اخبارالرئيسيةعيون

هل تكون لجنة حوار جديدة آلية بديلة لحل الأزمة الليبية؟

العربي الجديد-

مع استمرار عدم توافق مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة في ليبيا على خريطة طريق واضحة أو قاعدة دستورية تقود للانتخابات الرئاسية والبرلمانية المؤجلة منذ ديسمبر/ كانون الأول 2021، يتواتر الحديث هذه الأيام عن آليات بديلة تحدث المبعوث الأممي عبدالله باتيلي، في إحاطته الأخيرة أمام مجلس الأمن الدولي، في 11 يناير المنصرم، عن إمكانية التوجه إليها.

وفي الخضم، تناقلت وسائل إعلام ليبية ودولية أنباء حول عزم مركز الحوار الإنساني على تشكيل لجنة حوار من أعيان وحكماء ليبيا ومؤسسات المجتمع المدني، للتشاور حول اختيار سلطة تشريعية وتنفيذية جديدتين. بيد أنّ المستشار الأول لدى مركز الحوار الإنساني لمنطقة شمال أفريقيا والشرق الأوسط أمية الصديق نفى عزم المركز على تشكيل أي لجنة، مؤكداً أنّ المتداول “إشاعات”، وهو ما أكدته البعثة الأممية أيضاً عبر موقعها الإلكتروني.

وقال الصديق، لـ”العربي الجديد”، اليوم الخميس، إنّ “تحليل المركز للوضع هو أنّ الليبيين سئموا هذه الحوارات والأجسام الجديدة، ويعتبرون أنّ هذه الطريقة تساهم في تدوير الأزمة وإدامتها، ونحن نشاطرهم الرأي”.

 

وفي تقدير الصديق، فإنّ الشروط الموضوعية لانفراج الأزمة الليبية “موجودة، لكنها تقتضي الشجاعة ونكران الذات من الفاعلين داخل ليبيا ومن الأطراف الخارجية المتداخلة”، التي يرى أنها “تملك النسبة الأكبر من إدامة الأزمة”، مضيفاً “الليبيون يعرفون ما يريدون، وهناك حلول ممكنة، وهذا لا يتطلب سنوات أخرى من الحوارات والأجسام الجديدة. وبناء عليه، لا يمكن أن نساهم في ما نعتبره خطأ”.

وفي الاتجاه ذاته، أكد الباحث في الشأن السياسي والدستوري محمد محفوظ انتهاء الشراكة بين مركز الحوار الإنساني والبعثة الأممية، وأن أي خيارات بديلة لن يشرف عليها المركز، خاصة مع مشكلة التمويل التي تعاني منها البعثة.

وساهم مركز الحوار الإنساني في مساعدة البعثة الأممية لدى ليبيا في بناء ملتقى الحوار السياسي، بناء على عقد شراكة بينهما، وأنتج الملتقى خريطة الطريق السابقة التي كان مقرراً أن تقود البلاد إلى الانتخابات في نهاية العام 2021.

وتوقع محفوظ أن يكشف باتيلي عن الملامح الرئيسية لخطته في إحاطته المقبلة أمام مجلس الأمن الدولي، في 23 فبراير الجاري، مرجحاً تشكيل لجنة حوار “لكن ليس بالشكل المتوقع عبر النسج على التركيبة السابقة”، وفقاً لحديثه لـ”العربي الجديد”.

وأرجع محفوظ ذلك لعدة عوامل: “أهمها التمويل، واستغراق الوقت في الحوار، هذا بالإضافة لصعوبة الخوض في خريطة سياسية جديدة، بينما الأولى لم تصل لغاية الانتخابات”، ووفقاً لتقديره، فإنّ “الحوار هو الحل، والآلية البديلة ضرورية أيضاً بسبب تباعد المجلسين”.

وأردف قائلاً: “إعطاء فرصة للمجلسين ضياع للوقت دون فائدة، والآلية المناسبة هي ترميم ملتقى الحوار، وإطلاق حوار سياسي جديد، شرط تفادي أخطاء الماضي، والانكفاء على القاعدة الدستورية”.

كما توقع محفوظ “رضوخ المجلسين ومشاركتهما في أي لجنة حوار قادمة، لكن بنسبة هامشية كالسابق”، وأن “تتبلور العملية السياسية المقبلة في حزمة واحدة من: قاعدة دستورية وسلطة تنفيذية جديدة”، مستبعداً تضمين ملف المناصب السيادية في أي حوار مقبل.

ومع أن محفوظ يتمنى تزامن أي حوار سياسي مقبل مع مصالحة وطنية جامعة، لكنه يرى ذلك صعباً، بسبب حاجة المصالحة لسلطات تشريعية وتنفيذية تحمل الشرعية المباشرة، وقضاء لم يوظف سياسياً، وبإمكانه فتح التحقيقات وجبر الضرر. ولذلك يستبعد أي مشروع آخر موازٍ لذلك المؤدي للاستقرار السياسي وتجديد الشرعية، ثم التوجه مباشرة لمصالحة وطنية جامعة.

وفي ما يخص موقع حفتر والكتائب المسلحة غربي البلاد، رأى محفوظ أنّ هؤلاء “يوصلون الآن رسائل بأنهم الأطراف الفاعلة في المشهد باعتبارهم يمتلكون السلاح، وبالتالي نجد منهم من يتحدث عن أنه هو الذي سيصنع الحكومة والانتخابات ولا طرف يمثله، فلا أحد اليوم يقول إنّ المجلسين يمثلانه، والكل يرى أنه يمثل نفسه ويستطيع صنع الفارق، وهذا الأمر جعل بعض الأطراف تتجه إليهم وتتجاوز الكيانات السياسية”.

وأضاف أنه “بالنسبة لي هذا خيار غير جيد، فالمخرجات لن تكون على معيار عال من القدرة على إنجاز الاستحقاقات، لكن إشراكهم في المشهد أمر لا مفر منه، ويفرضه الواقع، باعتبارهم يمتلكون السلاح، وبدونهم يصعب تطبيق أي مخرجات”.

من جهة أخرى، رأى الكاتب في الشأن السياسي يوسف البخبخي أنّ كل الإجابات هنا متوقفة على مقصد باتيلي من “الآليات البديلة”، و”كذلك الأطراف الدولية، وخاصة الدول الخمس التي احتضنت هذا المصطلح”، في إشارة إلى البيان المشترك لدول الولايات المتحدة الأميركية، وألمانيا، وإيطاليا، وبريطانيا، وفرنسا، الصادر في 28 ديسمبر الماضي، والذي حذروا فيه مجلسي النواب والدولة من إمكانية اعتماد “آليات بديلة”، إذا لم يتمكّن المجلسان من الاتفاق على إجراء الانتخابات.

وأوضح البخبخي رأيه بالقول لـ”العربي الجديد”: “من هنا بدأت فكرة الحوار، وشرعت الأطراف تتدافع بغية تضمينها في أي لجنة قادمة، لتجيير أي تغيير لصالحها”.

وفي منظور البخبخي، فإن “الفكرة ليست في اللجنة من عدمها بقدر جدية البعثة الأممية والأطراف الدولية في الوصول إلى حل”، مبدياً خشيته “من تكرار المعطيات ذاتها، وصنع لجنة تتضمن أطرافاً ليس من مصلحتها صناعة حل، بل إبقاء الأمور على ما هي عليه، أو أخرى موظفة في الصراع”.

وشدد البخبخي على ضرورة انتقاء أعضاء أي لجنة بناء على قراءة موضوعية للواقع، وبمعايير تستهدف صناعة الحل، وليس “تلك المشوهة التي أنتجت ملتقى الحوار السياسي السابق”، وفق قوله.

ورصد احتمالاً ضئيلاً لكون تلويحات باتيلي “تهدف لمجرد الضغط على المجلسين ودفعهما نحو التوافق”، ووفق تصوره، فإنّ “أذهان الأطراف الدولية تتجه نحو تجاوز الأجسام الفاشلة للاقتراب من الحل وصناعة الانتخابات”.

واستدرك البخبخي قائلاً: “المجلسان لا يريدان انتخابات، ويسعيان فقط لتغيير السلطة التنفيذية، وهذا في حقيقته إرجاء للعملية الانتخابية، ويجب توجيه أي حوار إلى مشروع الانتخابات، وذلك عبر معالجة النص القانوني والدستوري والانطلاق في العملية، وإلا سيستمر الدوران في الحلقة المفرغة ذاتها”.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى