الراي

رأي- المشكل الليبي (٣)

* كتب/ عاطف الأطرش،

هذه الأيام قد تقرؤون كثيرا من يقول متذمرا من حجم الفساد المهول قائلا: “الله يرحم اللي خلاها لهم واسعة!!”
ومن ثم يعقب آخر قائلا: إن الراحلون أعلاه مثلهم مثل من نجا… لكنهم لم يتحصلوا على فرصتهم في ممارسة الفساد وهم أحياء… فقد كانوا في نفس القارب!!

رغم بساطة الفكرة إلا أنها مؤشر خطير للعجز المجتمعي في مجابهة الفساد… وأن مسألة الفساد نفسها أصبحت طريقة عيش وجب التعايش معها… وأن الفساد حق أصيل يضاهي حق الحياة… بل يتجاوزه أحيانا ليصبح فضيلة!!
النبذ الاجتماعي… يقابله النفاق الاجتماعي… اللقاقة… المذرحة… وبلغة أنيقة: قبول اجتماعي!!
بدلا من نبذ الفاسدين والابتعاد عنهم وتحجيمهم وتجاهلهم على المستوى الاجتماعي… أصبحوا هم مصدر مباهاة وفخر واعتزاز… فلا يغركم ما يكتب عنهم على صفحات التواصل الاجتماعي من سباب وشتائم… لكنه على أرض الواقع يتم تقديمه كعزوة وكبير العيلة في المناسبات الاجتماعية المختلفة… فأي مواطن هنا يستطيع مهاجمة المسؤول الفاسد في حال لم يكن قريبه أو ابن قبيلته أو مدينته أو حتى ابن شارعه… لكنه يبرر لنفس الفاسد لو كان قريبه… بل ويدافع عنه بشراسة بشكل غريب… ويذهب أبعد من ذلك بالقول: لماذا لا تتحدث عن الفاسد الفلاني وتتحدث عن هذا الفاسد؟!… هل رأيتم إلى أين وصلنا من انحدار؟!
بشكل شخصي… أمارس نبذهم… أتجاهل وجودهم… وأعاملهم بازدراء لو اجتمعت بهم تحت سقف واحد… وأدفع ثمنا باهظا بعد ذلك… وأعلم أن غيري الكثير يفعل مثلي… لكن حتى يصبح هذا السلوك واجبا وطنيا ملزما داخل المجتمع… فلا بد أن يسبق ذلك معرفة المواطن لواجباته وحقوقه بالمجتمع!!
اسألوا أنفسكم الآن… هل نحن على المستوى الجمعي ندرك ما هي حقوقنا وواجباتنا في مسألة محاربة الفساد… أم لا؟!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى