الاخيرةالراي

رأي- إيّاك أن تفكر في الغد!

* كتب/ حسن الأشلم،

إياك أن تفكر في الغد أو في الذي بعده…

نصيحة مستخلصة من تجارب الأسلاف، إياك ثم إياك -في هذه البلاد- أن تخطط للغد أو لليوم الذي بعده، عش كل يوم بيومه… لأنك -باختصار- ستضيع الحاضر والمستقبل، وستتمنى العودة إلى ماضيك الحالم الذي لن يعود أبدا..

وسيكون حالك -تماما- كحال الحاج مفتاح؛ الذي ذهب إلى سوق الخضروات المفتوح في الهواء الطلق، وبما أن (آخر السوق خربة) كما يقولون، وجد بائع الخضار الرقيق يصرخ: (كملنا بنروحوا.. هيا شك الخضار الكبير بدينارين بس… يا بلاش هيا..)، وقف الحاج مفتاح، ولفت به الدنيا نصف لفة إلى جهة اليمين… من عشرين إلى دينارين، فعلا يا بلاش، وليس ذلك فحسب، سيخزن الخضار المفروم في المجمد – على الأقل- لشهر أو شهرين، سيشتري عشرة بثمن شُك واحد، راحة للبدن والجيب معا…

عاد إلى البيت منتشيا، استقبلته الحاجة على الباب… (هاك خودي زيطي في الخضار… يا بلاش بدينارين بس…) صمت الحاجة لم يعجبه لكن ابتسامتها المتأخرة أسعدته… باغتته… (ما شاء الله، خلاص عدي جيبلنا كرشة قعود، وبنادي البنات وضناهن، والأولاد والكناين، خليهم يلتموا، اليوم جمعة، ومن زمان نفكر نناديهم مع بعض، راك تنسى اتجيب لحم للفرم، ومشروب، وعصير، وليم، وخبزة، وكلينكس، وشوية موز، وتفاح، والسكر بيتم، وقهوة، و…) شعر بدوار خفيف أفاق منه في دكان اللحم.

 

كان يوما حافلا… لعن فيه الحاج مفتاح العصبان، والخضار، َوالتفكير في غد، الذي جعله يوفر ثمانية عشر دينارا، ويصرف مائتين َوخمسين، ناهيك عن فقدان يوم راحته، وسط صراخ أحفاده، الذين أجهزوا على الخمسين المتبقية في جيبه لصالح دكان الغذائية المجاور، وتحطيم نافذتين، وتكسير الأشجار المغروسة حديثا، وصداع حاد، وضيق في الصدر استمرا معه حتى مطلع الفجر…!.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى