الرئيسيةالراي

رأي- الملاك..

 

 

 

 

* كتب/ نعيم الغرياني- وزير سابق

 

كنت أشاهد فيلم الملاك الذي ظهر قبل أسبوعين ويحكي قصة “أشرف مروان” صهر الرئيس الراحل جمال عبدالناصر ومستشار الرئيس السادات ومبعوثه الشخصي إلى القذافي الذي حظي بمساحة لا بأس بها في الفيلم، وتورط أشرف مروان مع المخابرات الإسرائيلية (الموساد)، ربما في لحظة ضعف بشرية أوقعه فيها حسبما ورد في الفيلم حنقه على صهره الذي لم يكن يحمل لزوج ابنته كثيرا من الاحترام، وربما بسبب إغراء المال والنفوذ، وربما بدافع وطني لاح له بعد سقطته ووجد فيها مبررا جعله يواصل مغامرته الخطيرة، أو برغبته في تحقيق سلام بين وطنه مصر وإسرائيل كما حاول الفيلم أن يقدمه، ولعله بخليط من بعضها أو كلها كما هو الحال في سلوك البشر الذي كثيرا ما تختلط فيه الدوافع والمؤثرات المختلفة وأحيانا المتناقضة وتتداخل.

وصادف أثناء مشاهدتي للفيلم أنني كنت، شأن كثير من الليبيين المصدومين مما يجري في وطنهم هذه الأيام، أتصفح الإنترنت في محاولة لفهم المشهد المأساوي الذي عاشته طرابلس الأسابيع الماضية، عين على شاشة التلفاز وعين على شاشة الكمبيوتر، ومر بي بيان نواب طرابلس الهزيل حول أحداث العاصمة المؤلمة، ضمن سيل البيانات التي ملأت فضاء التواصل الاجتماعي الليبي من الشخصيات والكيانات الرسمية وغير الرسمية والمجالس القبلية والعسكرية والقيادات الشعبية والميليشياوية والمجموعات المسلحة “الشرعية” وغير الشرعية والهيئات الدولية.

وفي وسط تلك الأجواء المشوشة والمؤلمة تذكرت مجلس النواب الموقر وما آل إليه خلال الأربع سنوات الماضية، وكيف أوصل ليبيا إلى الأزمة التي تخنق أنفاسها اليوم، وأنه أول من يتحمل وزر مأساة الوطن الذي تتباكى عليه هذه المجموعة أو تلك في بياناتها، وكان الأجدر بتلك المجموعات والشخصيات التي تنتمي إلى المؤسسات الرسمية أن تبادر إلى تصحيح الأوضاع بخطوات عملية شجاعة وأن تترك بيانات الشجب والاستنكار لغيرها.

ولكن كثيرا من النواب الموقرين والساسة المبجلين اختار وللأسف أن تكون مصلحته الشخصية هي العليا، أحيانا بذريعة المحافظة على وحدة الوطن وأحيانا بدون ذريعة وربما بدون حياء.

وأخفقتُ في دفع أفكار استدعتها أجواء فيلم الملاك حول أساليب أجهزة المخابرات القذرة في توظيف سلوكيات المجون وسيكولوجية الطمع والجبن واحتقار الذات والشعور بالنقص إلى جانب الغباء السياسي أحيانا وضعف الخبرة السياسية عند البعض، وحول طول باع أجهزة المخابرات المصرية في الابتزاز، ومدى عمق جيوب شيوخ جزيرة العرب وكرمهم الحاتمي على حساب شعوبهم، وتصميم النظام العربي الاستبدادي المرتجف، بشقيه العسكري والعشائري، على إرجاع مارد الربيع العربي إلى مصباحه بأي ثمن، وإن أدى ذلك إلى حرق المنطقة كلها، وفرَض سؤالٌ نفسه: يا ترى إلى أي حد ساهمت مثل هذه العوامل فيما آل إليه مجلس النواب وفي سلوك عدد من أعضائه ومن بعض الذين يتصدرون المشهد الليبي اليوم؟

مع اعتذاري للشرفاء في ليبيا وفي مصر وفي جزيرة العرب.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى