الرئيسيةعيونفضاءات

ليبيا: ما دلالات زيارة الدبيبة للجزائر وتوقيتها؟

العربي الجديد-

تزداد خيوط الملف السياسي الليبي تشابكاً مع محيطها الإقليمي والدولي في ظل سياسة استقطاب وتشابك بين مصالح القادة المحليين، وحسابات الأطراف الخارجية. فقُبيل انتهاء اجتماعات اللجنة الدستورية الليبية في القاهرة برعاية أممية، توجّه رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبدالحميد الدبيبة، إلى الجزائر، الإثنين (18 أبريل 2022م)، في زيارة رسمية صحبه فيها وفد وزاري وأمني رفيع المستوى.

وتأتي الزيارة في ظرف حالك تمر به ليبيا ويتجسد في وجود حكومتين تتصارعان السلطة؛ حكومة الوحدة الوطنية، والحكومة الجديدة المكلفة من مجلس النواب برئاسة فتحي باشاغا، وكذلك عدم توافق مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة على سيناريو موحد يسيّر شؤون البلاد ويفضي لانتخابات، بالإضافة لإغلاق داعمين لحكومة باشاغا حقولا وموانئ نفطية خلال اليومين الأخيرين، ومقايضتهم فتح النفط بخروج حكومة الدبيبة من المشهد وتسليم السلطة.

وتعتبر زيارة الدبيبة للجزائر هي الأولى خارج البلاد منذ تكليف مجلس النواب حكومة جديدة، إذ التقى خلالها الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، وسلمه الإطار العام وإجراءات خطته الخاصة بتنظيم الانتخابات، حيث أكد الدبيبة حاجة الخطة لـ”دعم إقليمي ودولي من أجل تنفيذها”، وفق المكتب الإعلامي لحكومته.

من جهته، عبّر تبون عن دعمه للحكومة وتقديره لهذه الإجراءات واستعداده للتنسيق الدولي بشأنها، من خلال التحضير لعقد مؤتمر دولي تستضيفه الجزائر على مستوى وزراء خارجية الدول المنخرطة في الشأن الليبي، بهدف دعم إجراء الانتخابات، بحسب ما أورده مكتب الدبيبة الإعلامي.

وفي هذا الإطار، يرى الأكاديمي والمحلل السياسي الليبي فرج دردور خلال حديث مع “العربي الجديد”، أن زيارة الدبيبة تأتي في سياق “المناكفة بما يحصل في مصر”، في إشارة لاجتماعات اللجنة الدستورية المؤلفة من مجلسي النواب والدولة.

وقال دردور إن الجزائر ومصر على نقيض دائم، خاصة فيما يتعلق بالملف الليبي، مضيفاً: “أعتقد أن الدبيبة يبحث عن دعم يقابل التدخل المصري، وأن استقباله بهذه الطريقة يعني دخول الجزائر في الاستقطاب الحاصل بليبيا، وعزمها دعم حكومة الوحدة”.

وتابع: “الجزائر لن تسمح لمصر بالعبث في ليبيا، وقد تقدم دعما لحكومة الدبيبة بشكل أو بآخر، فهي مؤثرة في الشأن الأفريقي، وعلاقاتها جيدة بالدول الأوروبية وأميركا، وروسيا أيضا، وتستطيع التدخل دبلوماسيا بحيث تحد من ضغط بعض الدول الكبرى والإقليمية على حكومة الدبيبة”.

وأشار دردور إلى تلويح الدبيبة من الجزائر باتخاذ خطوات رادعة تجاه من يوقفون إنتاج وتصدير النفط، وأضاف: “قد يتجسد ذلك في دعم جزائري لفتح الإنتاج، خاصة أن الحقول المغلقة قريبة جداً من الحدود الليبية الجزائرية باتجاه الجنوب الغربي الليبي”.

وفي الجانب التشريعي، يرى دردور أن الزيارة تعبر عن رفض الجزائر لخريطة طريق مجلس النواب، قائلا: “الجزائر تعلم أن مجلس النواب مرتهن لمصر، ويخدم مصالحها المعرقلة للملف الليبي، وخليفة حفتر لا يزال يكنّ حالة من العداء للجزائر، كما أن وجود وفد أمني كبير من الجانبين ضمن الزيارة والاجتماعات المرافقة قد يعني بحث ملفات مثل حماية الحكومة من أي تدخلات خارجية قد تساهم في ترجيح الأمور ناحية حكومة باشاغا”.

ويبدي دردور اعتراضه على إقامة اجتماعات اللجنة الدستورية في القاهرة لأنها ليست أرضاً محايدة، وفق وصفه، مؤكدًا أن مصر تريد تمكين حكومة باشاغا، وقد ضغطت بالفعل على الاجتماعات باتجاه تحويل النقاش نحو تعديل الإعلان الدستوري، وليس القاعدة الدستورية كما رتبت البعثة الأممية.

وأشار إلى أن “كل هذه النقاشات في الواقع غير ملزمة لحكومة الدبيبة، كما أن قرارات مجلس النواب منفرداً غير ملزمة، بدليل لجوئه لاجتماع جنيف من أجل توحيد السلطة التنفيذية قبل سنتين، ولو كان مجلس النواب الذي انتهت مدته من 8 سنين شرعياً ويمثل كل الليبيين لشكّل وقتها حكومة نالت الاعتراف، لكنه في الواقع طرف في صراع سياسي وليس جسماً تشريعياً يمثل الجميع”.

ويخالف أستاذ العلوم السياسية بالجامعات الليبية، مختار بن جابر، هذا التصور، معتبرا أن مجلس النواب هو الجسم التشريعي المنتخب الوحيد في ليبيا، مبينًا أن هذه حقيقة ستستمر لحين انتخاب برلمان جديد وفق خريطة الطريق التي أقرها المجلس، وذلك بتيسير من حكومة باشاغا بعد استلام مهامها من طرابلس، بحسب قوله.

ويقلل بن جابر من تأثير زيارة الدبيبة للجزائر على حكومته التي تُمضي أيامها الأخيرة، وفق وصفه.

وقال بن جابر لــ”العربي الجديد” إن “زيارات كهذه لا تتعدى (رقصة الديك المذبوح) بالنسبة لحكومة الدبيبة منتهية الصلاحية، فكل الأمور تتجه نحو تفعيل تعديل الإعلان الدستوري الذي أقره مجلس النواب، ولا أدل على ذلك من بدء مناقشة اللجنة الدستورية للمواد الخلافية في مشروع الدستور ونية استكمالها في مايو القادم، تمهيداً للاتفاق بشأن تعديلها، ثم إجراء الاستفتاء على الدستور، وبعده الذهاب للانتخابات”.

ويرى بن جابر أن “هذا هو الحل الأمثل لعودة الأمور كاملة للشعب حتى يقرر”، ويستدرك بالقول: “ليبيا عانت بما يكفي من غياب دستور دائم ينظم الحياة السياسية ويوحد كيان الدولة الممزقة، ونحن نتطلع لاتفاق مجلسي النواب والدولة بعد طول خصام من أجل إنهاء المرحلة الانتقالية بدستور دائم يقره الليبيون، وبرلمان جديد ورئيس دولة منتخب مباشرة من قِبله… لو حصل ذلك سنجتاز أصعب المراحل، وكل ما يليه سيسهل تحقيقه”.

وفي سياق ذي صلة، وتبعا لبحث الحكومتين عن التأييد الإقليمي والدولي، أكد باشاغا نيته مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة، ومعالجة الأوضاع الأمنية المتدهورة وتأمين الموانئ والحدود الليبية، وتعزيز التعاون بين المؤسسات الأمنية والعسكرية والسلطات القضائية.

وفي تصريح لموقع (Express) الإخباري البريطاني، الإثنين، أبدى باشاغا إعجابه بالمملكة المتحدة، آملا أن تتعامل مع حكومته وتوفر لها الاستشارة والتدريب ومشاركة التكنولوجيا مع القوات الأمنية، وكذلك التعاون التجاري.

ولفت باشاغا إلى ما وصفه بـ”معاناة بلاده” من تصرفات النظام الروسي مع ليبيا، لا سيما مع قضية مسلحي “فاغنر” الروس في ليبيا، وقال: “لا مكان في ليبيا لمجموعة (فاغنر) أو أي جنود روس أو شيشانيين آخرين”، معربا في ذات الوقت عن قلقه من التقارير المتداولة عن وجود علاقة وثيقة بين الدبيبة والزعيم الشيشاني رمضان قاديروف، لافتا إلى الزيارة الأخيرة لنائب مفتي الشيشان إلى ليبيا.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى