الراي

رأي- يامن تتباكون على الاستعمار.. أفيقوا !

* كتب/ عطية صالح الأوجلي،

عندما قدمت إيطاليا عام 1911 إلى ليبيا ياسادة.. لم تحشد جمعياتها الخيرية ولا شركات الاستثمار فيها ولا أطبائها ولم تجلب أطنان المساعدات.. وإنما حشدت الأساطيل والجيوش والجنود وكل وسائل القهر والموت..

كانت استعمارا شرسا متخلفا يسعى لاحتلال أرض الغير وإخضاعهم لها.. لمجرد إشباع نزعة غريزية بدائية ولتعيش إيطاليا التي استيقظت متأخرة عن بقية الدول الأوروبية أوهام وأكاذيب الفاتحين..

 

لم تكن بليبيا ثروات تستحق العناء.. ولا كانت ليبيا تمثل خطرا على وجود وأمن إيطاليا …. بل كانت مجرد ضحية ضعيفة شاء لها قدرها أن تكون ضمن الحلم الإمبراطوري الجديد.

وعندما نشبت الحرب في ليبيا .. كانت ككل الحروب حربا قاسية ووحشية ودامية.. جرب فيها الاستعمار الإيطالي كل ترسانته.. بل كانت أول حرب يستخدم فيها الطيران الحربي.. ارتكب الإيطاليون المجازر.. ومارسوا الإرهاب من شنق وإعدام وتدمير للبيوت وحرق للمحاصيل وتهجير لقبائل بأسرها ووضعها في المعتقلات.. ومارسوا الأكاذيب والأضاليل والفتن وكل رذيلة يمكن أن تخطر ببال.. ولحسن حظ الليبيين فهذه الجرائم موثقة من قبل بحاث إيطاليين وأوروبيين وعرب.

لم تأت إيطاليا ياسادة في نزهة.. بل كانت استعمارا استيطانيا يسعى لجلب السكان من الجنوب الإيطالي ومنحهم الأراضي والمزارع المغتصبة من الليبيين بقوة السلاح.. وإذا ما بنى الاستعمار المباني وخطط الشوارع ومد أعمدة الكهرباء فإنما كان يفعل ذلك من أجل نفسه وخدمة لمخططاته.
فمن الجهل والعار أن نجد اليوم من يتباكى على هكذا استعمار… بل هو نموذج للانحطاط الأخلاقي وتضليلا للذات وتحقيرا لها.. ولنفترض جدلا أن السيد بالبو كان مبعوث العناية الإلهية إلى ليبيا وأنه أقام كل المباني من أجل عيونكم… هل يكفي هذا لنسيان كل ما فعله الاستعمار بنا.. هل يكفي هذا كثمن لشنق الأبرياء وحرق القرى واغتصاب النساء..؟

 

أفيقوا من أوهاكم ولحظات ضعفكم المخزي.. فالوضع المزري الذي نعيشه الآن لن يغيره التباكي على أمجاد المستعمرين.. بل يحتاج إلى صلابة الرجال ولعقول وقلوب تؤمن بأن الأوطان لا تبنيها سوى التضحيات.. وأن فساد الحاضر لن يجمل فساد الماضي في أعيننا.. وأن احترامنا لمعاناة أجدادنا … هو تقدير لهم.. واحترام لذواتنا.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى