الرئيسيةالراي

رأي- تجربة رائدة ومميزة،

* كتب/ عطية صالح الأوجلي،

منذ حوالي تسع سنوات ذهبت في زيارة إلى جنوب إفريقيا.. وكانت للمساهمة في معرض الكتاب هناك.. وللمشاركة في تمثيل ليبيا في أول تواجد لها بهذا المعرض.

كنت حريضا أثناء تواجدي هناك على التعرف على أوجه عدة من تجربة دولة جنوب أفريقيا، والتي أعتبرها “تجربة مميزة ورائدة” وبها الكثير مما نحتاج إلى “تعلمه”، ولقد قامت حكومة جنوب أفريقيا مشكورة بترتيب عدد من اللقاءات لي بمسؤولين ونشطاء ومثقفين ورجال دين.

وقد كان من ضمن برنامج الزيارة اللقاء مع  ممثلي الطوائف الدينية المختلفة بمدينة كيب تاون.. فتمت دعوتي إلى مقر يجمع وينسق نشاطات ممثلي الأديان والطوائف، وهناك التقيت بممثلي الديانات الإسلامية واليهودية والمسيحية، بكافة الطوائف التي تشكلها، واستمعت إلى شرح منهم عن كيف أن “النضال” المشترك ضد العنصرية ونظام الفصل العنصري، وسنوات “السجن والنفي والتعذيب” قد قربت من وجهات النظر بينهم وجعلتهم يكتشفون “القيم المشتركة” التي تجمعهم وجعلتهم “يحترمون” بعضهم البعض.

 

كما أخبروني أنهم اتفقوا على العمل فيما يتفقون عليه، وعلى ترك “الخلافات” جانبا، وعدم الخوض فيها في مثل هذه الاجتماعات التي تخصص لقضايا مشتركة، مثل نشر الوعي الأخلاقي ومحاربة “الرذيلة” والحرص على تمثيل وت وضيح رأي الأديان في القضايا والقوانين المطروحة على البرلمان.

وأعترف بأنني أعجبت كثيرا بما لمست من “تواصل إنساني ومن احترام متبادل”.

تحدثت مطولا مع شيوخ الجالية الإسلامية، وأخبروني بأنهم يعيشون “وضعا مميزا” خصوصا في مدينة كيب تاون التي وصلها أجدادهم مبكرا كعمال، جلبهم الهولنديون للعمل في المستعمرات الجديدة وكيف أن ما نديلا وحزبه كتقدير منهم لدور المسلمين في محاربة العنصرية كانوا حريصين على “حسن تمثيل المسلمين” في السلطة الجديدة، ورغم قلة عدد المسلمين فكان من نصيبهم منصب وزير العدل والسفير بالولايات المتحدة، وعدد آخر من المناصب المختلفة.

حدثوني عن أن هناك العديد من الصعاب والتحديات التي تواجههم وخصوصا في “تربية الأجيال القادمة وتعليمها والحفاظ على هويتها”. لم يبدو منهم أي “خوف أو قلق” تجاه الأديان الأخرى، بل ماسمعته ولمسته كان كله توقيرا واحتراما.

تأملت هذه الصورة هذا الصباح.. فأحيت أحاسيس متناقضة بداخلي..

أدرك عمق “الفجوة الأخلاقية والفكرية” التي تفصلنا عنهم.

والتي تدفعنا إلى أن “نتصارع ونتقاتل بروح جاهلية”

ولكني أدرك أيضا أنه من “الممكن” على البشر أن “يتفقوا”.

إذا ما قاموا بترتيب “أولوياتهم” بشكل صحيح..

وإذا ما أحسنوا تقدير الاختلاف وإدارة الخلاف.
وأنه إذا ما استطاع أبناء الديانات المختلفة “أن يجلسوا معا” وتباحثوا، كذلك يستطيع أبناء الوطن الواحد والديانة الواحدة.

إن لم يكن من أجلنا فعلى الأقل من أجل الأجيال القادمة التي تستحق أن تعيش في ظروف مختلفة، وأن تنعم بالتعايش والتسامح والتعاون بدلا من الحروب والدمار والخراب.

فهل نحن فاعلون؟…

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى