الاخيرةالراي

تهريب البغدادي المحمودي ..

 

كتب/ أبوبكر البغدادي 

 

لأجل ماذا يتم تهريب البغدادي المحمودي رئيس آخر حكومة في عهد القذافي؟ هل ثمة صفقة سياسية؟ أم صفقة فساد كبيرة تورطت فيها سلطات قضائية أو سياسية أو كلاهما؟

أليست دعوة صريحة في هذا التوقيت لاستيفاء الحق بالذات بعيدا عن المؤسسات الرسمية؟

 

كلمة “تهريب” ليست المناسبة هنا، الاسم الصحيح “إفراج صحي” حمل توقيع وزير العدل بالحكومة الليبية، وأقرته السلطات القضائية دون أن تظهر في الصورة، وعززه كتاب من رئيس المجلس الرئاسي. فعلام الاحتجاج إذا؟

 

لنذكّر أولا من هو المعني، فهو آخر رئيس حكومة في عهد القذافي، والذي واصل معه المشوار إبان قمعه لثورة فبراير 2011م، وعندما وصل الثوار إلى داره بالعاصمة طرابلس كان قد هرب، فتخطى الحدود التونسية بشكل غير قانوني، الأمر الذي استدعى توقيفه هناك، ووجهت له تهمة دخول البلاد بشكل غير شرعي، وفي 2012 سلمته السلطات القضائية في تونس إلى نظيرتها  في ليبيا بإجراءات رسمية، قيل وقتها إن في الأمر صفقة مالية كبيرة، وصلت إلى ربع مليار دينار؟ فهل كان البغدادي وقتها يستحق كل ذلك؟

يبدو أن رئيس الحكومة السابق قد تورط في جرائم حرب، فبعيدا عن سنوات توليه للحكومة وما قد يفتح بحقه من ملفات ويطاله من شبهات، فإن المحمودي عقب اندلاع الانتفاضة الشعبية في 2011 لم يكتف بالانحياز للنظام القمعي، بل تولى بنفسه تجنيد متطوعين وتسليحهم وتوجيههم للقتل، ثم سجلت في حقه جريمة لا تغتفر في ليبيا، بل فضيحة لا يتجاوزها إلا ديوث!

 

لقد ضبطت للبغدادي المحمودي أمين اللجنة الشعبية العامة في ليبيا وقتها مكالمة هاتفية يصدر فيها تعليماته بانتهاك الحرمات، واغتصاب النساء، وبأسلوب حيواني مقزز، من لم يستفزه فليسأل عن أبيه.

القضاء الليبي “النزيه”، حاكم البغدادي، وحكم عليه بالإعدام رميا بالرصاص في 2015، وظل رهين المحبس بانتظار استكمال إجراءات الطعن واستيفاء الإجراءات، لكن وفي العشرين من يوليو 2019م، وفيما الحرب على أسوار طرابلس، وشبح الموت يجوب أحياءها، أطلق سراح المحكوم بالإعدام، خوفا عليه من الموت!

 

سيقول أهل الاختصاص إن الإجراءات سليمة قانونا، أليس هذا أدعى للتحرك لو كان، فالنصوص القانونية يمكن على الدوام تأويلها، وعلى الدوام يمكن لقاض مرتش أن يجير النص القانوني لصالح الجاني، وضد المجني عليه.. فهل حصل شيء من هذا في القضية رقم (630/2012)؟

هل في الأمر صفقة سياسية؟  قد ندوس على مقدساتنا، لو كان الثمن الذي سنجنيه يستحق هذه التضحية العظيمة، هل سيخرج المحمودي بعد هروبه خارج البلاد ويعتذر -أولا- لليبيين؟ كما اعتذر سيف القذافي وأبوزيد دوردة والسيد قذاف الدم وبن نايل، وكما سيعتذر عبدالله السنوسي وأحمد إبراهيم ومنصور ضو لاحقا عقب خروجهم، ضمن القائمة الطويلة للأسماء التي أفرج -أو سيفرج- عنها لنفس الأسباب!

 

هل ستضع -بخروجه- الحرب أوزارها ويجبر الضرر، وتستوفى الحقوق، وتعود ليبيا إلى الاستقرار المفقود منذ خمس سنوات؟ ويتوقف مسلسل التخريب المتعمد لمقومات الحياة في الحواضر الليبية وخاصة العاصمة؟ ونسير نحو مصالحة وطنية شاملة؟

هل ستنعم ليبيا أخيرا بحكم ديمقراطي وترفرف راية الرخاء التي خبت منذ خمسين عاما؟

 

لو كان هذا الثمن، فواجبنا أن نشكر من تورط في هذه الصفقة. سنعتذر إليهم أيضا، ولتذهب مصطلحات الدماء المعصومة وصون الأعراض إلى أرض أخرى، فقد بعناها وقبضنا الثمن. وإلا فما الداعي؟

ألا يفتح هذا ملف القضاء الليبي على مصراعيه، ويستوجب وضع الملح على الجرح قبل أن يتعفن؟ إلا إذا كان الملح نفسه قد تعفن!

ألم يحن الوقت لرد الاعتبار إلى “عمارة الخطابي”؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى