الرئيسيةالراي

رأي- اليوم الفرنسي للحجاب

* كتب/ حسين المرابط،

بصراحة، أصبحت على قناعة تامة بأن المجتمع الغربي، وهنا أقول المجتمع ولا أقول الحكومات، هو فعلا ذلك المجتمع الذي لطالما حدثونا عنه منذ نعومة أظفارنا، وقالوا لنا إنه ذلك المجتمع الذي إذا اشتكى منه عضو تداعت له بقية الأعضاء بالسهر والحمى….

في فرنسا، وتحديدا يوم الإثنين الماضي، صادف اليوم الفرنسي للتعري، تناقشت أنا وأحد اخوتنا العرب القاطنين هنا، واختلفت معه كثيرا عن موضوع فكرة التعري في فرنسا، والفارق الشاسع ما بين فكرة التعري عند المجتمعات الغربية، وما بينها عند المجتمعات الشرقية، واستفضنا في النقاش حول فكرة ما يسمى باليوم الفرنسي للتعري.. ووصلت معه في ذلك إلى باب مسدود؛ حيث أصر هو على أن الدافع الرئيس لهذا الحدث، هو نكاية في المتحجبات واستفزازا للعالم الإسلامي، وكانت فكرتي أن هذا الحدث يخص الفكر والحريات، ولا علاقة له بالتجاذبات الدينية..

لم أتوصل مع صديقنا العربي إلى اتفاق يرضي الطرفين، فتفارقنا وكل منا غير مقتنع برأي الآخر.

أفاجأ يوم أمس، وأنا خارج من المنزل في الصباح، بمنظر رهيب في شارعنا يسر الناظرين؛ كل الفتيات اللواتي يرتدن ثانوية باستر وكولليج فيكتور هيغو يرتدين الحجاب باللونين الأبيض والأسود فقط، ومنهن من يستبدلن الأسود بالأزرق تعاطفا مع مسلمي الأيغور.

ما أثار إعجابي في هذا الموضوع ليس الحجاب في حد ذاته ولا الألوان البيضاء ولا السوداء ولا حتى الزرقاء، ولكن ما أعجبني هو فكرة اليوم الفرنسي للحجاب، التي أرجعتني إلى أيام مدرسة أبودبوس القرآنية التي كنا نحفظ فيها القرآن، ونتعلم فيها بأننا كالجسد الواحد، إذا اشتكى منه عضو تداعت له بقية الأعضاء بالسهر والحمى…

وأنا راجع إلى البيت، التقيت بجاري، وتبادلت معه أطراف الحديث عن هذا الموضوع، وشاركتنا في ذلك جارتنا الإسبانية التي كانت تضع خرقة سوداء على رأسها إحياء لليوم الفرنسي للحجاب، واتضح لي أن هذه الفكرة انبثقت في اليوم العالمي للتعري، عندما تنبهت المتعريات أنهن أحرجن المتحجبات وجرحن مشاعرهن دون أن يقصدن ذلك.. فتنادت كل فتيات فرنسا، وفي نفس اليوم، على وسائل التواصل الاجتماعي، وقررن أن يكون يوم أمس الثلاثاء هو اليوم الفرنسي للحجاب، اعتذارا منهن لكل المتحجبات، ودعما لكل مسلمة تعيش في فرنسا، أو ترتادها من حين إلى آخر….

فالحمد لله الذي أطال في عمرنا وأرانا على أرض الواقع ما كنا نسمع به ولا نراه في طفولتنا عن المجتمع الذي هو كالجسد الواحد، والذي إذا اشتكى منه عضو، تداعت له سائر الأعضاء بالسهر والحمى….

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى