ثقافة

استرداد ذات،،،

 

* كتب/ يحيى القويضي،

 

رغم الأهوال المحيطة،،
أنا أقرأ مرة أخرى، ما يعني أنني أُبعث مجددا.
فقدت شغف القراءة طيلة السنة الفائتة، حتى أن حصيلة قراءاتها لم تتعد معدل شهر واحد اعتيادي.
هذا العام كان ألعن، إلى أن هلّ هذا الأسبوع الرائع وأهداني قراءة كتابين على التوالي!
الأول معنون بـ فن التجسس لـ هنري كرامبتون، وهو ضابط مخابرات أميركي سابق، يحكي فيه سيرته المهنية مذ كان مجند غِرا -كما وصف نفسه- وصولا لرئاسته للجنة مكافحة الإرهاب الأميركية.
الرجل يسرد ـ في هذا السفر الممتع ـ ما لاقاه خلال رحلته الطويلة هذه من مواقف ومغامرات وتحديات بدأت منذ انتظامه عميلا سريا متدربا، مرورا بإرساله إلى أفريقيا مستخبرا ومُجنِدا لدبلوماسيين أجانب، ومليشياويين محليين ـ قال أن لبعضهم أهداف نبيلة ـ ارتقاء إلى قيادته لحرب بوش الصغير على القاعدة في أفغانستان خريف 2001م.
الكتاب قد يصنف ضمن الكتب غير الجادة، باعتبار اعتماده على الإثارة، لكن مثل هكذا تصنيف ـ إن وجد ـ يظلمه كثيرا، فهو كتاب مولود على يد محارب، ومن رحم حربين: الباردة، والإرهاب، وليس ثمة حرب لم تكن جادة، وإن كانت الإثارة جزء رئيس منها، بل الحرب هي المدرسة الأعظم كما يقول الجنرال باتون.
الكتاب متخم بالدروس: القيادة المبدعة،، تكوين الفرق وقيادتها،، الموالفة بين الهيئات المتنافسة، والمتحاسدة، ومتعارضة التخصصات،، تجيير التقانات المتقدمة ـ البريداتور مثالا ـ لرفع معدلات الأداء،، التعلّم المستمر، عبر الانخراط المتكرر في صفوف أكاديمية عليا،، فنون التكيّف مع مشاق الميدان ومشاق السياسة، والكثير غير ذلك مما سيلحظه قارئ آخر أكثر نباهة.
الكتاب يعتبر حقيبة تدريب مكثف، مصاغ بطريقة ممتعة، ولذا اقترح قراءته، وهو متوافر بصيغة pdf.

الكتاب الثاني ـ الصورة ـ هو رواية : دروز بلغراد – حكاية حنا يعقوب،، لـ ربيع جابر، وهي رواية فازت بجائزة بوكر العربية 2012.
تحكي الرواية قصة ما جرى لـ “حنا يعقوب” والمصائب التي تتالت عليه “بسبب الحظ العاثر، ووجود الرجل المتوسط القامة، الحنطي الوجه، الأسود الشعر والعينين، بائع البيض، في المكان الخطأ في الساعة الخطأ”.
كنت قد قرأت الرواية حال فوزها بالبوكر، واليوم صادفتني، ولما كانت مغامرة قراءتها سابقا ممتعة، رأيت أنه من الجيد معاودة التجربة، إمعانا في توريط النفس باتجاه القراءة، أو بمعنى أبهى محاولة جديدة لاسترداد الذات، وفيما انهمكت في القراءة، تدخل “صاحب التّاكّو” وقطع النور، فخرجت بشموعي إلى السور، فكان هذا المنشور.
سأحاول بعد الانتهاء من الرواية أن أحدثكم عنها، وعن انطباع كوّنته عبر قراءة عديد الأعمال لـ ربيع جابر، وأرجو أن لا أكون قاسيا عليه، مثلما فعل هو معي حينما “هبّعني” ذات مرة.
أنا فرح بعودتي للكتاب، وبلقائي معكم مجددا، لكم جميعا سيدات وسادة مودتي وتحياتي.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى