الناس-
حذر أكاديميون ومسؤولون ليبيون من استمرار التغاضي عن ظاهرة الهجرة غير القانونية إلى ليبيا، لما لها من آثار على الأمن والاقتصاد والمجتمع ككل.
وحذر أكاديمي ليبي من جامعة سبها خلال ندوة استضافتها كلية القانون بمصراتة السبت (30 نوفمبر 2024) من التداعيات الاجتماعية التي تسبب فيها المهاجرون في الجنوب الليبي بالذات، معرجا في ورقته على التغيرات الديموغرافية وأثرها على القيم الاجتماعية هناك.
وأشار الدكتور “خالد ابزيم” في هذا الصدد إلى (623) حالة زواج لليبيات من مهاجرين الأمر الذي نتج عنه (1390) طفلا، والآن توجد قضايا مرفوعة تطالب بحقوق المواطنة لهؤلاء الأطفال. غير أن المعضلة التي تواجههم أن أغلب الزيجات لم تسجل رسميا لدى الجهات المعنية.
وأردف “ابزيم” بأن ليبيات خدعن في زواجهن، حين تزوجن من أشخاص على أنهم ليبيون وتبين لاحقا أنهم لايحملون الجنسية الليبية، بناء على مستندات مزورة، أو عدم وجود مستندات من أساسه، ونظرا للتباطؤ في تسجيل إجراءات الزواج، والنتيجة كما يقول المتحدث “أبناء مجهولي النسب”.
وتوسع الدكتور في الحديث عن المخاطر الأخرى التي يواجهها أهل الجنوب حيث يواجهون زحفا استيطانيا لأفريقيا جنوب الصحراء، ما سيؤدي إلى نزوح الليبيين للشمال،
ومن التجاوزات الأمنية التي حصلت فعلا هي محاولة اغتيال مسؤول السجل المدني في مرزق بسبب وقوفه ضد تزوير المستندات، مستدلا على ذلك بما أعلنته النيابة العامة سابقا من وجود تزوير في الأرقام الوطنية، و17 ألف جواز سفر مزور، و80 ألف مرتب من الخزانة العامة لمهاجرين زوروا مستنداتهم.
مستشار بالخارجية الليبية: الأوروبيين أرادوا إحضار أجهزة لحصر كل المهاجرين، وسعوا إلى انتزاع الاعتراف بوجودهم، ومن ثم توطينهم بمراكز إيواء في الجنوب
وتشير الأرقام التي أعلنتها الأمم المتحدة مؤخرا بوجود (670) مهاجر غير نظامي في ليبيا من (44) دولة، أغلبها إفريقية، الأمر الذي ستكون له تداعيات على الاقتصاد الليبي حسب ما ذكر الاستاذ عبدالحميد فضيل في ورقته.
أستاذ الاقتصاد بجامعة مصراتة استعرض بالأرقام كيف أن هؤلاء العمالة يحققون عوائد تقدر بخمسة مليار دينار من السوق الليبي.
لكن الباحث هنا لا يرى في وجودهم خطرا كبيرا على الاقتصاد، بل يذهب إلى أن هناك إيجابيات اقتصادية، فهم يمارسون مهنا وصفها بالطاردة، التي لايمتهنها الليبيون أساسا، وسيتركون خلفهم فراغا لو طردوا دون توفر البديل، لكن خطرهم الأكبر هو في التغيير الديموغرافي للبلاد، فالليبيون سكانيا حسب أرقامه لا يتجاوزون (3%) من مجموع سكان الدول المحيطة بليبيا، كما أن الدخول في هذه الدول متدنية مدللا على ذلك بالنيجر التي يبلغ دخل الفرد فيها فقط 541 دولار سنويا، وتشاد 878 دولار سنويا، ومالي 450 دولارا.. ويرى أن على الدولة الليبية الاستثمارات في الإيجابيات والاستفادة من العمالة في تعزيز الاقتصاد.
البكاي: دول الجوار تسهل عملية عبورهم عبر الحدود إلى بلادنا.
الندوة كانت من تنظيم مكتب خدمة المجتمع والتعليم المستمر، ومكتب الدراسات العليا بجامعة مصراتة، واستعرضت فيها ست ورقات، وكانت بعنوان “الهجرة غير الشرعية في ليبيا. نحو استراتيجية وطنية” وشارك فيها مسؤولون على مستوى وزارتي الداخلية والخارجية، بالإضافة إلى أهل القانون والاقتصاد.
وأشار الدكتور ناصر البكاي إلى أسباب ازدياد أعداد المهاجرين في ليبيا، معربا عن اعتقاده بأن دول الجوار تسهل عملية عبورهم عبر الحدود إلى بلادنا.
كما أشار إلى موجة خطيرة من الخطاب تصف المهاجرين بوصف “الليبيون البدون”. في خطوة نحو المطالبة بتجنيسهم.
والحل يكمن في تأمين الحدود بالتقنيات الإلكترونية، والطيران المسير في تقديره.
ويرى العميد بوزارة الداخلية “صلاح المنير” أن مرتكزات الحل تتمثل في الإصلاح المؤسسي، لكنه غير ممكن في حال الانقسام السياسي، كما أن الحلول المثالية غير ممكنة التطبيق. لكنه يتمسك بدعوته للإبعاد الطوعي إن أمكن وإلا فالإبعاد القسري.
يشغل “المنير” مدير مكتب حقوق الإنسان بالوزارة، ومن خلال التواصل دوليا توصل إلى حقيقة أن المنظمات الحقوقية الدولية تهدف لتوطين المهاجرين في ليبيا.
وفي نفس الاتجاه تحدث الدكتور مفتاح التيح من موقعه بالمكتب القانوني لوزارة الخارجية عن جهود الدولة مع منظمة اليوبام لحماية الحدود الليبية، إلا أن المنظمة تحولت إلى العمل المخابراتي وتدخلت في نزاعات قبلية بليبيا.
كما أن الأوروبيين –والكلام له- أرادوا إحضار أجهزة لحصر كل المهاجرين، وسعوا إلى انتزاع الاعتراف بوجودهم، ومن ثم توطينهم بمراكز إيواء في الجنوب.
الأمم المتحدة: (670) ألف مهاجر غير نظامي في ليبيا من (44) دولة
اتفق المشاركون في المائدة المستديرة على أن ذكر المشاكل وحده لا يعفينا من بحث واقتراح الحلول.
وطرق الدكتور سليم بيت المال مسألة مستجدة وهي هجرة الليبيين أنفسهم عبر القوارب بعد أن كان ليبيا تصنف كدولة عبور، داعيا إلى تبني استراتيجية وطنية يشارك فيها كل ذوي العلاقة، إذ الحل في نظره ليس أمنيا، بل سياسي اجتماعي اقتصادي.