الرئيسيةالراي

رأي- عن ماكرون والإسلام

* كتب/ عزمي بشارة،

  1. قطاع كبير ممن أدانوا، من دون “ولكن”، ومن دون تبرير للجريمة، قتل المعلم الفرنسي بسبب دروسه لا يرون أن المس المقصود بمقدسات الشعوب الأخرى يُعَدُّ جزءا طبيعيا من حرية التعبير، هذا مع أن بعضهم يرفض المبالغة في رد الفعل عليه ما دام هذا المس يبقى مقصورا على بعض المهووسين الهامشيين، ولأن الحضارات الكبرى الراسخة لا يهزها الكلام. ولكن حتى بالنسبة لمن يصنف هذا المس ضمن حرية التعبير للهوامش القصوى يميز بين ذلك، وبين التشجيع عليه بحجة التضامن مع ضحية قمع حرية التعبير. وما تقوم به الحكومة الفرنسية عمليا هو التشجيع عليه ليصبح العداء للإسلام نوعا من العرف المقبول بحجة التضامن مع حرية التعبير. وهذا مرفوض ومدان.
  2. يتكلم ماكرون للفرنسيين في سباق انتخابي مع ماري لابين، ولكنه ينسى أمرين: الأول أن المسلمين يسمعون ما يقول، سيما أنه لا ينتقي مفرداته بعناية حين يتحدث عن الإسلام هكذا ببساطة، ولا يفصل بينه وبين التطرف ولا يبرئ الإسلام من الجرائم التي يقترفها البعض باسمه، بل يعتبر الإسلام في أزمة، والثاني أنه بذلك يسهم في خلق أجواء العداء للمسلمين والأجانب، ما يهيئ المزاج العام المواتي لماري لابين وأمثالها.
  3. لم يقل أي رئيس دولة مسلم سواء أكان يعجبنا أم لا أن البوذية في أزمة بسبب الجرائم بحق الروهينغا، ولا حمل أحد القادة العرب الكونفوشية مسؤولية ما يجري للمسلمين الإيغور في الصين (بل بالعكس ملأوا أفواههم ماءً للأسف ولم يدينوا حتى السياسات ذاتها)، ولم نسمع عن رئيس دولة مسلم خرج للحديث عن أزمة في المسيحية حتى بسبب الجرائم التي ترتكب باسمها، ولا أقصد جرائم ارتكبتها دول علمانية ذات أغلبية مسيحية بل جرائم ارتكبت باسم المسيحية.
  4. الإسلام دين عظيم يتبعه مليار ونصف المليار إنسان، وتوسم باسمه حضارة كاملة، ولا يجوز الزج باسمه بهذه الخفة عند مكافحة العنف والإرهاب والتطرف. ويجب أيضا ان تفهم الحكومات في الغرب أنه عند غالبية الشعوب تعتبر الديانات مكونا في الهوية للمتدينين وغير المتدينين على حد سواء، وهؤلاء يعادون العنف والتطرف والإرهاب، ويرفضون الرد على الكلام بالقتل، ولكنهم يعتبرون المس بالدين مسا بكرامتهم. كما يجب أن يفهم ماكرون أن حرية التعبير لمهاويس يهوون المس بمقدسات الشعوب الأخرى، لا يعني التسامح مع هذا المس وقبوله بوصفه أمرا عاديا، بل يجب التثقيف ضده، لا التشجيع عليه بحجة التضامن مع حرية التعبير.
  5. إذا كان ثمة ناصحين عرب مسلمين لماكرون فهذه مصيبة.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى