في ذكرى الاستقلال. الناس تستذكر محاضر جلسات لجنة الدستور الليبي 1951
من هو الليبي؟ وأعضاء مجلس الشيوخ يعينون أم ينتخبون؟
الناس-
عقدت لجنة الدستور المنبثقة عن الجمعية التأسيسية 24 اجتماعًا على امتداد 10 أشهر، كانت أولى جلساتها في 6 ديسمبر 1950 بمقر الجمعية الوطنية بطرابلس، وآخرها في 16 سبتمبر 1951 بفندق غراند هوتيل في طرابلس.
من محاضر اللجنة ننقل ما ثم تداوله في جلستها الثانية عشر المنعقدة بتاريخ 12 يونيو 1951 بمدرسة الفنون والصنائع، والتي أثيرت فيها مسألة تحديد من هو الليبي عن الأجنبي، وبحسب مداولات تلك الجلسة طالب العضوان “المنير برشان” و”عبد المجيد كعبار” بأن توضع صيغتان، الأولى تعريفا لليبي، والأخرى تبين أهم المبادئ الأساسية لحصول الأجنبي على الجنسية الليبية.
فعرض العضو “خليل القلال” الصيغتين الآتيتين وهما:
- الأشخاص المقيمون بليبيا وليست لهم جنسية أو رعوية أجنبية وولدوا في ليبيا أو ولد أحد أبويهم بها يعتبرون مواطنين ليبيين.
- الأجانب الذين أقاموا إقامة دائمة تزيد عن 10 سنوات وسلكوا سلوكا طيبا لهم أن يطلبوا الجنسية الليبية، بشرط تنازلهم عن جنسيتهم الأولى.
واقترح العضو “محمد المنصوري” أن “تكون مدة الإقامة من سنة 1943 فصاعدا“.
ثم دار النقاش حول حصول المتجنس على الحقوق الأساسية التي يتمتع بها المواطن الليبي، فقرر الأعضاء: “عمر شنيب” و”خليل القلال” و”المنير برشان” حق الأجنبي في التمتع بما يتمتع به الليبي بمجرد حصوله على الجنسية الليبية.
فيما اقترح “محمد رحيم” “وجوب تعيين شروط لمن يريد الدخول في الجنسية الليبية”، فعارضه “القلال” بقوله: “إن ذلك من اختصاص القانون”، فرد “رحيم”: بأن “التحري في إعطاء الجنسية الليبية ضروري للحيلولة دون مزاولة الأجانب للحقوق السياسية بدون حيطة“، فرد عليه العضوان “برشان” و”كعبار” بقولهما: “إن المتعارف في العالم والمنصوص عليه في الدساتير هو أن الأجنبي المتجنس بالجنسية الوطنية يتمتع بكافة الحقوق السياسية”، وقد أيدهما “القلال” قائلا: “لا معنى لإعطاء [الجنسية] الوطنية إذا لم تقترن بالتمتع بالحقوق السياسية“.
الشيخ “محمد الهنقاري” نبه إلى “وجوب تحديد عدد المتجنسين حتى لا يطغوا على المواطنين المحليين“.
وبعد نقاش مستفيض حول تعريف الليبي، أعاد “القلال” صياغة مقترحه ليكون كالتالي:
- كل شخص يقيم في ليبيا وليست له جنسية رعوية أجنبية يعتبر مواطنا ليبيا إذا توفرت فيه أحد الشروط الآتية:
- أن يكون مولدا في ليبيا.
- أن يكون أحد أبويه مولدا في ليبيا.
ج- أن يكون قد أقام في ليبيا مدة لا تقل عن 10 سنوات إقامة اعتيادية.
- زوجة المواطن الليبي تعتبر ليبية.
- يحدد القانون شروط اكتساب الجنسية الليبية للأجانب، ويكون به تسهيل للمغتربين الليبيين ولأبنائهم ولمن يطلبها من أبناء الأقطار العربية والأجانب المقيمين في ليبيا إقامة دائمة تبتدئ من يناير 1943.
فأقرت اللجنة هاتين الصيغتين ووافقت عليهما.
في الجلسة السادسة عشر للجنة، المنعقدة في 31 يوليو 1951 دار النقاش حول مبدأ تأليف مجلس الشيوخ على طريقتي الانتخاب والتعيين، وقد كان العضوان “محمد المنصوري” و”محمد رحيم” من أنصار أن يتم تعيين كل الأعضاء، وألا يكون هناك انتخاب، قائلين: “إن أرباب الكفاءات وذوي الشخصية الممتازة يربؤون بأنفسهم عن الزج بهم في المعركة الانتخابية، وينفرون عن التعرض للهزات والتيارات الحزبية، ويبتعدون عن النعرات الدعائية، ضنا بكرامتهم وأنفة من التعرض لطعن السفهاء من أنصار المتنافسين في الدوائر الانتخابية”.
في المقابل رد أنصار الانتخاب، ومنهم “منير برشان” قائلا: “إننا قررنا أن تكون السيادة للأمة، وأن هذه السيادة تمارس بالانتخاب، وحيث إن قانوننا يجري على أحدث نمط، وموضوع لحياة أمة تمتد في أجيالها، وأمامنا من يتحين الفرص للطعن على دستورنا هذا؛ فإني أرى أن تقرير انتخاب نصف مجلس الشيوخ ضروري لتفادي أي هجوم قد يشنه علينا من يلتمس الضعف“.
رأي “برشان” أيده “أبوبكر أحمد” وأضاف “عبد المجيد كعبار” قائلا: “إن المادة الثالثة صريحة في إعطاء الملك حق اختيار ذوي الكفاءة دونما نظر إلى التيارات الحزبية، على أن النصف الآخر تنتخبه المجالس التشريعية، ولذا فليس هناك أدنى تخوف من عدم لياقة من ينتخبون“.
فيما رد “خليل القلال” بقوله: ” إن المجالس التشريعية هي التي ستنتخب، وكلنا لا ننسى أن الترشيح شعبي”
وفي الجلسة الواحدة والعشرين المنعقدة في 27 أغسطس من ذات العام، وافق الأعضاء على أن يكون تعيين أعضاء مجلس الشيوخ اختيارا، ماعدا أعضاء الوفد الفزاني الذين تمسكوا بأن يكون نصف مجلس الشيوخ بالتعيين، والنصف الآخر بالانتخاب، وطلبوا بلسان رئيسهم “أبوبكر أحمد” تسجيل الكلمة الآتية تحفظا “أن يكون نصف مجلس الشيوخ بالانتخاب، والنصف الآخر بالتعيين، أو على الأقل إذا تعذر الانتخاب يعين جلالة الملك النصف ويعين النصف الباقي حكام الولايات“.
وبمراجعة الدستور الليبي في صيغته النهائية، نجد المادة 95 الخاصة بمجلس الشيوخ تنص على أن “يعين الملك نصف الأعضاء، وتقوم مجالس الولايات التشريعية بانتخاب الباقين”.