنه يمكن لمعظم الأشخاص أن يتذكروا وقتاً ما واجهوا فيه صعوبة في العثور على شيءٍ ما.

في ورقة علمية قدمها في ديسمبر 2018، طرح هو والمؤلف المشارك Sachithra Lokuge هذا السؤال على 846 شخصاً حول عادات تجميع الملفات الرقمية، بالإضافة إلى مستويات التوتر التي يشعرون بها. لاحظوا صلة بين سلوكيات تجميع الملفات الرقمية ومستويات التوتر التي ذكرها المشاركون.

ويمكن لاضطراب التجميع التقليدي أن يجعل من الصعب على الناس اتخاذ القرارات ويمكن أن يسفر عن مشاكل عاطفية مثل الحزن والقلق، وفقًا لما يقوله Sedera. “ما وجدناه في الفضاء الرقمي هو أننا جميعًا بدون علم أو مع العلم، ندخل في حالة من التوتر”.

 

إدارة الفوضى

في استطلاع نشرته شركة Summit Hosting لآراء أكثر من 1000 أمريكي حول عاداتهم في الجمع الرقمي

وفقًا لنتائج الاستطلاع. يعتقد أكثر من 40 في المائة من المستهدفين أنهم ينجزون القليل على مدار اليوم بسبب محتواهم الرقمي غير المنضبط، وكانت النساء أكثر احتمالا من الرجال أن يجدوا هذه الفوضى مزعجة.

كتبت شركة Summit Hosting أيضا في استطلاعها أن النساء اللاتي يمتلكن أجهزة iPhone لديهن أكثر من 2.6 مرة من الصور المحفوظة على أجهزتهن مقارنة بالنساء اللاتي يمتلكن هواتف Android، وأن الرجال الذين لديهم أجهزة iPhone لديهم أكثر من ضعف عدد الصور المحفوظة مثل الذين يعملون بنظام Android. أي أن مستخدمو iPhone يقومون بالتقاط وحفظ صور أكثر بكثير من مالكي Android.

 

اسأل نفسك لماذا معظمنا يعاني من هذه الفوضى؟

المنصات مثل Google Drive هي “إغراءات مفتوحة” للتخزين لأنها تسهل علينا تجميع الملفات وتقريباً لا تطالبنا بمراجعتها، تقول Jo Ann Oravec، أستاذة تكنولوجيا المعلومات وتعليم إدارة الأعمال في جامعة Wisconsin-Whitewater. “الإحساس بأن شيئًا ما يمكن استرجاعه إذا قمنا بتخزينه في مكان ما يوفر إحساسًا زائفًا بالأمان.”

 

لا يجب أن يكون هذا التنظيم مخيفًا بدرجة كبيرة، ويمكن اعتباره استثمارًا في هويتنا الذاتية في المستقبل. فبدلاً من توبيخ أنفسنا لوجود عدد كبير جدًا من الملاحظات والصور ومقاطع الفيديو، ربما يكون من الأفضل لنا تخصيص بعض الوقت لاستعادة السيطرة على الفوضى الرقمية لزيادة الإنتاجية لدينا.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى