اخبارالرئيسيةعيون

الاتفاق بين إيني والمؤسسة الوطنية الليبية للنفط يمثل نقطة تحول في السيطرة على موارد الطاقة الليبية

وجهة النظر الإيطالية في اتفاقية النفط والغاز مع ليبيا..

نوفا-

تمثل اتفاقية الغاز البالغة قيمتها ثمانية مليارات دولار والموقعة، السبت الماضي في طرابلس، بين شركة إيني والمؤسسة الوطنية الليبية للنفط بحضور رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني، نقطة تحول في لعبة موارد الطاقة الليبية، حسبما ذكرت وكالة نوفا الإيطالية للأنباء.

وانتقد البعض الاتفاق الذي تم تعريفه على أنه “غير ملائم” و”يتعارض مع المصالح الليبية”، مما أثار مشاكل قانونية مزعومة بسبب الطبيعة المؤقتة لحكومة الوحدة الوطنية في السلطة في طرابلس، لكن هذه المزاعم تأتي من شخصيات محرومة من السلطة، والتي وصفتها مبعوثة الأمم المتحدة السابقة لليبيا ستيفاني ويليامز بأنها “ديناصورات سياسية” مهددة بالانقراض.

وكان وزير البترول محمد عون قد تغيب عن مراسم توقيع الاتفاقيات مع إيطاليا وكذلك مذكرة التفاهم بشأن التنقيب عن الهيدروكربونات واستغلالها مع تركيا في أكتوبر 2022.

وهاجم عون إيني وفرحات بن قدارة، الذي تولى قيادة المؤسسة الليبية للنفط في أغسطس الماضي، واصفًا العقد الموقع في طرابلس من قبل الرئيس التنفيذي لشركة إيني كلاوديو ديسكالزي بأنه “غير قانوني”.

الحقيقة أن عون كان منذ فترة طويلة على هامش الحكومة بعد أن أعاد رئيس الوزراء الليبي عبد الحميد الدبيبة تنظيم إدارة قطاع النفط من خلال إحياء المجلس الأعلى للطاقة، وبالتالي إفراغ وزارة النفط، لكن أشد الانتقادات الموجهة لاتفاقية إيني والمؤسسة الليبية للنفط جاءت حتى في إيطاليا من مؤيدين مقربين من فتحي باشاغا، رئيس وزراء ما يسمى بحكومة الاستقرار الوطني المعينة من قبل مجلس النواب المنتخب في 2014.

وشدّد بيان لحكومة الاستقرار على أن “حكومة طرابلس المنتهية ولايتها غير مؤهلة لتوقيع اتفاقيات وفق الاتفاقيات السياسية الدولية الموقعة في جنيف برعاية الأمم المتحدة، علاوة على ذلك في سياق تتزايد فيه حصة الشريك الأجنبي وحصة المواطن”.

صحيح أن الحكومة في طرابلس لم يتم انتخابها، بل تم تعيينها فقط من قبل الحوار الليبي الداخلي في جنيف لقيادة البلاد إلى الانتخابات، التي كان من المفترض إجراؤها في 24 ديسمبر 2021 والتي لم يتم إجراؤها مطلقًا، لكن من الصحيح أيضًا أن باشاغا يقود هيئة تنفيذية موازية لا تحظى باعتراف دولي، بدعم في البداية من مصر وروسيا، وتم التخلي عنها بشكل متزايد بعد ثلاث محاولات فشلت جميعها للسيطرة على العاصمة عبر تدخل عسكري.

ومع ذلك، من المهم أن الاتفاقية لم تنتقد من قبل حفتر.

علاوة على ذلك، فإن تعيين بن قدارة على رأس المؤسسة الوطنية للنفط هو نتيجة لاتفاق بين المسؤول السابق في نظام القذافي والدبيبة، وقد أتاح التغلب على مرحلة التوترات بين الشرق والغرب بشأن النفط.

يمكن فهم الموافقة الصامتة لحفتر على أنها ضوء أخضر من أولئك الذين يمتلكون السلطة حقًا في شرق ليبيا، فقد قال أرتورو فارفيللي، مدير مكتب روما للمجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية وخبير الشؤون الليبية، لـ”نوفا” إن “هذه الاتفاقية هي استثمار في الدبيبة، لكنها بالتأكيد في صورة بن قدارة. من الواضح أن الحكومة الإيطالية تعتقد أن رئيس المؤسسة الوطنية للنفط قادر على تجاوز الاضطرابات في ليبيا، على غرار ما حدث مع سلفه مصطفى صنع الله، الذي ظل في منصبه لمدة عشر سنوات”.

استثمار، هو استثمار إيطاليا وإيني، ولكنه ينضوي أيضًا على مخاطر، حيث تمثل الاتفاقية التي وقعتها إيني وشركة النفط الوطنية الليبية بشكل فعال نقطة تحول في الصراع الطويل للسيطرة على موارد الطاقة الليبية واستغلالها، الصدام الذي شهد ولا يزال يشهد بشكل أساسي مشاركة الفرنسيين والروس والأتراك في محاولة تقليل الوجود الإيطالي في ليبيا.

تتكرر الانقطاعات القسرية لإنتاج النفط في ليبيا، ويمثل وجود مرتزقة من مجموعة فاغنر الروسية خطرًا حقيقيًا. وليس من قبيل المصادفة أن زيارة ميلوني إلى ليبيا جاءت بعد مهمة مدير وكالة المخابرات المركزية الأمريكية (سي آي إيه) وليام بيرنز إلى طرابلس وبنغازي، حيث التقى كل من الدبيبة وحفتر، مما أرسل إشارة إلى الاهتمام المتجدد للولايات المتحدة الأمريكية بالأزمة الليبية المعقدة والدور الإيطالي كمترجم لمصالح واشنطن.

ورأى فارفيللي أن “السبب وراء الاستراتيجية الإيطالية في ليبيا هو أن الحكومات تمر، لكن المؤسسات التاريخية مثل المؤسسة الوطنية للنفط والبنك المركزي باقية”.

ليس من قبيل المصادفة أن يكون الصديق الكبير، الحاكم القوي لمؤسسة الإصدار، في منصبه منذ عام 2011: فهو حليف رئيسي لرئيس الوزراء الدبيبة بصفته الضامن للتمويل الذي يسمح للبندقية بالبقاء.

وأردف فارفيللي قائلًا: “هذا صحيح، هناك مخاطر، لكن بصراحة أشعر بالقول إن كل شيء في ليبيا يمثل مخاطرة. لكي تكون لدينا حكومة وطنية واحدة، معترف بها من قبل الجميع وبدون معارضة، يجب أن نعود إلى زمن القذافي. إنها مخاطرة أنني بصراحة لا أرغب في المعاقبة الآن”، لافتا إلى أن “النقطة المهمة هي ما إذا كانت هذه الاتفاقية أحادية الجانب أو ما إذا كانت تنضوى تحت مظلة، ضمان دولي، على سبيل المثال مع تركيا والولايات المتحدة”.

وقبل زيارة ليبيا مطلع الأسبوع الجاري، زار نائب رئيسة الوزراء ووزير الخارجية والتعاون الدولي الإيطالي أنطونيو تاياني تركيا ومصر، حيث أكد، في تصريحات في طريق عودته من تركيا في 13 يناير الجاري، “إن التزام القاهرة وأنقرة بتحقيق الاستقرار في ليبيا وتأييد الانتخابات أمرا أساسيا”.

ليس ذلك فقط، فالزيارة التي قامت بها ميلوني إلى طرابلس، والتي سبقتها رحلة مدير وكالة المخابرات المركزية، لم تكن لتتحقق دون موافقة الولايات المتحدة.

وأضاف فارفيللي: “يبدو لي أنه سيكون من الحماقة التوصل إلى اتفاق مثل اتفاق إيني دون مراعاة مسار واشنطن الجديد”، مشيرا إلى أن “المشكلة الحقيقية هي أن كل شخص في ليبيا يبدو وكأنه في مواقعه. إنه مأزق لا يريد فيه كل حاكم في ليبيا حقًا الذهاب إلى الانتخابات. إنها أوليغارشية سياسية واقتصادية تناضل من أجل الحفاظ على الوضع الراهن”.

ويبدو أن خبير المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية يستبعد تجدد العنف في الجماهيرية السابقة التي قادها القذافي، فقد قال: “لم تعد الظروف التي كانت سائدة قبل أربع سنوات موجودة. لقد توقفت دول الخليج عن إثارة حرب لا يريدها حتى المصريون والأتراك. مجموعة فاغنر حاضرة وتشكل تهديدًا، لكن من الواضح أن لدى روسيا مشاكل أخرى يجب التفكير فيها في الوقت الحالي. الخطر الحقيقي الوحيد في ليبيا هو مأزق لانهائي”.

من وجهة نظر اقتصادية، تعتبر الاتفاقية التي وقعتها شركة إيني أساسية بالنسبة لليبيا وربما تمثل “القطار الأخير” لتجنب تدهور الدولة العضو في منظمة أوبك، حيث إن حقول الهيدروكربونات النشطة (المصدر الرئيسي لمعيشة الدولة) تنفد بسرعة.

وبحسب عضو مجلس إدارة المؤسسة الوطنية للنفط مسعود سليمان، فإن “الدولة الليبية وحدها لا تستطيع توفير الأموال لتطوير الحقول، وليس لدينا بديل سوى الاستمرار في هذه الاتفاقية”، معتبرا الاتفاقية “جيدة” و”لمصلحة الدولة الليبية والمؤسسة الوطنية للنفط”، كذلك “لأن تكاليف الاستثمار يجب أن تقسم بالتساوي بين ليبيا والشركة الإيطالية، وكميات الغاز المتوقع استخراجها ستعوض قيمة حقوق الملكية للاستثمار في المشروع”.

أخيرًا وليس آخرًا ، أوضح عضو المؤسسة الوطنية للنفط، أن الاتفاقية جاءت في مواجهة أزمة غاز محلية متوقعة في ليبيا، التي تخاطر محطات توليد الكهرباء الخاصة بها، اعتبارًا من عام 2025، بأن تجد نفسها بدون 600 مليون قدم مكعب من الغاز اللازم لاستمرارها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى