بعد أيام من الانتظار.. إنقاذ مهاجرين عالقين في منصة نفط قبالة سواحل تونس

الحرة-
أكدت منظمة “سي ووتش” الخيرية، أن سفينة أنقذت أكثر من 30 مهاجرًا غير نظامي، بينهم طفلان، كانوا عالقين من ثلاثة أيام على منصة نفط في عرض البحر قبالة سواحل تونس.
وفي بيان لها الثلاثاء (05 مارس 2025م) أفادت المنظمة أن السفينة “أورورا التابعة لمنظمة سي ووتش غادرت جزيرة لامبيدوزا الإيطالية صباح الثلاثاء وقد أصبحوا بأمان بمساعدة الطاقم”.
وكانت طائرة استطلاع تابعة لها قد رصدت السبت، المهاجرين على منصة النفط “ميسكار” التونسية وكان هناك قارب مطاطي فارغ يطفو بالقرب منها.
وأوضحت منظمة “سي ووتش” في بيان بأن المهاجرين “تركوا معرضين للبرد ودون رعاية لمدة أربعة أيام، بعد أن غرق القارب الذي يستخدمونه للهروب من ليبيا”.
بدورها، قالت ألارم فون، وهي جماعة تقدم المساعدة للمهاجرين عبر البحر، إنها تحدثت إلى المهاجرين، الأحد، وأُبلغت بوفاة أحدهم ومعاناة آخرين من المرض.
وطالبت منظمات حقوقية تونسية الثلاثاء، سلطات كل من تونس وإيطاليا ومالطا بالتدخل السريع لإنقاذ الأشخاص الذين يواجهون الخطر، لافتة إلى أنه رغم توجيه تحذيرات إلا أنه “لا يبدو أنه هناك أي خطة للإنقاذ”.
ويثير تأخر عمليات الإغاثة بالبحر الأبيض المتوسط جدلا بشأن أسبابها وتداعياتها على حياة المهاجرين غير النظاميين بالمنطقة.
“استهتار بالأرواح”
تعليقا على هذا الموضوع، رأى رئيس جمعية “الأرض للجميع”، عماد السلطاني، أن تأخر عملية إنقاذ المهاجرين العالقين بالمنصة النفطية يعكس استهتار سلطات دول المتوسط بالأرواح البشرية وعدم الرغبة في تقديم المساعدة.
وقال السلطاني لموقع “الحرة” إن المهاجرين المهددين بالهلاك لجأوا إلى منطقة تتداخل فيها المسؤوليات بين تونس وإيطاليا ومالطا، وأنه جرى التنسيق مع السلطات الإيطالية للقيام بعملية الإنقاذ لكنها رفضت التدخل وحملت المسؤولية لأطراف ليبية.
وأضاف أن عمليات التدخل والتنسيق في المناطق البحرية المشتركة بين تونس ومالطا وإيطاليا عادة ما تكون ناجعة وسريعة إذا تعلّق الأمر باعتراض مراكب المهاجرين وصدهم، لكنها تتباطأ لإنقاذ الأرواح المهددة بالخطر.
وقد تجاوز عدد القتلى والمفقودين في عام 2024 جراء هجرات غير نظامية، 2200 شخص، وفقد ما يقرب من 1700 شخص أرواحهم على طريق وسط البحر الأبيض المتوسط، وفق ما صرح به مسؤولون في مكتب اليونيسف الإقليمي لأوروبا وآسيا الوسطى.
وفي ذلك، يرى السلطاني أن سلطات دول البحر الأبيض المتوسط ومن ضمنها تونس، تتحمل المسؤولية في المآسي التي تسجلها عمليات الهجرة غير النظامية في البحر.
وشدد أنها تمتلك الآليات اللوجستية، من بينها السفن والرادارات، وتستوجب استخدامها في عمليات إنقاذ الأرواح كما يتم استخدامها في عمليات الاعتراض وصدّ المهاجرين.
ويحصي التقرير السنوي للمنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية (منظمة رقابية غير حكومية) أن نحو 1313 مهاجرا لقوا مصرعهم أو فقدوا قبالة السواحل الإيطالية خلال العام 2023.
ويرتفع هذا العدد وفق المنظمة الدولية للهجرة إلى 2498 شخصا في نفس العام.
الأولوية للمنع لا للإغاثة
وقال الناطق الرسمي باسم المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، رمضان بن عمر، إن أولويات حكومات الدول المتوسطية هي منع اجتياز المهاجرين غير النظاميين إلى الضفة الشمالية وتخصص لذلك كل الإمكانيات اللوجستية والتقنية والبشرية.
وأضاف بن عمر، في حديثه لموقع “الحرة”، أن منطقة البحر الأبيض المتوسط هي أكثر الأماكن مراقبة خاصة من قبل دول الاتحاد الأوروبي التي تقوم بنشر وحداتها البحرية والجوية عبر وكالة حماية السواحل فضلا عن انتشار القطع البحرية والجوية التي تنتمي للدول الأعضاء مما يمكنها مراقبة كاملة لعمليات منع الاجتياز.
وبخصوص جهود الإنقاذ، برز المتحدث أن عمليات المراقبة والتنسيق التي يتقاسمها الجانب الأوربي بشكل مباشر وغير مباشر مع السلطات التونسية والليبية من أجل التصدي للمهاجرين لا تكون بنفس الفاعلية عند عمليات الإنقاذ، إذ تسعى الدول الأوروبية إلى وضع العراقيل ضد المنظمات الإغاثية من أجل منع قيامها بعمليات الإنقاذ.
وشدد أن “هذه الدول تحاول دائما أن تتنصّل من المسؤولية عند وقوع الكوارث والأزمات في البحر الأبيض المتوسط”، لافتا إلى أن حادثة علق مركب المهاجرين بمصفاة “ميسكار” بيّنت تخلي كل طرف عن مسؤوليته في حين قامت المنظمات الإنسانية بعملية الإغاثة.
وختم رمضان بن عمر بالقول إن أولوية دول حوض المتوسط هي منع المهاجرين من العبور وإعادتهم لمناطق انطلاقهم، لذلك نحملهم المسؤولية الأخلاقية والقانونية والسياسية على كل المآسي، فما يحدث هو عقاب مضاعف على المهاجرين بوضعه بين خيارين إما العودة أو الموت”.
يشار إلى أن رئيسة الوزراء الإيطالية، جورجيا ميلوني، قد كثفت زياراتها إلى تونس وبدرجة أقل ليبيا خلال العامين الأخيرين وذلك لبحث سبل مكافحة الهجرة غير النظامية.