الرئيسيةالراي

رأي- الاختباء خلف الأوهام

*كتب/ أسامة اوريث،

مصطلح “فرسان المتوسط” الكروي، الذي أراه في الشاشات يُطلق على منتخبنا المتواضع، هو واحد من مصطلحات نفخ الريش من لا شيء! تماما مثل مصطلح “العظمى” الذي كان أطلقه الطاغية المختل عقليا، على بلادنا، التي كانت تسير على قدم وساق، دستوريا ومؤسساتيا وبنيويا ودوليا وتنمويا وحقوقيا وإنسانيا.. ثم قام بتحطيمها وإرجاعها عقودا الى الوراء.

 

وأنا لا أزعم أن الدعوة إلى جلد الذات، هي الحل، رغم أنه حل ناجع مع شعب قبلي، عامل في نفسه مقلب، وشايف حاله من لا شيء! بقدر ما أدعو الى الاستفاقة من الغيبوبة!

تلك الغيبوبة التي دخلنا خضمها منذ فقاعة الجماهيرية العظمى، التي تزعم أنها تطارد عظمة بريطانيا العظمى وسويسرا، أو (صويصرا) كما كان يسميها الأخ الوحيد. بينما هي في الواقع: جماهيرية برمه. يعيش مواطنوها من دون حتى حقوق التأمين الطبي، والعلاج الصحي. الذي بلغت تلك الدول العظمى فعلا، حد تمكين القطط والكلاب منه! يعني أن الحيوانات في العالم المتقدم، نالت حقوقها من العناية الطبية. وطبقت هذه البلدان مقولة الخليفة الراشد عمر بن الخطاب، القائلة بـ:

” لو عثرت بغلةً في العراق، لخفت أن يسألني الله عنها! لما لم تمهد لها الطريق ياعمر”!!

بينما نحن لا زلنا من دون حتى تأمين طبي. وطرقاتنا مدمرة ومضرة للإنسان والحيوان معا! وأنا بصفتي من أسرة الكادر الجامعي، أؤكد لكم بأن أساتذة الجامعات ومعلمي المدارس، لا يملكون حتى الساعة حقهم في تأمين طبي، إسوة ببقية القطاعات، بل إسوة لا مؤاخذة بالقطط والدواب في أوربا والغرب!

وعلى منوال الجماهيرية العظمى، وفرسان المتوسط، ظهرت القبائل الشريفة، وبرزت القبائل الأصيلة، وظهرت سجالات الجهة الشرعية، والجهة الوطنية وإلى آخر القائمة.

عودة إلى مصطلح فرسان المتوسط؛ بالنظر إلى منتخبات العالم: البرازيل حاملة لقب بطل العالم 5 مرات. وإيطاليا حاملة لقب كأس العالم مع ألمانيا 4 مرات. والأرجنتين 2 ألقاب. لا تجد هذه البلدان تستخدم شعارات بطولية وجنونية وعنفوانية، رغم كل حقها في ذلك، ولكن تواضعها واضح، ويمكن أن نلمسه حتى بأطراف أصابعنا! فتسمت الأولى باسم Samba السامبا، وهي مجرد رقصة شعبية. والثانية باسم Azzorre أتزورّي، بمعنى المنتخب الأزرق. والثالثة باسم المانشافت Mannschaft وتعني بالألمانية وبكل بساطة: الفريق! والمنتخب البطل الرابع، تسمى بالتانغو Tango وهي مجرد رقصة موسيقية تاريخية شعبية رباعية الميزان.

وفي المقابل تجد منتخبات متواضعة تسمي نفسها: أسود الأطلس – محاربو الصحراء – نسور قرطاج – فرسان المتوسط – الفراعنة.. وهي المغرب والجزائر وتونس وليبيا ومصر.

ولست أدري أية فروسية كروية/رياضية، نتملكها نحن بالذات! ونحن حد طموحنا هو التأهل لكأس أفريقيا! بطموح وحيد هو المشاركة بالدور الأول فقط!. ولا سجل واحد لنا في التأهل إلى مونديال كأس العالم. لا يوجد، ولا حتى لقب إقليمي أو قاري واحد!  فلم هذه الفرسنة الرياضية من لا شيء.

وعليه فإن الحل هو التواضع، بمعرفة حجم الذات، ورحم الله امرأ عرف قدر نفسه!

ولكن المشكلة أن ليس ثمة في حوزتنا اسم متواضع بديل!

الصورة مقارنة للأصل، الذي أُخذت منه صورة العشرة دينار على العملة الجديدة

وأنا أقترح في هذا الصدد أيضا، بأن نتوقف عن الترميز لحياتنا / نشاطنا / عملنا وعلمنا.. بالفروسية والصهيل واللهيد والجري والتمرغيد عالرملة والتبرطيع والقرقعة والفرقعة والغبار والتراب والخيمة والناقة والضرب والتحجيل والفوشيك والنار من لا شي!! على طريقة الفرسان من دون معركة!

وأدعو إلى استبدال هذه المظاهر التي لا تنّمي عقولنا ولا تفتح مداركنا! ولا تخدم مصالحنا في بناء دولتنا برموز الإنسان والبنيان والقلم والحبر والورق والهندسة والتقنية والكتاب والصرح والمعمار والذوق والفن والرؤية والفلسفة والفكر والعقل

ليكن الأنسان والفكر والعقل والصنعة والعمل والبناء والأثر الطبوغرافي على الأرض؟ هو شعارنا

صحيح أن الفروسية والفوشيك والخرطوش والجرد والفراشية والخبزة والكانون تاريخ وتراث وعادات وتقاليد.. ولكن لها مكانها المناسب في أنشطة التاريخ والفلكلور والتراث

وليس من المناسب أن نضعها أمامنا كمن يضع العربة أمام الجواد، في وقت ندّعي فيه بأننا نتطلع قُدما للعمل والبناء والتشييد والتصنيع ..

متى نتوقف عن كل تلك القرقعة والفرقعة والجعجعة

ونقف عند مستوانا الحقيقي لنرفع نظرنا إلى السماء

متى نستوعب العالم؟

ونبني دولة مدنية عمرانية خدمية تقنية، لا خرقاء لا عمياء، تنفعنا وتنفع الجميع في ليبيا جمعاء.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى