اخبارالرئيسيةعربي ودولي

أردوغان يصلي مع الآلاف للمرة الأولى في آيا صوفيا بعد تحويله لمسجد

(رويترز)–

انضم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لحشود ضخمة في آيا صوفيا يوم الجمعة لأداء أول صلاة به في نحو تسعة عقود، محققا طموحه بإعادة المبنى الأثري الذي يحظى منذ زمن بعيد بمكانة لدى المسيحيين والمسلمين على حد سواء إلى مسجد مرة أخرى.

 

وبعد انطلاق الآذان من المآذن الأربعة التي تحيط بالمسجد، الذي هيمنت جدرانه الوردية وقبته الرمادية الضخمة على المشهد في اسطنبول منذ العهد البيزنطي، أدى المئات الصلاة داخل المبنى.

وفي الخارج، شارك عشرات آلاف آخرين في الصلاة في ساحة عامة وعلى الأرصفة وبين المساحات الفاصلة بين السيارات أو المقاهي للانضمام لصلاة يعتبرها الكثيرون تصحيحا لخطأ تاريخي وقع في عام 1934 عندما تم تحويل المسجد إلى متحف في عهد المؤسس العلماني لتركيا الحديثة مصطفى كمال أتاتورك.

وظل آيا صوفيا أكبر كاتدرائية مسيحية في العالم لمدة 900 عام قبل أن يقع تحت سيطرة السلطان العثماني محمد الفاتح في عام 1453 ومن وقتها أصبح أحد أكثر المساجد المبجلة لدى المسلمين لما يقرب من 500 سنة أخرى.

وقال لطيف أوزر (42 عاما) الذي جاء للصلاة ”هذا مبعث فخر كبير لنا.. سعادة غامرة“.

لكن ذلك الحماس لم يكن الأمر الغالب دوليا إذ أثارت إعادة المبنى إلى مسجد انتقادات شديدة من قيادات كنسية قالت إن تحويله إلى مكان حصري للمسلمين ينذر بتعميق الانقسامات الدينية.

وقال البابا فرنسيس بابا الفاتيكان إن القرار أصابه بألم عميق. كانت محكمة تركية عليا قد أعلنت قبل نحو أسبوعين إبطال قرار تحويل آيا صوفيا إلى متحف وفور صدور الحكم أعلن أردوغان إعادة المبنى لمسجد.

ودقت الكنائس في أنحاء اليونان أجراسها يوم الجمعة بالتزامن مع إقامة صلاة الجمعة للمرة الأولى منذ تسعة عقود في آيا صوفيا الذي يعتبره معظم اليونانيين في المقابل مركزا لعقيدتهم الأرثوذكسية.

واستقبلت اليونان قرار تحويل آيا صوفيا إلى مسجد بانتقادات حادة تسلط الضوء على العلاقات المتوترة في العادة بين أثينا وأنقرة.

ووصف رئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس تركيا بأنها ”مثيرة للمشكلات“ كما وصف تحويل آيا صوفيا إلى مسجد بأنه ”إهانة لحضارة القرن الحادي والعشرين“.

* الحنين انتهى

انضم مئات المدعوين إلى أردوغان داخل المبنى الذي يعود للقرن السادس. وشوهد البعض، ومن بينهم صهره وزير المالية براءت البيرق، يلتقطون صورا للمناسبة التاريخية على هواتفهم المحمولة.

وتلا الرئيس، الذي وضع على رأسه طاقية بيضاء، آيات من القرآن قبل خطبة الجمعة التي ألقاها علي أرباش رئيس إدارة الشؤون الدينية في تركيا.

وقال أرباش من على المنبر وهو يحمل سيفا في يده ”حنين أمتنا الذي كان قد تحول إلى حسرة انتهى اليوم“. وحمل السيف تقليد للخطباء في المساجد التي تمت السيطرة عليها وقت الفتح.

ونقلت وكالة أنباء الأناضول عن أرباش قوله بعد أن غادر المسجد ”إن شاء الله سنحافظ على هذا التقليد في المستقبل“.

وغطت ستائر بيضاء جرى تركيبها حديثا صورة للسيدة العذراء مريم والسيد المسيح كان موقعها أمام قبلة المصلين لكن صورا لملائكة كانت لا تزال مرئية على أقواس داخلية تدعم القبة الضخمة للمسجد.

 

ويقول مسؤولون إن الستائر ستسدل داخل آيا صوفيا على اللوحات المسيحية المصنوعة من الجص والفسيفساء المتلألئة التي تزين القبة والقاعة الرئيسية أثناء أوقات الصلاة، لكنها ستظل مكشوفة في بقية الأوقات.

وفي وقت سابق، تجمعت الحشود عند نقاط التفتيش في قلب اسطنبول التاريخي وسط وجود كثيف للشرطة. وبعد تخطي نقاط التفتيش جلس مصلون يضعون كمامات على مسافات متباعدة أمام المبنى في ميدان السلطان أحمد.

ووضعت شاشة كبيرة ومكبرات للصوت في الميدان لبث شعائر الصلاة للآلاف الذين تجمعوا في الخارج. وقدر أردوغان الحشود التي جاءت لصلاة الجمعة بنجو 350 ألفا.

ومع زيادة الحشود لم يعد هناك مجال لتطبيق التباعد الاجتماعي وهو ما دفع حاكم اسطنبول علي يرلي قايا للتصريح بأن السلطات منعت الناس من دخول المنطقة بسبب مخاوف من انتشار فيروس كورونا. ودعا على تويتر إلى التحلي بالصبر، وقال إن المسجد سيظل مفتوحا للصلاة حتى صباح السبت.

* زيارة قبر الفاتح

هتف الناس في الميدان ”الله أكبر“. وحمل البعض الأعلام التركية والعثمانية.

وخلال فترة حكمه الممتدة 17 عاما، دافع أردوغان عن ممارسة الشعائر الدينية ودعم الجهود المبذولة لاستعادة وضع آيا صوفيا كمسجد. وقال إن المسلمين يجب أن يتمكنوا من الصلاة هناك مرة أخرى وأثار المسألة، التي تحظى بشعبية لدى العديد من الأتراك الذين صوتوا لحزب العدالة والتنمية بزعامته، خلال الانتخابات المحلية العام الماضي.

وأعاد أردوغان تشكيل الجمهورية التركية الحديثة التي تأسست قبل ما يقرب من قرن على يد العلماني أتاتورك، إذ ألغى حظرا على ارتداء الحجاب في المؤسسات العامة ودعم التعليم الديني وكبح نفوذ الجيش القوي الذي كان معقلا لقيم أتاتورك العلمانية.

وبعد أن غادر آيا صوفيا، توجه أردوغان مباشرة إلى مسجد الفاتح القريب الذي يحمل اسم السلطان العثماني محمد الفاتح الذي سيطر على اسطنبول.

وقال أردوغان عند قبر الفاتح ”آيا صوفيا سيظل يخدم كل المؤمنين كمسجد وسيظل موقعا للتراث الثقافي لكل الإنسانية“ وأضاف أنه يريد ”زيارة قبر السلطان محمد الفاتح، المالك الحقيقي“.

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى